بوتفليقة يركز السلطة في دائرته المقربة من غير العسكريين

محللون يرون في عزل الرئيس الجزائري لعدد من كبار قادة الجيش محاولة لتعزيز سلطة الدائرة المقربة منه ومن ضمنها شقيقه السعيد بوتفليقة في مسعى إما للترشح لولاية خامسة أو خوفا من انقلاب عسكري.

بوتفليقة يخفف قبضة الجيش على السلطة ليعزز قبضته وقبضة خليفته
قادة الجيش اعتادوا على الإقالة لا على إقالتهم
التحول بعيدا عن الجيش قد يساعد الاستثمار الأجنبي
عزل بوتفليقة لقادة الجيش: تمهيد لولاية خامسة أم احباط لانقلاب عسكري

الجزائر - فسّر محللون ودبلوماسيون قيام الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بعزل كبار القادة في الجيش بسعيه لتقليص نفوذ الجيش وبهدف تشديد قبضته على السلطة فيما يسعى حزبه لاعادة ترشيحه لولاية رئاسية خامسة مثيرة للجدل في الوقت الذي يشكل فيه وضعه الصحي وتقدمه في السنّ أكبر مشكلة تواجهها الدائرة المقربة منه.

وتشير الاقالات أيضا إلى مخاوف على ما يبدو من انقلاب عسكري أو نفوذا أكبر للجيش يتيح له اختيار خلف له بسبب مرضه حيث يعاني من تبعات جلطة دماغية منذ 2013، أثارت جدلا واسعا ومطالب سياسية من قوى المعارضة بتفعيل المادة 102 من الدستور الجزائري المتعلقة بشغور منصب الرئاسة بسبب عجز الرئيس عن ادارة شؤون الدولة.

وقبل أسبوعين أقال بوتفليقة (81 عاما) اثنين آخرين من كبار القادة العسكريين ليصل العدد الإجمالي للشخصيات العسكرية البارزة التي أقيلت من مناصبها إلى نحو عشرة خلال الشهور القليلة الماضية فحسب.

وقالت مصادر سياسية إن هذه الإقالات تشير إلى تسارع وتيرة الإصلاح الأمني التي بدأت قبل أعوام لتحويل الجيش المنخرط في السياسة إلى هيئة أكثر مهنية.

إلا أن تخفيف قبضة الجيش الذي يهيمن على البلد المنتج للنفط منذ حرب الاستقلال بين عامي 1954 و1962 مع فرنسا سيستغرق وقتا.

السعيد بوتفليقة من الشخصيات المتنفذة والمقربة من الرئيس الجزائري
السعيد بوتفليقة يبحث لنفسه عن شعبية

لكن النتائج الأولى تبدو واضحة للعيان، فالإقالات التي كانت تثير في السابق عواصف من الجدل باتت الآن أمرا روتينيا.

وقال ضابط مخابرات متقاعد طلب مثل آخرين عدم نشر اسمه نظرا لحساسية المسألة "اعتاد العسكريون على أن يقيلوا لا أن يُقالوا".

وأضاف أن القرارات التي كانت تتخذ في تاقارا مقر وزارة الدفاع بوسط الجزائر أصبحت الآن تتخذ من مقر عمل بوتفليقة في قرية زرالدة الساحلية على بعد 20 كيلومترا غربي العاصمة.

وعندما انتخب بوتفليقة أول مرة في العام 1999، كان يُنظر إلى الجيش وأجهزة المخابرات على أنهما المسيطران الحقيقيان على السلطة.

لكن الآن، في ظل تكهنات بأنه سيذعن لدعوات من الحزب الحاكم للترشح لفترة خامسة محتملة في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى عام 2019 رغم المخاوف الصحية، فإن بوتفليقة يعمل على تركيز السلطة في دائرته المقربة من غير العسكريين.

وأبرز الوجوه على الساحة الآن هم سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الأصغر وهو من الشخصيات المتنفذة والمثيرة للجدل ويعتقد أنه من يدير الحكم وأن بوتفليقة مجرد واجهة سياسية ورمز للحكم.

الشقيقان بوتفليقة
هل يعد بوتفليقة شقيقه لخلافته؟

ومن بين الشخصيات البارزة أيضا رئيس الوزراء أحمد أويحيى ووزير الداخلية نورالدين بدوي.

وتشمل الإقالات الأخيرة أربعة من كبار القادة العسكريين وقائد المخابرات العسكرية وعددا من القادة في وزارة الدفاع بالإضافة إلى قائد الشرطة وضابط الجيش عبدالغني هامل.

وقبل حملة هذا العام، كان بوتفليقة قد أقال في 2015 مدير المخابرات محمد مدين (المعروف باسم الجنرال توفيق) وعشرات من كبار القادة في أجهزة المخابرات.

كما حل الجهاز الأمني المعروف باسم دائرة الاستعلام والأمن واستحدث بدلا منه جهازا يحمل اسم دائرة الشؤون الأمنية يقوده اللواء المتقاعد عثمان طرطاق. وترفع هذه الدائرة تقاريرها إلى الرئيس وليس إلى الجيش مثلما كان الحال من قبل.

وقال أرسلان شيخاوي رئيس مؤسسة استشارية "إنها عملية طويلة والهدف هو أن يكون الجيش أكثر مهنية وبعيدا عن السياسة".

وتخضع التغيرات في الجزائر للمتابعة عن كثب لأن البلد حليف أساسي في المعركة الغربية ضد التطرف في المنطقة كما أنه من كبار موردي الطاقة لأوروبا.

وإذا استمر هذا التحول بعيدا عن الجيش، فقد يساعد هذا المستثمرين الذين ضاق ذرعهم بتعطل تأشيرات الدخول أو طلبات التقدم لمشاريع بسبب البيروقراطية التي يهيمن عليها الجيش وشخصيات أمنية تتشكك في الأجانب.

الخطر الأكبر يبقى صحة بوتفليقة الذي نادرا ما شوهد علانية منذ أن أقعدته جلطة في عام 2013 على كرسي متحرك

وقال جيف بورتر وهو مدير مؤسسة نورث أفريكا ريسك الاستشارية "ستكون هذه الأنباء محل ترحيب للمستثمرين الأجانب المباشرين الذين سيرون في الخطوة المزيد من التطبيع لعملية صناعة القرار داخل الحكومة".

وتريد الجزائر جذب المزيد من الاستثمارات في قطاعي النفط والغاز لإنهاء سنوات من تعطيل الإنتاج.

وعيّن بوتفليقة في مارس/آذار 2017 رئيسا تنفيذيا جديدا مدربا في الولايات المتحدة لإعادة تأهيل شركة سوناطراك الحكومية التي كانت تعيد بناء علاقاتها مع شركات النفط الكبرى التي فقدت الاهتمام بالجزائر بسبب الروتين والخلافات والشروط الصعبة.

ويبقى الخطر الأكبر هو صحة بوتفليقة الذي نادرا ما شوهد علانية منذ أن أقعدته جلطة في عام 2013 على كرسي متحرك.

وكانت رحلته الأسبوع الماضي إلى سويسرا لإجراء ما وصفته الرئاسة بفحوص روتينية تذكيرا بذلك.