برلمان الجزائر يصادق على تعديلات دستورية 'تجميلية'

قوى البديل الديمقراطي وهي تحالف للمعارضة، تعتبر أن الاستفتاء على الدستور لا يمكن أن يكون حلاّ دائما للأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها البلاد.
الحراك الشعبي رفض منذ البداية تعديلات دستورية صورية
مخاوف من أن يعيد النظام إنتاج نفسه
زغماتي: الهدف من التعديلات الدستورية هو التغيير الجذري للنظام
خبراء دستوريين يعتبرون تعديلات تحد من صلاحيات الرئيس "بسيطة"

الجزائر - صوّت نواب المجلس الشعبي الوطني الجزائري الخميس كما كان متوقعا "بالإجماع" لمصلحة مشروع تعديل الدستور الذي يعد أحد أهم الوعود الانتخابية للرئيس عبدالمجيد تبون الانتخابية ويفترض أن يستجيب لمطالب الحراك الشعبي بتغيير النظام.

لكن الدستور لن يصبح ساريا إلا بعد التصويت الشعبي عليه في الاستفتاء المقرر في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الموعد الرمزي الذي يصادف الاحتفال بذكرى اندلاع حرب التحرير من الاستعمار الفرنسي (1954-1962).

وفيما يرى البعض هذه التعديلات طريقا للتغيير وبناء الجمهورية الجديدة، يعتقد آخرون أنه مجرد إجراء تجميلي المراد منهم إعادة إنتاج نموذج النظام القديم خاصة أن الممسكين بالسلطة بداية برئيس الدولة من كبار رموز نظام الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة.

ولدى عرض المشروع على النواب ذكّر رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد بأن "تعديل الدستور جاء استجابة لإرادة الشعب التي عبر عنها في 22 فبراير(شباط) 2019 من خلال حراكه المبارك الأصيل الذي وضع حدا لأخطاء وانحرافات خطيرة التي كادت أن تقوض أركان الدولة الوطنية ومؤسساتها وتزعزع التماسك الوطني".

وأكد أن الحراك الذي توقف بسبب وباء كوفيد-19 "أفضى إلى إسقاط النظام الفاسد".

وتم التصويت على القانون الأساسي للبلاد وفق إجراء قانوني خاص لا يتضمن مناقشة أو تعديلا من طرف النواب "نظرا للحالة الاستعجالية" بعد أن شهد التعديل الدستوري عدة تأخيرات بسبب الأزمة الصحية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد.

وقال رئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) سليمان شنين، بعد التصويت برفع الأيدي "أعتبر أن المجلس صوت بقبول التعديل الدستوري بإجماع الحاضرين" الذين بلغ عددهم 256 من أصل 462 نائبا.

وقال الرئيس تبون في مجلس الوزراء الأحد، إن مشروع الدستور"ينسجم مع متطلبات بناء الدولة العصرية ويلبي مطالب الحراك الشعبي المبارك الأصيل".

وأكد بيان مجلس الوزراء الأحد أن الدستور الجديد يهدف إلى "الفصل بين السلطات والتوازن بينها والتداول السلمي على السلطة والشفافية في إدارة المال العام وتجنيب البلاد أي انحراف استبدادي".

وقال وزير العدل بلقاسم زغماتي الأربعاء، إن الهدف من التعديل الدستوري هو "التغيير الجذري لنظام الحكم" الموروث عن عشرين سنة من حكم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، حيث ساد الفساد والاستبداد.

وكان بوتفليقة عدّل الدستور ثلاث مرات لتعزيز صلاحياته. وكان أهم هذه التعديلات في 2008 إلغاء عدد الولايات الرئاسية التي كانت محددة باثنتين حتى يبقى في السلطة.

وقبل وصول مشروع الدستور الذي أعدته لجنة خبراء عينها تبون، إلى البرلمان تم توزيع مسودّة منه على الأحزاب والنقابات والجمعيات ووسائل الإعلام المحلية من أجل تقديم اقتراحاتها.

وانتهت هذه اللجنة من عملها وأعدت مجموعة اقتراحات قدمتها للرئيس تبون في 26 مارس/اذار، لكن انتشار وباء كوفيد-19 أخّر الإعلان عنها إلى السابع من مايو/ايار.

ومنذ البداية رفض ناشطو الحراك الشعبي وبعض أحزاب المعارضة المشاركة في هذه المشاورات وطالبوا بمؤسسات انتقالية تكلف بإعداد دستور جديد، معتبرين البرلمان الحالي غير مؤهل لمناقشة الدستور.

واعتبرت قوى البديل الديمقراطي وهي تحالف للمعارضة، أن الاستفتاء على الدستور "لا يمكن أن يكون حلاّ دائما للأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها البلاد".

وغداة انتخابه في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، وعد الرئيس عبدالمجيد تبون بتعديل "عميق" للدستور من أجل بناء "جمهورية جديدة" تطوي صفحة حكم بوتفليقة.

ورغم أن العنوان الرئيس للدستور الجديد كما أعلنه تبون، هو "تقليص صلاحيات الرئيس" لصالح البرلمان والحكومة، إلا أن خبراء دستوريين اعتبروا أن التعديلات الواردة في هذا المجال "بسيطة".

ومن هذه التعديلات، عدم قدرة رئيس الجمهورية على التشريع بمراسيم إلا في حال حل البرلمان وكذلك فرض تعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية في حالة وجودها.

لكن التعديل الذي أثار الكثير من النقاش في وسائل الإعلام هو السماح للجيش الجزائري بالمشاركة في عمليات حفظ السلام في الخارج.

وينصّ التعديل على أن الجزائر يمكنها "في إطار الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، وفي ظل الامتثال التام لمبادئها وأهدافها، أن تشترك في عمليات حفظ سلام في الخارج".

وتعطي الصيغة الجديدة الحق للرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع- في إرسال القوات بعد موافقة ثلثي البرلمان.