ترتيبات تركية قطرية لإرسال مرتزقة صوماليين إلى ليبيا

اتصالات مكثفة بين الدوحة وأنقرة على أعلى مستوى تبحث تمويل الحرب ودراسة خيارات منها إرسال مرتزقة من جنسيات غير الجنسية السورية فيما تجري الاستعدادات لهجوم محتمل على سرت والجفرة.
سياسي ليبي: غرب ليبيا أصبح مستعمرة تركية بامتياز
التخطيط تركي والتمويل قطري لاجتياح ليبيا
ما حقيقة تدريب الدوحة لضباط ومرتزقة صوماليين
تركيا تلجأ لخزانها من الإرهابيين استعدادا لمعركة سرت
وزير الدفاع التركي يلتقي بوزير الدولة القطري لشؤون الدفاع ووزير داخلية الوفاق في أنقرة

لندن - تدرس تركيا عدة خيارات لتسريع هيمنتها على غرب ليبيا بما في ذلك استبدال المرتزقة السوريين الذين أرسلتهم لطرابلس بمرتزقة من جنسيات أخرى أهمها الجنسية الصومالية، فيما تلعب الدوحة دورا مهما في تأمين هذه المهمة، بحسب ما ذكرت تقارير إعلامية ليبية.

وقد تشمل الخطة التركية إرسال عدد من الضباط والجنود والمرتزقة الصوماليين للقتال في صفوف ميليشيات الوفاق الوطني وهو خيار وارد في ظل تعرض أنقرة لانتقادات غربية على خلفية تسليحها لميليشيات متطرفة وتصديرها للإرهاب من مناطق سيطرتها في سوريا إلى غرب ليبيا.

وكان لافتا في الفترة الأخيرة التحرك التركي باتجاه قطر لجهة تأمين تمويلات إضافية للعمليات العسكرية ونقل المرتزقة وأيضا لجهة الاستعانة بالمرتزقة الصوماليين الذين تلقوا تدريبات في الدوحة.

وللدوحة نفوذ كبير في الصومال بسبب علاقات وثيقة مع جماعات متشددة ومع رئيس الوزراء الصومالي محمد عبدالله محمد فرماجو الذي اختار التخندق في المحور القطري التركي.

ميليشيات الوفاق تستعد لهجوم على سرت والجفرة باسناد تركي
ميليشيات الوفاق تستعد لهجوم على سرت والجفرة باسناد تركي

وذكرت وزارة الدفاع القطرية في تغريدة على تويتر أن وزير الدولة لشؤون الدفاع خالد بن محمد العطية التقى اليوم الاثنين بوزير الدفاع التركي خلوصي اكار ووزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا لبحث آخر المستجدات على الساحة الليبية.

وأمس الأحد أجرى أكار ووفد عسكري مرافق له مباحثات في الدوحة شملت لقاء على أعلى مستوى مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تسوق لها أنقرة تحت عنوان تعزيز التعاون والتنسيق الثنائي بين البلدين من دون إشارات صريحة لترتيبات تعدان لها في ليبيا.

وجاءت زيارة أكار للدوحة وزيارة العطية لأنقرة بعد نحو أسبوعين من زيارة قام بها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لقطر في خضم الاستعدادات التركية لهجوم على مدينة سرت الساحلية وعلى الجفرة، وهي استعدادات قابلتها مصر بتحذير شديد اللهجة لميليشيات الوفاق المدعومة تركيا.  

واستخدمت تركيا منذ بداية تدخلها العسكري المباشر في الصراع الليبي دعما لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج والتي تهيمن عليها جماعة الإخوان المسلمين، خزانا من المتطرفين من المرتزقة السوريين الذين تشرف عليهم الاستخبارات التركية ومن الجهاديين التونسيين من تنظيم الدولة الإسلامية.

وبحسب تقارير ومصادر متطابقة من ضمنها المرصد السوري لحقوق الإنسان، أرسلت تركيا حتى الآن 16 ألف مسلح من المرتزقة السوريين و2500 من جهاديي داعش التونسيين.

لكن زيارة وزير الدفاع التركي الأخيرة للدوحة تركزت على بحث خيارات بديلة في مقدمتها الاستعانة بمقاتلين صوماليين سبق وأن تدربوا في قطر التي طُلب منها تخصيص ميزانية ضخمة لهم للقتال ضدّ الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وفق ما ورد في تقرير نشره موقع 'أحوال تركية' اليوم الاثنين نقلا عن مصادر ليبية.

وكانت صحيفة 'واشنطن بوست' الأميركية قد كشفت مؤخرا أن تركيا أرسلت في الأشهر الثلاث الأولى من العام الحالي فقط ما بين 3500 و3800 من المسلحين السوريين إلى ليبيا مع وعدهم بمنحهم الجنسية التركية.  

ولم تعد قضية المرتزقة من الجماعات السورية المتطرفة الموالية لأنقرة والتي أشرفت على تشكيلها وتدريبها الاستخبارات التركية في بدايات الحرب في سوريا، خافية على أحد بما في ذلك الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي لم تحرك ساكنا لوقف هذه الانتهاكات كما لم تفعل شيئا من قبل لمنع الرئيس التركي من تسليح الميليشيات الليبية المتطرفة.

وزير الدفاع التركي خلوصي اكار استكمل الأحد في الدوحة مباحثات اجراها اردوغان مع الشيخ تميم بن حمد حول ليبيا
وزير الدفاع التركي خلوصي اكار استكمل الأحد في الدوحة مباحثات اجراها اردوغان مع الشيخ تميم بن حمد حول ليبيا

وكانت الرئاسة التركية قد قالت مؤخرا إن الرئيسين التركي رجب طيب اردوغان والأميركي تباحث هاتفيا واتفقا على ضرورة حل للأزمة الليبية، في ترويج لمزاعم التوافق بين أنقرة وواشنطن حول دعم حكومة الوفاق.

وقد تكون واشنطن أبدت انحيازا في الفترة الأخيرة لحكومة الوفاق، إلا أنه سبق لها أن شنت غارات على مجاميع لمتطرفين في غرب ليبيا وهو ما يؤكد أن أميركا رغم تحالفها مع تركيا، لن تترك الساحة الليبية مفتوحة للمرتزقة المتطرفين، بينما تخضع حساباتها أيضا لمعادلة أخرى تقوم على كبح النفوذ الروسي في ليبيا وهو ما قد يفسرّ تساهلها مع الانتهاكات التركية.

ووضع تقرير صدر في الآونة الأخيرة عن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنقرة وواشنطن في حرج دولي حين أشار تفصيلا لقضية مرتزقة اردوغان في ليبيا.

ويُعتقد أن زيارة وزير الدفاع التركي لقطر أمس الأحد التي جاءت على عجل ودون سابق ترتيب، لا تخرج عن السياقات سالفة الذكر، فأنقرة تحاول بترتيب مع الدوحة لململة فضيحة المرتزقة السوريين لاحتواء الضغوط والانتقادات الدولية.    

والأرجح بحسب قراءات ليبية أن الأمر يتعلق باستخدام خزان آخر من المرتزقة من جنسيات غير سورية، وهو ما يفسرّ أيضا لجوء أنقرة لإرسال نحو 2500 جهادي تونسي يقاتلون في سوريا إلى ليبيا في هذا الظرف الدقيق الذي تجري فيه استعدادات حثيثة لشن هجوم على سرت والجفرة.

وكانت تركيا نقطة العبور الرئيسية للجهاديين التونسيين إلى سوريا التي وصلوها من طرابلس في بدايات الحرب السورية عبر جسر جوي يربط مطار طرابلس الدولي بمطار اسطنبول حين كانت حكومة إسلامية تدعمها قوات فجر ليبيا ومعظمها من الفصائل الليبية المتشددة، تسيطر على طرابلس.

ووفرت تركيا حينها للجهاديين التونسيين كل التسهيلات للعبور إلى الجانب الآخر من الحدود مع سوريا وهي تعلم جيدا انتماءاتهم وأنهم قادمون من معسكرات تدريب وتجميع ليبية أعدت للغرض، وفق اعترافات وردت في تسجيلات مصورة لمتطرفين اعتقلتهم السلطات السورية قبل سنوات.

تركيا تدعم ميليشيات الوفاق بمرتزقة من جنسيات متعددة بينها الصومالية والتونسية
تركيا تدعم ميليشيات الوفاق بمرتزقة من جنسيات متعددة بينها الصومالية والتونسية

وبحسب ما تسرب من معلومات بعضها وردت حديثا في عدة تقارير عربية ودولية، فإن عددا غير معلوم من الضباط والجنود الصوماليين تلقوا تدريبات في الدوحة التي تضم قاعدة عسكرية تركية والتي كانت مركزا لتدريب مرتزقة من الصومال نقطة انطلاق لنشر هؤلاء في بؤر التوتر بالشرق الأوسط وبدول القرن الإفريقي ضمن أجندة التمكين لجماعات الإسلام السياسي في المنطقة.  

وتواجه تركيا أزمة في تمويل تدخلاتها العسكرية الخارجية مع استنزاف مواردها المالية بسبب فتحها أكثر من جبهة مواجهة ومع تركة ثقيلة من المشاكل المالية والاقتصادية وتراجع حاد في إيرادات السياحة وموجة اضطرابات ضربت عملتها الوطنية فضلا عن تداعيات فيروس كورونا على اقتصادها المتعثر.

وتشير الاتصالات المكثفة على أعلى مستوى مع الدوحة إلى أنها تراهن على الحليف القطري لإسنادها ماليا وهو أمر لم تخفه الدوحة التي أعلنت قبل أشهر استعدادها لضخ استثمارات بنحو 15 مليار دولار في السوق التركية لدعم الليرة.

وللاستثمارات القطرية في تركيا وغيرها من الدول عناوين أخرى غير تلك المعلنة ضمن ما تسميه تعزيز الشراكات.

ويبدو أن زيارة أردوغان للدوحة والتي أتبعها بأخرى لوزير دفاعه خلوصي اكار في أقل من أسبوعين تصب في إطار طلب تمويل الحرب في ليبيا بما يشمل نقل المزيد من المرتزقة من غير السوريين.  

وبعد يوم من زيارته للدوحة، التقى خلوصي اكار وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية فتحي باشاغا ووزير الداخلية والأمن الوطني المالطي بيرون كاميليري.

ودعا إلى التوقف فورا عن دعم المشير خليفة حفتر الذي أكدت قواتها أنها جاهزة لصد اي عدوان تركي على سرت والجفرة، مؤكدا أن أنقرة ستواصل تعاونها مع حكومة الوفاق في مجال "التدريب والتعاون والمشورة العسكرية".

اردوغان الآمر الناهي في غرب ليبيا ولا سلطة قرار لحكومة السراج
اردوغان الآمر الناهي في غرب ليبيا ولا سلطة قرار لحكومة السراج

تأتي تصريحات الوزير التركي فيما يزداد الوضع توترا في ليبيا، حيث لوحت مصر بالتدخل عسكريا في حال تقدمت ميليشيات الوفاق نحو مدينة سرت الإستراتيجية.

وبدا واضحا أن لهذا اللقاء صلة بالمباحثات التي أجراها أردوغان ووزير دفاعه في الدوحة مع كبار المسؤولين.

ويرجح أن الوزير التركي بحث مع باشاغا قضية استبدال المرتزقة السوريين بمرتزقة من جنسيات أخرى، حيث يجري ترتيب مثل هذه المسائل مع القادة العسكريين والأمنيين في حكومة الوفاق.

وباشاغا وخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة من الشخصيات الاخوانية التي توصف بأنها من رجال تركيا في ليبيا ويجري التنسيق معها باستمرار في أي ترتيبات عسكرية وأمنية وازنة.

وتقول مصادر ليبية إن حكومة الوفاق بلا حول ولا قوة وأنها لم تعد تملك سلطة قرارها، حيث تعود في قراراتها حتى الداخلية منها إلى الرئاسة التركية.

وقال رئيس لجنة العمل الوطني خالد الترجمان إن غرب ليبيا أصبح مستعمرة تركية بامتياز، مشيرا إلى أن الرئيس التركي هو الحاكم الفعلي حاليا للمنطقة الغربية.

وأضاف السياسي الليبي أمس الأحد في مقابلة مع برنامج "بالورقة والقلم" الذي تبثه قناة 'تن' المصرية (Tahrir Egyptian network) أن التعليمات في الغرب الليبي أصبحت تركية بامتياز ولم يعد هناك قرار لسلطة الوفاق.