"بيت الفكر والإبداع" يناقش الوعي الثقافي الهادف

جمعيّة أحبّاء المكتبة والكتاب والمكتبة المغاربيّة تناقش كتاب "ذاكرة المكان ووجوه المهمّشين" للناقد عمر السعيدي.
الحرية جميلة لكن الأجمل منها الوعي بقيمة الحرية وحدودها وسلطتها
الاختلاف مرحب به في حدود عدم الإقصاء أو توجيه العقول

تونس ـ نظّمت جمعيّة أحبّاء المكتبة والكتاب والمكتبة المغاربيّة ببن عروس / تونس ضمن نادي "بيت الفكر والإبداع" في موعده الشهري الذي تشرف عليه القاصة والناقدة هيام الفرشيشي إعدادا وتقديما منبر حوار موضوعه: "من أجل وعي ثقافي هادف" مستضيفة النّاقد والقاصّ عمر السعيدي عن كتابه "ذاكرة المكان ووجوه المهمّشين" ومدرّبة التنمية البشريّة والناشطة بالمجتمع المدني فاطمة الفرشيشي، وذلك عصر الجمعة 26 فبراير/شباط 2021 بفضـاء المكتبة المغاربيّة ببن عروس.
وفي افتتاح الجلسة رحبت فتحية شعبان بالضيوف والحضور منوهة بمنبر "بيت الفكر والإبداع" في طرح قضايا ترتقي بالمشهد الثقافي، وأحالت الكلمة لهيام الفرشيشي التي تطرقت أثناء تقديم الجلسة وفي سياق النقاش إلى المرجعيات الثقافية المتنوعة التي تغذي عقول المثقفين والمبدعين  وتبرز خاصة من خلال الطبقات الخارجية للثقافة، وتكون عادة موجهة لخدمة قضايا ايديولوجية موجهة توجيها منضبطا في فضاءات ثقافية وإعلامية، مما أفرز مجموعات ثقافية متصارعة تقصي بعضها البعض في تعصب لافت يمنع التعدد والعودة لهموم الذات والوطن. 
وبينت أن الاختلاف مرحب به في حدود عدم الإقصاء أو توجيه العقول وطرق التفكير المستقلة بعيدا عن العوامل السياسية التي تحمل مشروع إلغاء للآخر. للاستفادة من التنوع الإبداعي وتشريك من له باع وذراع في تنمية المجتمع. وتقوية أواصر الثقافة في علاقتها بالرفع من مستوى الوعي لا إحباطه وترذيله، وإحداث قطيعة ثقافية مع المجتمع. والعمل على بروز اتجاهات ثقافية وفكرية حديثة ترتقي بصورة المبدعين وتدعم وجودهم كقوة تنويرية.

ندوة تونسية
الحرية وحدها لا تنتج ثقافة جادة أو متميزة

وأكدت فاطمة الفرشيشي أستاذة التنمية البشرية والناشطة في المجتمع المدني أن الثقافة والوعي مفهومان مرتبطان بتطور الإنسان وبطبيعته الاجتماعية ونشاطه العلمي والإبداعي منذ القِدَمْ، الوعي يظهر ويتطور كجانب من ممارسة الإنسان الاجتماعي وترابطه وتفاعله القائم ما بينه وبين الموضوع الذي يجري التفاعل معه، وهو وثيق الصلة باللغة هذه الآلة التي تستطيع أن تقدم الإمكانيات الهائلة من أجل نقل ثمار نشاطه للأجيال القادمة، ومعرفته بطبيعة الأشياء المحيطة به. وهنا تبرز اللغة شكلاً من أشكال التجسد المادي للوعي فضلاً عن تجسده في موضوعات الثقافة فيما يخص العمل وسائر الأعمال الفنية الأخرى، لذلك يستطيع مدرب التنمية الذاتية نشر ثقافة الوعي في المجتمع التونسى عن طريق لغة سهلة ومفهومة ولما لا بكلام موزون وجميل يحاكي القوالة مثلما خضته شخصيا مع القوالة الزمنية.
في حين صرح الناقد عمر السعيدي أنه من خلال تقديم كتابه "ذاكرة المكان ووجوه المهمشين"، كان الحضور متميزا والنقاش جادا وثريا شارك فيه طلبة وأساتذة ومبدعون. إذ تطرقت الندوة إلى مسألة الثقافة الهادفة ودور المثقف والإعلام في الترويج لها، ودور السلطة أيضا في تبني ثقافة تخدم المجتمع وتطوره وترتقي بذائقته الفنية وترفع من مستواه الفني والجمالي قصد  التعامل الجيد مع البيئة والناس وبناء علاقات تعاون وتسامح وتوادّ في المجتمع لتجنب القبح والظلم والزيف والعنف، والأخذ بالمسؤولية لاكتساب قيم جميلة تخدم المجتمع وتماسكه من أجل الارتقاء بالإنسان عموما داخل بيئته وإكسابه مزيدا من التحضر.
وقد سئلت حول قيمة الحرية في تطوير الوعي الثقافي وتحسين الإنتاج الثقافي فأجاب بكون الحرية مهمة ولكنها وحدها لا تنتج ثقافة جادة أو متميزة. فكثيرا ما ظهر إنتاج ثقافي جيد في ظل الديكتاتوريات. فالمبدع يستطيع بوسائله الخاصة أن ينتج خطابه ويطوره مبتكرا أساليب خاصة متحديا حدود، فالحرية جميلة لكن الأجمل منها الوعي بقيمة الحرية وحدودها وسلطتها.