تجنب مكافأة المرأة لجمالها

مؤتمر "صورة الأنثى في كتب الأطفال" يتناول موضوع الرسوم في كتب الأطفال، وكيفية تجاوز كل الصور النمطية التي يمكن أن تظهر في الكتب المصورة.
مراجعة الصور النمطية للمرأة في القصص الموجهة إلى الأطفال
أمل الرندي تسلم درعاً تذكارية لرئيس المجلس العالمي لكتب اليافعين (فرع تونس) د. وفاء المزغني

الكويت ـ شاركت مجموعة من كاتبات أدب الطفل الكويتيات في مؤتمر دولي عُقد بمدينة ياسمين الحمامات بتونس مؤخرا، تحت عنوان "صورة الأنثى في كتب الأطفال: النص والرسوم". 
وقدمت الكاتبة أمل الرندي رئيسة لجة الطفل في رابطة الأدباء الكويتيين، في نهايته، درعاً تذكارية لرئيس المجلس العالمي لكتب اليافعين (فرع تونس) د. وفاء المزغني، باسم الرابطة ومكتب أدب الطفل في الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب الذي تولت الرابطة رئاسته في الكويت كواحد من المكاتب المختصة الموزعة على دول عربية أساسية في الاتحاد العام.
المؤتمر الذي شاركت فيه من الكويت، بالإضافة إلى الرندي، كل من منيرة العيدان، فاطمة شعبان، وهذايل الحوقل، ضم: مريم الزرعوني ومنصور العلوي من الإمارات العربية المتحدة، أمينة الهاشمي العلوي من المغرب، د. سعيد بهون علي من الجزائر، سوزانا بيتورسون، ماتيلدا والن وكتيرنا توبي من السويد، أمال معلول ومنال عبدالكافي وميرفت عبدالكافي من تونس، وكانت مشاركات في ورش ومعرض كتب على هامش المؤتمر.
أقيم المؤتمر الذي حضره نخبة من المختصين بأدب الطفل، من رسامين وكتاب وناشرين من داخل تونس وخارجها، بشراكة وتعاون بين المجلس التونسي لكتب اليافعين والمعهد السويدي وجمعية أفريكيلتور بالسويد، وتناول بالبحث والحوار التمثلات والصور النمطية التي ما زالت بعض الكتب العربية تعاني منها، وناقش كيفية تجاوزها من أجل أدب أطفال أكثر توازناً بين الجنسين، وتعرّف ضيوف المؤتمر على التجربة السويدية، من خلال مختارات من كتب الأطفال، ومن خلال ورش نظمت حول موضوع تمكين المرأة في أدب الطفل. 
كما تناولت فعاليات المؤتمر موضوع الرسوم في كتب الأطفال، وكيفية تجاوز كل الصور النمطية التي يمكن أن تظهر في الكتب المصورة. 
وبعد الجلسات التي عقدت طوال يومين، برئاسة وإشراف د. وفاء ثابت المزغني رئيس المجلس العالمي لكتب اليافعين (تونس) صاحب الدعوة، خرج المؤتمر بمجموعة من التوصيات، من بينها مراجعة الصور النمطية للمرأة في القصص الموجهة إلى الأطفال، مثل تجنب مكافأة المرأة لجمالها.

والحال أن أبعاداً أخرى يمكن أن تظهر منها في القصص، مثل الذكاء والفطنة والمهارة. كما دعت التوصيات إلى ضرورة متابعة توجهات الأطفال في قراءاتهم، وتوجيههم نحو قصص تعزز مبدأ التكافؤ بين الجنسين، بالإضافة إلى العديد من التوصيات الأخرى التي تم جمعها وتدوينها، لتكون وثيقة عمل مستقبلية في المجلس.

في خدمة الطفل العربي
تنشيط أدب الأطفال وتوجيهه تربوياً

وكانت المشاركة الكويتية في المؤتمر بارزة بقوة بالمقارنة مع الجنسيات العربية الأخرى، وقد قدمت المشاركات الكويتيات نماذج واضحة من نتاجهن وإبداعهن في كتابة قصص الأطفال والفتيان، وأكدن علاقة نصوصهن بطبيعة المجتمع الكويتي. 
وكانت المداخلة الأولى لأمل الرندي، التي اعتبرت أن الأنثى في نصها القصصي أوكسجينه، ولا يمكن أن تغيب عن أي تجربة قصصية أو أدبية بشكل عام، ذلك أن الأدب يصور الحياة، ويتعامل معها، ويعيد تشكيلها، وقالت: صحيح أن بعض النقاد الذين كتبوا عن قصصي أشار إلى غلبة العنصر الأنثوي فيها، وقد يكون الأمر طبيعياً من كاتبة أنثى، لكن ذلك لا يعني أبداً أني متعصبة للأنثى، أو أصر على تغليب دورها على دور الرجل في القصة، إنما أشعر بأني قريبة من التعامل مع الشخصيات الأنثوية، لأنني أكثر معرفة بجوهرها وسلوكها وطبيعة تفكيرها وخصوصياتها.  همّي الدائم في قصصي أن يكون أبطالي إيجابيين، ذكوراً وإناثاً، يحملون سمات التحريض في اتجاه مجتمع متطور وذي أخلاق حسنة. ورغم دور الأنثى الكبير في قصصي، إلا أنني لم أغفل أبدا دور الذكر وأهمية وجوده، فبعض القصص كانت ببطولة ذكورية كاملة، لأن الموضوع يحتاج إلى ذلك، ولا أريد إقحام الأنثى، أو افتعال وجودها، فأنا لست مع الكتابة النسوية، ولا أكتب بتعصب للمرأة، لذا أجد نفسي مساوية بين الذكر والأنثى، لأن الصفة الإنسانية توحدهما، وإن اختلفا في تفاصيل بيولوجية وسوسيولوجية تبعاً للعادات والتقاليد. ومن باب الصدفة أنني فزت بجائزة الشيخ راشد بن حميد للثقافة والعلوم عامي 2015، 2016 عن قصتين أبطالهما ذكور. فالقصة بوابة المعرفة والمتعة للطفل، وعلينا تزيينها بالأفكار الجميلة، والابتعاد كل البعد عن القبح.

وفي مداخلتها أشارت فاطمة شعبان إلى حرصها على أن تكون المرأة في قصصها ذات طابع عربي وخليجي من ناحية الملابس، وأن تكون داعمة بأفكارها للطفل دون وصاية منها على فكره، وقالت: تحمل قصصي غالباً مفاهيم تربوية وإنسانية وربانية، أقدمها على لسان المرأة كأم والمرأة كمعلمة والفتاة الصغيرة، وفي قصة أخيرة لي اخترت موضوع الطيران، فيتناقش الطفل مع أمه عن فكرة الطيران، ويطرح عليها مزيداً من الأسئلة من أجل أن تقوده الأم الى تنفيذ الفكرة. كما قدمتُ المعلمة والطالبات في قصة "ماذا سيحدث في الغد؟!"، لأصور الدور الإيجابي الذي تمارسه المرأة كمعلمة في معالجة حالات المقارنة بين الطالبات بمحبة وصداقة معهن.
أما هذايل الحوقل فقد تحدثت عن صورة الأنثى في مجلة "العربي الصغير"، وتحديداً في القصة السردية والمغامرات والمقالات، وقالت: في كتابها الصغير، عرضت مجلة "العربي"، منذ بداياتها، شخصيات أنثوية أثرت التاريخ العربي وكن مثالا يحتذى به، مثل الخنساء، ملكة سبأ، وذات الهمة، فأظهرت الأنثى العربية بصفة القوة والشجاعة والإخلاص في حب الوطن، مع الأخذ بعين الاعتبار إن المجلة حرصت ألا تعكس، بذلك، التنافس أو الميل لكفة الإناث دون الذكور. 
وفي رسومها انتهجت المجلة خطاً فنياً دقيقاً حرصت فيه على إظهار الأنثى بشكل يتوافق مع تراثنا وواقعنا العربي، حيث الاحتشام المعتدل، والبعد عن العري والابتذال، دون التقيد بزي دولة أو إقليم، إلا إذا افترض النص ذلك، كما في قصص التراث والتاريخ. وقد قامت المجلة على أسماء كبار رسامي الكاريكاتير العرب الذين أظهروا الأنثى بأبهى حلة، ووفقا لما تقتديه ثقافتنا العربية، وتكمل مجموعة أخرى من الأسماء الشابة في الكويت والعالم العربي هذه المسيرة الفنية في المجلة بنجاح.
وقالت منيرة العيدان التي حضرت كضيفة في المؤتمر: تشرفت بمشاركتي في هذا المؤتمر الذي سلّط الضوء على صور المرأة في أدب الأطفال، وتوقف عند الصور النمطية لها في مجتمع ذكوري، وشاهدت نماذج عصرية لكتب الأطفال، واستمعت إلى مداخلات تصور المرأة الأم والأخت والابنة بشكل يتناسب مع الأفكار والمبادئ والأخلاق التي يتمتع بها المجتمع. وأنا من جهتي، أتطلع إلى كتابة مزيد من الأعمال التي تعكس الصورة الحقيقية للأنثى في أدب الأطفال بالكويت.
وبعد انتهاء جلسات المؤتمر، توقف الجميع أمام مشهد التكريم الذي خصت به الكويت، متمثلة برابطة الأدباء، الأديبة والناشطة على مستوى عربي ودولي في تنشيط أدب الأطفال وتوجيهه تربوياً، د وفاء ثابت المزغني، فقد صفق الجميع طويلاً في اللحظة التي سلمت فيها الكاتبة أمل الرندي، رئيسة لجنة أدب الطفل في الرابطة، درعاً تكريمية للمزغني، بوصفها رئيس المجلس العالمي لكتب اليافعين - فرع تونس، عربون وفاء لها وتقديراً لمهامها في خدمة الطفل العربي، وجهودها المتميزة في إقامة مؤتمر "صورة المرأة في كتب الأطفال".