باسيل المتمسك بدور المنقذ يواصل استفزاز اللبنانيين

مشاورات الأحزاب والسياسيين في لبنان تهمش دور الحراك الشعبي وترى في مطالبهم مجرد تفاصيل سيتم التطرق لها بعد تحقيق التوافق بينها حول الحكومة الجديدة.

بيروت - لا يزال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال بلبنان جبران باسيل يثير استفزاز المحتجين اللبنانيين بتصريحاته المثيرة للجدل، بعد أن كان أول السياسيين والوزراء الذين طالب الحراك برحيله.

وعبر باسيل الذي شن المحتجون اللبنانيون هجوما لاذعا ضده وهتفوا بشعارات تطالب برحيله منذ بدأ المظاهرات ليل 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن أمله في أن تكون محادثات تشكيل الحكومة المتعثرة تقترب من "خواتيم سعيدة" فيما قالت مصادر مطلعة أنه تم إبعاد الوزير السابق فعلا من المشاركة في الحكومة القادمة لإرضاء الشارع بعد ضغوط من عدة أطراف لبنانية ودولية.

واعتبر  باسيل اليوم الثلاثاء خلال مؤتمر صحفي له، عقب انتهاء اجتماع تكتل لبنان القوي النيابي المؤيد للرئيس اللبناني ميشال عون أن "نجاح الحكومة هو أهم من وجودنا فيها، ونحن نختار النجاح على وجودنا فيه".

وقال باسيل "إذا كان وجودنا في الحكومة سيمنع تنفيذ خطة الكهرباء والإنقاذ فنحن مستعدون أن نبادل وجودنا بأي عامل نجاح".

ويتعين على الساسة في لبنان الاتفاق على حكومة جديدة للحيلولة دون تفاقم الأزمة الاقتصادية وبغية جذب الاستثمارات الأجنبية، في ظل الجمود الذي اعترى المحادثات منذ استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري تحت ضغط احتجاجات لم يسبق لها مثيل.

وشن نشطاء لبنانيون هجوما جديدا على رئيس التيار الوطني الحر ردا على سلسلة تغريدات كتبها على تويتر للحديث عن المشاورات التي تجري حاليا بين الرئيس ميشال عون وبعض السياسيين حول تشكيل الحكومة.

وكتبت ناشطة على تويتر "الآن يعقد لقاء بين ميشال عون وسمير الخطيب بحضور "جبران باسيل"!! جبران باسيل شو محلو من الإعراب ؟ليش استفزاز الناس؟".

وأضاف مغرد آخر "كل تكليف أو تأليف أو تشكيل يبدأ باجتماعات جانبية مع جبران باسيل قبل الدعوة للاستشارات الملزمة سيسقط حتماً في الشارع .. والسقوط هذه المرة سيطال رئيس الجمهورية لأنه يُمعِن في تحدي الإرادة الشعبية".

وبرغم مرور أسابيع على استقالة الحريري من رئاسة الحكومة تحت ضغط الشارع، لم يدع الرئيس ميشال عون إلى استشارات نيابية لتشكيل حكومة يريدها المتظاهرون من اختصاصيين من خارج الأحزاب السياسية الحاكمة.

وكان عون قد تعرض لانتقادات هو الآخر بسبب صهره باسيل حيث يتهمه اللبنانيون بالتغاضي عن تجاوزاته وعدم سماع مطالب المحتجين اللبنانيين الذي يطالبون بحكومة تكنوقراط لكن الرئيس يريد فرض وجود صهره بأي ثمن ضمن الحكومة الجديدة.

لكن مراقبون للشأن اللبناني يؤكدون أن التيار العوني وحليفه حزب الله أصبحا في حالة ضعف واضحة دوليا ومحليا، حيث يرفض الحراك الشعبي أي محاصصة طائفية أو حزبية في الحكومة القادمة تكون ذات لون موحد بالرغم أن الأكثرية النيابية لصالحهم، بل أن الحليفان أعربا حاليا عن الاستعداد للتنازل ولو لحين مرور عاصفة الاحتجاجات في موقف يظهر حجم الضغوط الخارجية التي طالبت عون باستبعاد صهره من أي منصب في الحكومة المقبلة.

وجرت مناقشات ومفاوضات حول تشكيل الحكومة اللبنانية القادمة وطبيعة الأحزاب والأطراف التي ستشارك فيها خلال اجتماع رفيع المستوى ضم دبلوماسيين من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، في باريس يوم 19 نوفمبر الماضي.

وضم الاجتماع رئيس دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية ديفيد شينكر، ونظيريه الفرنسي كريستوف فارنو والبريطانية ستيفاني القاق.

وتحدثت مصادر لبنانية مطلعة عن بروز اسم رجل الأعمال سمير الخطيب لتولي رئاسة الحكومة اللبنانية الجديدة، خصوصا أن بعض المعلومات تتحدث عن أن النقاش معه طاول طبيعة الحكومة وعدد وزرائها كما سيناريوهات المشاركة.

وقالت مصادر مطلعة إن الخطيب التقى الحريري وباسيل، وكذلك ممثلي الثنائية الشيعية، الوزير علي حسن خليل عن حركة أمل وحسين خليل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.

ويرفض حزب الله تشكيل حكومة تكنوقراط ويدعو إلى تشكيل حكومة تكنوسياسية تجمع بين اختصاصيين وسياسيين برئاسة الحريري إلا أن الأخير رفض هذا الطرح.

لكن المعطيات الرسمية حول الاتفاق على اسم الخطيب لا تزال ضعيفة في ظل المشهد المضطرب في المنطقة والتطورات التي تشهدها مظاهرات الشارع اللبناني.

وفي نفس السياق كتب باسيل على تويتر "اللبنانيون يطالبوننا بإنقاذ البلد وإذا خيرنا بين وجودنا في الحكومة ونجاحها فنحن نختار النجاح ومستعدون أن نبادل وجودنا في الحكومة بأي عامل نجاح لها وذلك ليس هربا من المسؤولية بل لتحملها إلى حد التضحية بالذات سياسيا ولسنا متمسكين بالكراسي بل بمحاربة الفساد".

وردا على الانتقادات والرفض الذي عبر عنه اللبنانيون ضد أي تواجد له في الحكومة القادمة، كتب باسيل في تغريدة أخرى "نحن لا نعرقل بل نسهل حتى إلغاء الذات لتشكيل حكومة وإنقاذ البلاد".

وعلق نشاط على تغريدة باسيل قائلا إن "إعلان الوزير المخلوع جبران باسيل عن عدم تمسك التيار بأي حقيبة يعني أن القرار الأميركي الفرنسي، وبتخلي إيراني روسي واضح لحليف حزب الله أتى حاسماً بتحجيمه وبرمي أمثاله خارج السياسية اللبنانية جبران باسيل اليوم دوليًا وداخليًا أصبح ضعيف".

ويعتبر الحراك الشعبي الذي لا يزال زخمه يحشد اللبنانيين إلى ساحات الاعتصام في بيروت وطرابلس وعدد كبير من المدن اللبنانية الأخرى، أن مشاورات السياسيين والرئيس عون الحالية لا تزال تهمش مطالبهم بل تراه إلى اليوم تفصيلا ثانويا إذا تحقق توافق بين المكونات السياسية الكبرى.

ويطالب المحتجون اللبنانيون بحكومة ذات كفاءات وغير متحزبة تفتح ملفات الفساد في البلاد التي خرج من أجلها الشارع للاحتجاج منذ اليوم الأول للمظاهرات في ظل أزمة مالية وضعت لبنان على حافة الانهيار الاقتصادي.

ويتوقع مراقبون أن يجدد الشارع  اللبناني رفضه لأي حكومة يعاد تشكيلها حسب المحاصصة التي دأبت الطبقة السياسية في لبنان على توزيع الحقائب الوزارية من خلالها ما لم تحدث تغييرا جديدا وتعبر عن المسار الإصلاحي الحقيقي الذي يطالب به المتظاهرون لإنقاذ لبنان خصوصا أن عدد من رجال الأعمال والسياسيين الذي تم طرح أسمائهم إلى الآن في المشاورات الجارية تحوم حولهم أسئلة متعلقة بشبهات فساد.