بغداد تبحث توسيع دور الناتو كبديل عن التحالف الدولي

اجتماع بين العراق والناتو في عمّان اليوم الأربعاء يتناول خيارات تشكيل ائتلاف من بعثة الناتو لا تقوده الولايات المتحدة لتعويض دور التحالف الدولي في حال انسحابه.

بغداد - ينظر العراق في إمكانية منح حلف شمال الأطلسي دوراً أكبر على حساب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، بحسب ما يؤكد مسؤولون عراقيون وغربيون، في أعقاب الاستياء الذي أثارته واشنطن بشنها ضربة بطائرة مسيّرة في بغداد مطلع كانون الثاني/يناير الحالي.

وأدت ضربة جوية بطائرة مسيّرة أميركية في الثالث من كانون الثاني/يناير الحالي، إلى مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهندي المهندس.

وقوبلت عملية التصفية تلك باستياء من قبل الأحزاب الشيعية الموالية لإيران وحتى من قبل بغداد التي اعتبرتها خرقاً للسيادة وللاتفاقية مع التحالف الدولي التي تتركز على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية حصراً.

ودفعت الكتل الشيعية الموالية لطهران المهيمنة على البرلمان العراقي عقب ذلك بيومين للتصويت على إنهاء تواجد القوات الأجنبية في البلاد، منهم 5200 جندي أميركي، وتعليق العمليات المشتركة مع التحالف ضد الجهاديين.

وبدأ مسؤولون عراقيون وغربيون مناقشات حول التغييرات في دور التحالف، خشية زعزعة الاستقرار في حال الانسحاب السريع، بحسب ما ذكر مسؤولون محليون ودبلوماسيون.

وقال اللواء عبدالكريم خلف المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء "نتحاور مع دول أعضاء في التحالف، فرنسا والمملكة المتحدة وكندا، حول مجموعة سيناريوهات".

وقال خلف إن "الشيء الأساسي هو عدم وجود قوات قتالية وعدم استخدام مجالنا الجوي".

وقال مسؤولان غربيان إن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي طلب منهما "صياغة بعض الخيارات". وتم تقديم تلك الخيارات مباشرة إلى رئيس الوزراء.

وتضمنت الخيارات تشكيل ائتلاف لا تقوده الولايات المتحدة، أو تفويضاً معدلاً يحدد أنشطة التحالف أو دوراً موسعاً لمهام منفصلة للناتو في العراق.

وتشكلت بعثة الناتو بقيادة كندا في العام 2018، وتضم حوالى 500 جندي يتولون تدريب القوات العراقية. لكن حتى هذه القوة علقت مهماتها منذ الضربة الأميركية.

لكن التحالف الدولي الذي تشكل عام 2014، لديه حوالى 8000 جندي في العراق، غالبيتهم أميركيون.

وذكر خلف بأن التوجه لدور أكبر لحلف الأطلسي كان أحد الخيارات المتعددة التي تجري مناقشتها.

وذكر مسؤول غربي أن "خيار الناتو" قد حصل على موافقة مبدئية من رئيس الوزراء والجيش وحتى من الفصائل المعادية للولايات المتحدة.

وأوضح هذا المسؤول "أتوقع أن تنتهي الأمور بنوع من التسوية، تواجد أصغر بعنوان مختلف". وأضاف "سيبقى الأميركيون قادرين على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية وبإمكان العراقيين ادعاء طرد (الولايات المتحدة)".

بعثة الناتو  تضم حوالى 500 جندي يتولون تدريب القوات العراقية
بعثة الناتو تضم حوالى 500 جندي يتولون تدريب القوات العراقية

ومن المتوقع أن تطرح الخيارات المختلفة خلال اجتماع الأربعاء بين العراق والناتو في عمّان، ومرة أخرى الشهر المقبل مع وزراء دفاع الناتو.

لكن المسؤول الغربي لفت إلى أن "هناك تقديرات من الأوروبيين بضرورة موافقة الولايات المتحدة على ما سيحدث بعد ذلك".

ودعا عبدالمهدي، بعد تصويت البرلمان، الولايات المتحدة لإرسال وفد إلى بغداد لمناقشة الانسحاب، الأمر الذي قوبل برفض من الخارجية الأميركية.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه يريد لحلف شمال الأطلسي أن يلعب دوراً أكبر في المنطقة.

وألمح مبعوثه الخاص إلى التحالف جيمس جيفري، الأسبوع الماضي، إلى وجود تحول، رغم قوله إن المحادثات في "مرحلة مبكرة للغاية".

وقال خلال حديث لصحافيين في 23 كانون الثاني/يناير، إنه "لذلك قد يكون هناك تحول، في مرحلة ما، افتراضيا، بين عدد القوات المدرجة تحت عنوان حلف شمال الأطلسي وعدد القوات في إطار التحالف الدولي".

وأصر الناتو، الذي يجدد تفويضه سنوياً في العراق، على أن يشمل دوره التدريب فقط. وقال مسؤول في الحلف إنه "لا يوجد نقاش" حول دور قتالي.

وأشار المسؤول إلى أنه "جرت مناقشات بين الحلفاء واتصالات كثيرة بين الناتو والحكومة العراقية خلال الأسبوعين الماضيين".

ويركز التحالف، منذ إعلان العراق "النصر" على تنظيم الدولة الإسلامية نهاية العام 2017، على الضربات الجوية ضد الخلايا النائمة وفلول الجهاديين.

وأعد التحالف بداية العام الماضي، خططاً لسحب قوات من العراق، وفق ما ذكر مسؤولان عسكريان أميركيان. وأشارا إلى إبقاء تواجد بسيط قادر "قطعاً" على مواصلة الضغط على تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال أحد المسؤولين إن هناك ضغوطاً باتجاه "تسريع تلك الخطة"، في أعقاب تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة.

وتعرضت المصالح الأميركية في العراق إلى أكثر من 20 هجوماً بالصواريخ منذ تشرين الأول/أكتوبر، أدت إلى مقتل متعاقد أميركي وجندي عراقي.

ورغم عدم تبني الهجمات من أي جهة، تحمل واشنطن الفصائل الموالية لإيران مسؤوليتها.

وقام التحالف الدولي والناتو في وقت سابق من الشهر الحالي، بوقف العمليات وسحب مئات الأفراد من قواعد تتوزع في العراق.

بدورها، قامت القوات العراقية بسد الفراغ الذي خلفه سحب تلك القوات، وتولت تنفيذ عمليات مراقبة وغارات جوية بعد سنوات من تولي التحالف زمام المبادرة.

وقال المسؤول الأميركي الأول إن "هذا تقليص فعلي. بمثابة مرحلة تجريبية"، مضيفاً أن "هذا ما نسعى إليه في نهاية المطاف. نحن ننظر إلى ما سيكون عليه الحال إذا لم نكن هنا".