باقر الصدر.. ما هو مشروعه غير ولاية الفقيه!

الصدر نظّر دورَي الخلافة والشهادة الأول عبر القرآن «إني جاعل في الأرض خليفة»، والثاني عبر قوله «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا» فالخلافة إدارة شؤون الدولة والشهادة الرقابة والتقويم ثم يتحد الدوران في المهدي المنتظر.

بقلم: ضياء الشكرجي

لست مدافعا عن السيستاني، لكني أقول إذا كان منّا من ينتقد السيستاني، فهو على الأقل ينتمي إلى مدرسة النجف التقليدية، التي لا تعتمد الإسلام السياسي، وإذا كنا نختلف مع هذه المدرسة التقليدية، كونها لم تستطع أن تقوم بتجديد للفقه، إلا أنها أفضل للعملية السياسية الديمقراطية، كونها لا تعتمد ولاية الفقيه والإسلام السياسي. ولو إنه أقحم نفسه في الشأن السياسي أكثر مما كان ينبغي، تارة بما هو مفيد، وأخرى بما هو مضر، فهو يتحمل فيمن يتحمل المسؤولية التاريخية في تحالفه مع قوى الإسلام السياسي الشيعية عام 2005، والتي احتاج إلى ما لا يقل عن خمس سنوات، ليكتشف سوءها وفسادها وعدم أهليتها لإدارة شؤون البلاد.

 مما يعني أنا ضياء الشكرجي، كمثال، أوعى منه سياسيا بدرجة كبيرة، إذ أنه قد شخّص في هذه القوى الشيعية الإسلامية، ما شخصتُه قبله بخمس سنوات على أقل تقدير، لكنه حتى عندما شخص ذلك، لم يفضح عيوب هذه القوى وضررها كما فعلت، ولم يعبر بطريقة غير مباشره عن اعتذاره، ليس بالضرورة باستخدام مفردة الاعتذار، لكن على الأقل بقول إنه منح هذه القوى ثقته ودعمها، وتبين له عدم أهليتها وعدم نزاهتها. ثم إن الصدر قد اعتمد ولاية الفقيه، الظاهر متأثرا بالخميني، بعدما كان يعتمد من قبل الشورى، بالرغم من أنها أقرب لتكون نظرية أهل السنة والجماعة، وكلتاهما على أي حال نظريتان بائستان هدفهما واحد، وهو إقامة الحكم الإسلامي، وتختلفان في الطريق للوصول لهذا لهدف، أعاذنا الله من تحققه.

صحيح ما كتبه سليم الحسني عن الصدر بأنه: قد «انطلق المشروع التغييري للإمام الشهيد محمد باقر الصدر في أجواء خاملة تسيطر الخرافة على معظمها». ولكن ما هي ملامح مشروع الصدر رحمه الله؟ كان مشروعه – على الأقل لحين إعدامه رحمة الله عليه – هو مشروع الدولة الإسلامية، وذلك على نظرية ولاية الفقيه، كما أكد ذلك في الكتيبات التي جمعت بعد إعدامه تحت اسم «الإسلام يقود الحياة»، ولو إنه يختلف قليلا في فهمه لولاية الفقيه، عن فهم الخميني، فالصدر نظّر في كتابه المذكور حول دورَي الخلافة والشهادة في القرآن، الأول عبر قول القرآن «إني جاعل في الأرض خليفة»، والثاني عبر قول «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا»، فالخلافة عنده هو إدارة شؤون الدولة سياسيا، والشهادة هي الرقابة والتقويم. ثم شقق لذلك بأن الدورين يتحدان في المعصوم، ويفترقان في عصر الغيبة، فتكون الخلافة للأمة، والشهادة للفقيه، بينما الخميني يرى ولاية الفقيه مطلقة ومساوية لولاية المعصوم (النبي، أو الإمام المعصوم من أهل البيت). مع هذا فهو مشروع أسلمة المجتمع والدولة، وهو المشروع التغييري كما سماه في النشرة الداخلية الأولى لحزب الدعوة الموسومة بـ «صوت الدعوة» التي كتبت بقلمه، وبقي حزب الدعوة يعتمده في ثقافته، فجعل مراحل التغيير الإسلامي للمجتمع والدولة يمر بأربع مرحل، هذه المراحل التي بقي حزب الدعوة يعتمدها في التثقيف الداخلي، والتي طالبت الحزب مرارا في التسعينات إعادة النظر فيها، ورفعها مما يسمى بثقافة الدعوة. والمراحل الأربع عنده كانت كالآتي:

أولا: المرحلة الفكرية: (مرحلة شديدة السرية)، وتكون على مستويين، مستوى التثقيف الداخلي للدعاة، ومستوى تثقيف الأمة من خلال خطباء المنبر من حزب الدعوة أو القريبين منه، والترويج للكتب التي تخدم هذه الفكرة.

ثانيا: المرحلة السياسية: (تبقى سرية تنظيميا، ولكن شبه علنية في نشاطاتها السياسية).

ثالثا: المرحلة الجهادية أو الثورية: التي تكون مرحلة المواجهة ما بين النظام من جهة، وبين كوادر حزب الدعوة وجماهيرها المناصرة لها ولمشروعها من جهة أخرى.

رابعا: مرحلة الحكم: حيث كان هو وحزب الدعوة يتوقعان إن المواجهة ضد النظام، ستؤدي إلى إسقاطه وإقامة النظام الإسلامي.

أ فهذا المشروع الذي كان الكاتب المحترم سليم الحسني يتمنى تحققه؟