انطلاق الحملة الانتخابية في كردستان وسط شكوك حول نزاهتها

الحزبان الحاكمان الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني يمارسان نفوذاً كبيراً على وسائل الإعلام وقوات الأمن والخدمة المدنية.

أربيل – يستعد إقليم كردستان العراق لإجراء انتخابات تشريعية طال انتظارها في 20 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، في ظل تحديات سياسية واقتصادية وجيوسياسية خطيرة، ما يجعل مسار الإقليم ووحدته ومؤسساته على المحك مع وجود مخاوف بشأن مدى حرية ونزاهة الانتخابات.

وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، انطلاق الحملات الدعائية للدورة الانتخابية السادسة لبرلمان كردستان المقررة بدءاً من الأربعاء حتى 15 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

وتواجه العملية الانتخابية تحديدات داخلية تثير القلق من أبرزها أن الحزبين الحاكمين "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني" يمارسان نفوذاً كبيراً على وسائل الإعلام وقوات الأمن والخدمة المدنية.

ويتعرض الموظفون العموميون والمواطنون لضغوط وتحفيزات للتصويت لصالح الحزبين الرئيسيين، فيما يتكبد المعارضون تكاليف باهظة، كما أن مشاركة الناخبين في العملية الانتخابية تراجعت نتيجة الاعتقاد السائد بأن التغيير عبر صناديق الاقتراع أمر مستحيل تحقيقه.
وتخلق هذه العوامل مجتمعة ساحة غير متكافئة، وتحد من إمكانية تحقيق أي تغيير حقيقي، وهي أمور تم رصدها خلال الدورات الانتخابية السابقة.

لأول مرة منذ حصول إقليم كردستان على الحكم الذاتي في أوائل التسعينيات، ستتولى "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات" إدارة العملية الانتخابية

أما بالنسبة للعوامل الخارجية المؤثرة على العملية الانتخابية، فهي أكثر تنوعاً، حيث يُسهم الدور الجديد الذي تلعبه الحكومة الاتحادية العراقية في الإجراءات الانتخابية، بالإضافة إلى التغيرات في المشهد الجيوسياسي، في خلق حالة من عدم اليقين.
ولأول مرة منذ حصول إقليم كردستان على الحكم الذاتي في أوائل التسعينيات، ستتولى "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات" إدارة العملية الانتخابية. وعلى النقيض، لم تكن مشاركة الأمم المتحدة والجهات الدولية الأخرى بالقوة نفسها التي كانت عليها في الدورات السابقة.

وتثير هذه العوامل الداخلية والخارجية مخاوف بشأن مدى حرية ونزاهة الانتخابات وعلى الرغم من أن شركاء كردستان قد بذلوا جهودًا سياسية كبيرة للضغط على "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني" من أجل إجراء الانتخابات في الأساس، إلا أن الوقت لا يكفي لمعالجة المشكلات الكثيرة التي تواجهها قبل توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع صناديق الاقتراع. وبالتالي، قد يبدو إجراء الانتخابات، بغض النظر عن جودتها، إنجازا مهما لكنه ليس كافيًا.

وكان من المفترض أن تُجرى انتخابات برلمان كردستان قبل عامين، وجاءت التأخيرات المتتالية بسبب الخلافات المستمرة بين "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني"، حيث اعتقد كلا الحزبين في عدة مناسبات أن مصالحهما لن تتحقق من خلال الاحتكام إلى الشعب، مما دفعهما لتعطيل العملية الانتخابية متذعرين بأعذار وتبريرات مختلفة. وقد تفاقمت الأمور بينهما لدرجة أن الخلافات الإجرائية تصاعدت بينهما إلى حد العنف داخل برلمان كردستان. وفي نهاية المطاف، انتزعت المحكمة الاتحادية العليا العراقية مسؤولية إدارة العملية من أيدي الحزبين، وأسندتها إلى "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات".

وكشف رئيس مجلس المفوضين القاضي عمر أحمد محمد في مؤتمر صحفي أن الانتخابات تضم مشاركة 136 قائمة انتخابية و1190 مرشحاً، مشيراً إلى تشكيل لجنة لمراقبة الحملات الانتخابية ومتابعة الخروقات والمخالفات التي قد ترافقها.

من جانبها، أوضحت المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جمانة الغالي خلال المؤتمر أن المفوضية نسقت مع المؤسسات في المحافظات لتمكين إجراء الحملات بحرية مع مراعاة الآداب العامة. وشددت على أنه غير مسموح لموظفي الحكومة بالدعاية للمرشحين من خلال استخدام عملهم أو من خلال أي مؤسسة عسكرية.

ويتنافس المرشحون في إقليم كردستان على 111 مقعداً في البرلمان يخصص منها 11 للأقليات القومية والدينية وهي موزعة بشكل خمسة مقاعد للتركمان وخمسة للمسيحيين ومقعد واحد للأرمن.

وكانت رئاسة إقليم كردستان، أعلنت تحديد يوم 20 اكتوبر/تشرين الأول 2024 موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية في الإقليم، حيث وقع رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني في 26 يونيو/حزيران 2024، أمراً إقليمياً يحدد موعد إجراء انتخابات الدورة القادمة لبرلمان كردستان.

وجرت أول انتخابات لبرلمان إقليم كردستان في مايو/أيار 1992 حيث فاز الحزبان الكرديان الرئيسيان بجميع المقاعد بسبب الحاجز الانتخابي فيما حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني على 100 مقعد لكل منهما 50 مقعداً وذهبت 5 مقاعد لبقية الأحزاب.

كما جرت آخر الانتخابات البرلمانية في كردستان عام 2018 حيث حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 38 مقعداً وحلت حركة التغيير بالمرتبة الثانية بحصولها على 24 مقعداً بجانب 18 مقعداً لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.