تحدي الخاسرين

النبرة الحادة والصوت العالي لا يمكنهما التغطية على حقيقة الأزمة التي يعيشها النظام الإيراني.

أهم سمة وميزة تمنح الخصوصية لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية وتميزه عن باقي الانظمة السياسية الاخرى في العالم وبشكل خاص الديكتاتورية منها، هو إن هذا النظام وفي ذروة عجزه وضعفه وتراجعه المفرط، يستمر في إطلاق التصريحات المتشددة التي تغلب عليها لغة التحدي، وإن إلقاء نظرة على ماقد بدر عنه خلال العقود الاربعة الماضية أثناء الاوضاع والظروف الاستثنائية المتأزمة التي عصفت به تثبت وتٶكد صحة ما نرمي إليه.

الرئيس الايراني حسن روحاني تبختر منذ أغسطس/آب 2013 عند إنتخابه برداء الاعتدال والاصلاح وإستمر في ذلك عند إعادة إنتخابه لولاية ثانية. لكن يبدو إن هذا الرداء صار ثقيلا على جسده المنهك بفعل الضغوطات السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية، ولهذا فإنه وكما يظهر يميل الى أن يضعه جانبا في أحايين باتت تتكرر بعد تزايد الاحتجاجات الداخلية وبعد تطبيق العقوبات الاميركية بدفعتيها ضد بلاده.

روحاني قال يوم الاثنين المنصرم بأن سياسات أميركا في الشرق الأوسط من سوريا إلى اليمن فشلت، مٶكدا في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي ويغلب عليها التحدي، أن أميركا فشلت في وقف صادرات النفط الإيرانية كلية وستواصل طهران بيع نفطها. وأضاف وفي إشارة ضمنية لرفض المطلب الاميركي بإنهاء التدخلات الايرانية في بلدان المنطقة، إن إيران مصرة على تعزيز علاقاتها مع جيرانها. هذه اللغة والنمط والاسلوب والنبرة السائدة. هي بمثابة إستمرار للاسلوب والنمط المعهود لهذا النظام وبصورة خاصة لغة التحدي، وقد أثبتت تجارب سابقة بأن هذا النظام مولع بإصدار تصريحات متشددة وغير عادية في ذروة إحساسه بالضعف لأنه يعرف حقيقة مرة جدا وهي إنه وفيما لو أقر بالضعف ورضخ للأمر الواقع فإن النظام سيذوب وكما إنه تمثال من الثلج أمام شعاع الشمس.

تحدي روحاني ليس بمثابة تحدي المنتصرين أو حتى الصامدين المقاومين كما يسعى من أجل الإيحاء بذلك، بل إنه وفي الحقيقة والواقع يمكن وصفه ومن دون أدنى مواربة من إنه تحد واضح جدا للخاسرين الذين لم تعد هناك من أية خيارات أمامهم وصاروا محاصرين في زاوية ضيقة جدا وصار لزاما عليهم بأن يلقوا ما بأيديهم ويذعنوا للأمر الواقع. غير إن الذي يظهر واضحا إن روحاني ونظامه يسعى للسباحة ضد التيار. ولكن السٶال هو: الى متى سيتحمل النظام مثل هذه السباحة؟