بصيرة مكفوفين تمنح النور لمسرحية 'أوفر بروفة'

المخرج العراقي علي الشيباني يقود فريقا من الممثلين فاقدي البصر يبهرون الجمهور بقدرتهم على التعبير عن ضيقهم من الوضع السياسي في بلدهم من خلال عرض مسرحي.
كوميديا سوداء على الخشبة العراقية

البصرة (العراق) - ممثلون مكفوفون قدموا عرضا مسرحيا رائعا عبّروا فيه عن ضيقهم من الوضع السياسي الحالي في العراق وأظهروا قدرتهم على مواجهة مصاعب الإعاقة وأبهروا الجمهور.
يقود فريق الممثلين، الذي يضم 13 عضوا، المخرج المسرحي علي الشيباني، مخرج عرض (أوفر بروفة) الذي قدموه.
وقال المخرج علي الشيباني "هذه الفكرة هي جزء منها يذهب إلى البصيرة، هم الآن حقيقة يمكن أن يعيشوا حياة سوية، يمكن أن لا يعيشوا الاندحار أو لا يعيشوا حالة من الاكتئاب. حينما يعتلون خشبة المسرح أو حتى حينما تبدأ عملية البروفة والتمارين، فلذا أجدهم هم حريصين جدا أن يعملوا في هذا الحقل، هو نشاط، نشاط إنساني".
وفقد بعض أعضاء الفرقة البصر بسبب تفجيرات قنابل، من تلك التي شهدها العراق في السنوات الأخيرة، بينما فقد آخرون بصرهم في حوادث مختلفة أو عند الولادة.
ومن بين هؤلاء ممثل يدعى علي حسين، وهو شرطي سابق فقد بصره بسبب انفجار عبوة ناسفة ليكتشف بعد ذلك شغفه بالتمثيل.

وقال حسين "تعرضت لحادث بعبوة ناسفة أثناء واجب في البصرة على إثره فقدت البصر. بعد ذلك هذه أصبحت إعاقة جسدية تمنعني من الأعمال الجسدية، فتوجهت إلى الأعمال الفكرية، كان المسرح هو البيئة الخصبة لهذه الأفكار، تقدر من خلالها تطرح فلسفتك بالحياة، تقدر تطرح آراءك، تقدر تطرح آهات المجتمع، الأمة، أحزانها، أفراحها، الأشياء اللي تعاني منها".
وقال ممثل في الفرقة ومسرحية (أوفر بروفة) يدعى عمار محمد "بهذا العرض للمسرح قدمنا عدة رسائل، أولا رسائل للمجتمع، ورسائل للحكومة، الآن إحنا كل شيء نقدم ونقدر نسوي، وكثير من القضايا غافلة عن الحكومة والمجتمع. قدرنا من خلال العرض المسرحي هذا، قدرنا نقدمها".
وتعمل الفرقة تحت رعاية جمعية السراج للمكفوفين في العراق، وهي جمعية غير حكومية.
وتتلقى الفرقة تبرعات صغيرة فقط من أفراد عاديين ومنظمات مدنية.
وقال منظمون إن الجهات الحكومية أو أي أطراف أخرى ترغب في دعوة الفرقة لتقديم عرض عليها أن تتكفل بجميع النفقات اللازمة.
وتأسست الفرقة في 2016، وجرى تدريب أعضائها حتى تقديم عرضهم الأول في كربلاء في 2018.

وقدم الممثلون المكفوفون ستة عروض في مدن عراقية مختلفة، بما في ذلك عرض في مهرجان بابل.
وأحدث عرض لهم قُدم في قاعة عتبة بن غزوان في البصرة بدعم من جامعة البصرة في 22 مارس/آذار.
وأعضاء الفرقة، في أغلبهم، موظفون مدنيون ومسؤولون متقاعدون، بينما يتلقى البعض الآخر، وهم أساسا من القاصرين، نحو 70 ألف دينار عراقي (60 دولارا) كمساعدة اجتماعية.
وأبهر الممثلون المكفوفون الجمهور، وقال شاب شاهد العرض المسرحي يدعى أحمد الشمال "بالحقيقة أنا ما كنت متوقع هذا العرض المذهل الجميل، كان يحمل كوميديا سوداء، يعني نحن نضحك وفي داخلنا حزن كبير عن الرسائل التي كانت تُبث من خلال هذا العرض المسرحي".
وتشهد البصرة حركة ثقافية ناشطة في الوقت الحاضر، تتضمن منتديات أدبية ونوادي سينما، وبرامج ثقافية على الإذاعات المحلية، وحلقات شعر تدور بكاملها حول الترويج للسلام والتعايش.
وتسعى المدينة التي كانت معروفة بتعدديتها الدينية والعرقية الى استعادة التقاليد المعروفة عنها وتناسي مرحلة "الخلافة" وما خلفته من مآس.