بسمة الجموسي وعوالم التلوين

التشكيلية التونسية اطلعت على تاريخ الفن التشكيلي وانطلقت في الرسم وفق عمل ورشوي.
قبل حوالي عقدين لم تكن الجموسي قد لمست فرشاة للتلوين ولكن قفزت الى رأسها فكرة العمل على تعلم الرسم
كنت أتعلم وأنظر للأعمال وأسعى لفهم أهميتها الجمالية وإلى الآن لم أتبن نمطا وشكلا معينين

هي عوالم التلوين بما حوت من وعي وهيام وأحاسيس تدعو أنامل قدت من رغبات وحلم  حيث الثنايا القادمة من خطاها الأولى، ونعني البدايات السعيدة تجاه الأشياء والعناصر بكثير من حرقة الرغبات الدفينة قبالة حلم كامن في علبة تلوين؛ مثل أطفال لا يملكون غير دهشة النظر والحرص والإصرار على اللعب. وهنا تكمن لعبة التلوين كمجال زاخر بالاعتداد بخوض التجربة.
هكذا هي ومنذ سنوات قليلة خاضت غمار العناق والانسياب في دوائر اللون ولا تلوي على غير القول بالبدايات وفي القلب أشياء من حتى التلوين والرسم وما تبرزه من حيز من شواسع روحها ودواخلها المفعمة بالمحبة العارمة للفن والرسم.
قبل حوالي عقدين هي لم تلمس فرشاة للتلوين ولكن قفزت الى رأسها فكرة العمل على تعلم الرسم وهو عالم أحبت مبدعيه ورواده ومبتكري منجزه عبر أجيال وتيارات وأشكال وتجارب تونسية وعالمية متعددة.
من مجالات تخصص مغايرة لمسارات الفن التشكيلي حيث هامت بعوالم الفن قراءة واطلاعا ونشدانا للمعرفة والخبرات فاطلعت على تاريخ الفن التشكيلي فانطلقت في الرسم وفق عمل ورشوي بإشراف الفنان خالد التركي لتعيد بالأكريليك رسم أعمال لآخرين على سبيل التعلم وامتلاك الحرفية والخبرة والإلمام بمقتضيات الرسم الفنية والشكلية وغير ذلك، وتماهت مع الأشكال والأنماط والأحجام وجربت التلوين تجاه المشاهد والطبيعة الجامدة والبحر والبورتريه وحالات من التجريد وغيرها كل ذلك في سياق التعلم والاكتشاف واكتساب الخبرة وفق قراءات وتأملات لفنانين تأثرت بهم واستلهمت في تمارينها الأولى منهم مثل فان غوغ وشاغال وخوان ميرو. وفي هذه التجربة من البدايات تقول: "كنت أتعلم وأنظر للأعمال وأسعى لفهم أهميتها الجمالية وإلى الآن لم أتبن نمطا وشكلا معينين فقط أستمتع بالرسم وأصغي لذوقي ورغباتي بحرية وأسعى لأعبر بالرسم والتلوين بلا قيود وحواجز منها طبيعة الأشكال والألوان والأحجام وغيرها إنها حرية الإبحار في عالم الرسم. 
وبالنسبة لي فإن الرسم والتلوين مجال للراحة والبهجة وبمثابة الحالة الفنية للعلاج المرجو من كائنات عوالمنا في شؤون ومشاغل ومتغيرات الحياة اليومية الضاجة بالحركة والسرعة. أرسم وأرى متعة لا تضاهى في كل ذلك وأشعر بسعادة فائقة عند إنجاز عملي على بياض القماشة ويمثل ذلك لي مفاجأة أكون الأولى قبل الآخرين التي ترضى عنها. هكذا أرى ما أنجزه من عمل فني ...". 

fine arts
حالات من التجريد 

وهنا ندخل عالم الفنانة بسمة الجموسي التي أنهت تكوينها سنة 1998 بماجستير في التصرف المالي. وسنة 2007 بشهادة مديرة روضة أطفال مع خبرات مهنية كمساعد مالي بشركة وكمسؤولة تغطية مالية. وقد تنوعت مشاركاتها في المعارض التشكيلية كالتالي: 
في يونيو/حزيران 2020 بفضاء سانت كروا، وفي أبريل/نيسان 2019 بمتحف مدينة تونس، وفي ديسمبر/كانون الأول 2016 برواق HB، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016 برواق داميي، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016 بالمركز الثقافي "الطاهر الحداد"، وفي المركز الثقافي "حمام الشط"، وفي مايو/آيار 2016 برواق الفنون ببن عروس، وفي مارس/آذار 2016 بقاعة سوفونيبه بقرطاج، وفي يونيو/حزيران 2015 بدار الفنون، وفي مايو/آيار 2015 برواق علي قرماسي، وفي أبريل/نيسان 2015، وفي فبراير/شباط 2015 برواق الباشا، وفي يونيو/حزيران 2014 برواق حشاد، وفي يونيو/حزيران 2014 بقاعة كاليغا، وفي مايو/آيار ويونيو/حزيران 2010 برواق بلال، وفي أغسطس/آب 2009 بقاعة سفونيبه بقرطاج، وفي يونيو /حزيران 2009 بقاعة آر ليبر، وفي سنة 2009 بقصر السعادة، وفي يونيو/حزيران 2008 بقاعة كاليغا
من أعمالها الفنية نذكر "بورتريه أفريقي" بالأكريليك، وفيه خصائص الروح الافريقية في التلوين، وبتقنية التنقيط وتجاور الألوان وذلك وفق تناسق جمالي كذلك لوحة "حنين" في مشهدية بالمدينة حيث المرأة بالسفساري والرجال باللباس التونسي وبطريقة التنقيط أواخر القرن التاسع عشر من قبل جورج سورات وبول سيناك، تشتغل بسمة الجموسي على الخصوصيات التقليدية التونسية في السفساري والشاشية بفكرة النوستالجيا. ولوحة "التمائم" بالأكريليك على الخشب في استلهام لعوالم العفوية والطفولة للفنان خوان ميرو لتقول بالعلامات والتمائم والعين والخمسة ومدلولاتها في المخيال الشعبي من حيث الحظ وغيره. في هذه التجربة من  دقة تقنية التنقيط le pointillisme .
هكذا تعمل الفنانة التشكيلية بسمة الجموسي في مرسمها الورشوي بين الاستلهام والشغف وإنجاز المواضيع لرسومات تبدو على لوحاتها بمثابة ما حلمت به مثلما يكتب الأطفال كلماتهم الأولى على بياض الحياة لا يرجون غير قول البراءة في جمالها المتعدد.