انقسام في الإطار التنسيقي بشأن الانسحاب الأميركي من العراق

محمد شياع السوداني يبدي مرونة في التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن رحيل قواتها من العراق، فيما تدفع قوى في الإطار التنسيقي باتجاه تسريع الانسحاب.

بغداد - يثير ملف المفاوضات بين بغداد وواشنطن بشأن انسحاب قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية 'داعش' من العراق خلافات بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والإطار التنسيقي الذي يضم القوى السياسية الموالية لإيران، إذ تضغط مكوناته الشيعية بهدف تسريع انسحاب القوات الأميركية من البلاد تنفيذا لأجندة إيرانية، فيما يبدو السوداني عالقا بين إرضاء طهران وعدم إغضاب الولايات المتحدة.

وأشارت تقارير إلى أن الإطار التنسيقي منقسم إلى شقين يضمّ الأول السوداني ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم ورئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي رئيس الوزراء الأسبق، ويبدي مرونة في المفاوضات بشأن انسحاب القوات الأميركية من البلاد ويرفض التصعيد مع الولايات المتحدة محذرا من تداعياته على العلاقات بين البلدين، وفق موقع إذاعة "مونت كارلو" الدولية.

وفي المقابل يبدي الشق الثاني الذي يمثله رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وزعيم منظمة 'بدر' هادي العامري والحشد الشعبي الذي يضم ميليشيات مسلحة موالية لإيران، تشددا ويدفع باتجاه تسريع انسحاب القوات الأميركية من البلاد، فيما تذهب بعض الفصائل إلى حد التهديد باستئناف الهجمات على القواعد التابعة للولايات المتحدة بهدف إجبارها على الرحيل.

وكشف المصدر نفسه أن هذه المسألة تسببت في مشادات بين عدد من مكونات الإطار التنسيقي خلال اجتماعات انعقدت مؤخرا، إذ اتهم الشق المتشدد الولايات المتحدة باستخدام القواعد الأميركية في العراق لنقل الأسلحة إلى إسرائيل لمواصلة حربها على غزة، بالإضافة إلى اتهام واشنطن بالتجسس على ما يعرف بـ"المقاومة الإسلامية في العراق" الذي يضم ميليشيات موالية لإيران.

ويأتي هذا التطور في سياق الضغوط التي تمارسها إيران عبر أذرعها في العراق بهدف تسريع رحيل القوات الأميركية من جارتها، في وقت تكثف فيه جهودها لتعزيز نفوذها في البلاد.

وتحوّل العراق خلال الأعوام الماضية إلى ساحة لتصفية الحسابات بين الولايات المتحدة وإيران، فيما تعتبر الأخيرة الوجود الأميركي في البلاد مهددا لمصالحها على جميع المستويات بما يشمل السياسي والاقتصادي والأمني.

ويعتبر مراقبون للشأن العراقي أن الوضع الأمني لا يزال هشا، محذرين من مخاطر انسحاب القوات الأميركية من البلاد، خاصة في ظل الهجمات الإرهابية التي شنتها خلايا التنظيم المتطرف خلال الفترة الأخيرة.

وتعتبر الولايات المتحدة أن الضغوط التي تتعرض لها بما فيها الهجمات التي استهدفت قواعدها ومصالحها في العراق من تدبير الجمهورية الإسلامية عبر تحريك ميليشياتها المسلحة في المنطقة.

ويعد العراق شريكا وثيقا للولايات المتحدة منذ الغزو الأميركي عام 2003 ولطالما أكد البلدان أنها يسعيان إلى توسيع علاقتهما من التركيز على الدفاع ومكافحة الإرهاب إلى التعاون الاقتصادي.

ومنذ اندلاع الحرب على غزة شنت الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران العشرات من الهجمات على القواعد الأميركية وردت الولايات المتحدة بضربات أسفرت عن مقتل عدد من قيادييها، مشددة على عزمها على وضع حد لاستهداف قواتها في البلاد.

ويوجد في العراق نحو 2500 جندي أميركي تقول الولايات المتحدة إن "مهمتهم تقديم المشورة والمساعدة للقوات المحلية التي تحاول منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على مساحات كبيرة من البلدين في عام 2014 لكن تم دحره في وقت لاحق".

وتعتبر واشنطن أن الوقت لم يحن بعد لسحب كامل قواتها من العراق، في ظل تواصل التهديد الإرهابي وحالة عدم الاستقرار الأمني في عدد من المناطق من بينها كركوك وصلاح الدين.

ويبدو السوداني، المدعوم من الإطار التنسيقي، في مأزق، إذ يسعى إلى تمتين العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة مدفوعا برغبته في إقامة شراكة اقتصادية، بينما يتفادى إغضاب إيران التي حذرته مؤخرا من الخروج من بيت الطاعة ودعته إلى الترشح للانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في العام المقبل ضمن قوائم الإطار التنسيقي.