بعد انتخاب جونسون.. هل سيصبح العالم اكثر تشددا

تشدد جونسون في ملف بريكست ملح من نظرته للقضايا بطريقة متشددة.

لم يكن انتخاب بوريس جونسون عمدة لندن السابق وعراب عملية الخروج من الاتحاد الاوربي والمتحدر من أصول تركية بالحدث المفاجيء، فقد أوضحت استطلاعات الرأي قبل أسابيع ان جونسون هو الأوفر حظاً لتسلم المنصب وبفارق كبير عن اقرب منافسيه جيريمي هانت وزير الخارجية الحالي. كان فوز جونسون المتشدد كرد فعل على السياسة اللينة التي انتهجها سلفاه ديفيد كامرون وتريزا ماي كما يقول بعض اعضاء حزب المحافظين الراغبين بالخروج. لكن ما يشغل العالم اليوم بعد انتهاء التصويت هو الطريقة التي سيتعامل بها جونسون مع الملفات الشائكة التي ستوضع على طاولته.

أولها ملف الخروج بريكست الذي قال فيه قولاً قاطعاً بأن بريطانيا عازمة على الطلاق وبأي ثمن. هذا الكلام قد يكلف المملكة المتحدة أثمان باهظة، بالاضافة الى خطر تفككها وتهديد اسكتلندا وويلز وإيرلندا بإجراء استفتاءات على بقائهم مع المملكة، لاسيما وان حزب الوحدة الأيرلندي يعارض وبشدة عملية الخروج من الاتحاد الاوربي، ناهيك عن انقسام حزب المحافظين على نفسه وهو الحزب الذي يعاني من ضعف واعتراضات من قبل قاعدته الشعبية التي تراجعت كثيراً بعد الانتخابات الاوربية الاخيرة. فهناك تحديات خارجية كذلك هي الملف النووي الايراني وتدهور الاقتصاد البريطاني، والعلاقة مع اوروبا، والعلاقة مع المسلمين.

 ففي سياق الخروج من الاتحاد الاوروبي وبُعيد انتخاب جونسون رئيساً للوزراء أعلنت السيدة نيكولا ستورجيون رئيسة وزراء اسكتلندا بأنها ستقف بوجهه بقوة اذا ما عزم على الخروج بدون اتفاق، وأعقبت ان اسكتلندا ستواجه عقبات كارثية في حال الخروج بدون اتفاق. وهذا اول تحدٍ داخلي حقيقي يواجه جونسون. كما هددت ويلز سابقاً بإجراء استفتاء على بقائها جزءًا من المملكة المتحدة، وهذا يعني ان هناك تهديداً حقيقياً لوحدة المملكة المتحدة، والتي تعهد جونسون بالحفاظ عليها. ولا ننسى ان هناك ارباكا سياسيا وشعبيا جراء عملية الخروج المتعثرة. واذا استمر هذا الارباك حتى يوم 31 أكتوبر من هذا العام دون التوصل الى صيغة عملية تنظم خروج بريطانيا بشكل سلس من المجموعة الاوروبية، ودون قدرة جونسون على اقناع اعضاء حزبه بخطته فسترجح كفة المعارضين للخروج وتشجع التطرف وحينها ستسقط حكومة جونسون ويصار الى انتخابات مبكرة، قد تغير المعادلة برمتها.

ولا ننسى ان الاقتصاد البريطاني المتضعع مهدد بمزيد من التدهور اذا قرر جونسون الخروج دون اتفاق، فقد هددت شركة ايرباص لصناعة الطائرات بمغادرة بريطانيا في حال الخروج دون اتفاق. ومن المعلوم ان شركة ايرباص توظف 15 الف شخص في 25 موقع وتساهم بـ 8.7 مليار جنيه في النشاط الاقتصادي البريطاني. هذا بالاضافة الى مغادرة البنوك والشركات الكبرى كبنك سانتاندارد الإسباني وغيرها، وهذا سيلحق الضرر بالاقتصاد البريطاني.

العلاقة مع اسرائيل

تصريحات جونسون وانحيازه لإسرائيل بقوله انا صهيوني حد النخاع واسرائيل البلد الذي احبه، تجعل كفة اليمين المتطرف اكثر قوة مما يشجع على العنف والكراهية، وسيصطدم مع حزب العمال الذي يريد سياسة معتدلة في العلاقة مع اسرائيل، بالاضافة الى ان سياسة جونسون هذه تلتقي مع سياسة ترامب الذي لا يجاهر بالانحياز لإسرائيل، وهنا سيكون الاثنان في موقع واحد وسيدفع ذلك الى مزيد من العنف في الشرق الاوسط.

الملف الايراني

اما موقف جونسون من ايران فهو لا يختلف عن موقف مثله الأعلى وشبيهه الرئيس ترامب، فقد صرح جونسون مراراً ووفقاً لموقع استخباري اسرائيل "ان ايران سبب الجنون". وقال انه على استعداد لفرض مزيد من العقوبات على ايران، وهذا سيعقد الموقف اكثر ويزيد المنطقة اشتعالاً.

ومن هنا لابد ان نثير السؤال التالي كيف سيتعامل بوريس جونسون مع الملف الايراني والتطورات الاخيرة في مضيق هرمز والممرات المائية.

العلاقة مع المسلمين

بالرغم من حرص جونسون على التواصل مع المسلمين في بريطانيا الا انه لا يخفي كراهيته ومقته للإسلام والمسلمين، ويعتبرهم متخلفين وان الاسلام مصدر للتخلف ويقول ان النساء اللواتي يرتدين الحجاب يشبهن صناديق البريد ولصوص المصارف، وهذا ما ذكره في مقالٍ له كشفت عنها صحيفة الغارديان البريطانية بعنوان "ثم جاء المسلمون".

انتخاب السيد جونسون وهو الشخصية المثيرة للجدل لن يمر دون عاصفة ولا اعتقد ان فترة رئاسته للوزراء ستكون سهلة، فالرجل عودنا ان تكون تصريحاته مثيرة كمظهر الخارجي، فبعد كل هذه الأسباب بالاضافة الى الدعم الاميركي المعلن للرجل هل سيصبح العالم اكثر أمناً ام اكثر تشدداً؟