تركيا تتغلغل في مفاصل الجيش الصومالي

انقرة تخرج كتيبة جديدة من الجنود الصوماليين تحت اشرافها وتصف المتخرجين بالعمود الفقري للقوات المسلحة الصومالية.
الجيش الصومالي اصبح وسيلة لدعم النفوذ التركي في القرن الافريقي
حديث انقرة عن مكافحة الارهاب في الصومال مجرد غطاء للتدخلات التركية في افريقيا

انقرة - تحاول أنقرة جاهدة لدعم نفوذها في القرن الإفريقي بحجة دعم الجيش الصومالي في مواجهة حركات التمرد والمجموعات المسلحة المناوئة للسلطة القائمة. 
وقال السفير التركي في الصومال، محمد يلماز، إنّ مركز التدريب العسكري التركي في العاصمة مقديشو، سيخرج الكتيبة الخامسة من الجنود الصوماليين، التي تضم نحو ألفي و500 عسكريا.
جاء ذلك، في مقابلة أجرتها "الأناضول" مع يلماز، تطرق فيها لعلاقات التعاون، بين تركيا والصومال، وعلى رأسها التعاون العسكري، إضافة إلى مجالات الصحة والتعليم والدعم.
وتحاول تركيا السيطرة على كل نواحي الحياة في الصومال والسيطرة على اجهزة دولة ضعيفة وغير مستقرة خدمة لطموح التوسع التركي حيث شدد يلماز، على أن التعاون التركي في مجال التدريب العسكري مع مقديشو "يحمل أهمية بالغة من أجل الصومال، ويساهم في أمنه ومكافحته للإرهاب، وتكوين العمود الفقري لجيش صومالي موحد".
لكن حديث يلماز عن مكافحة الارهاب مجرد غطاء لمحاولات انقرة التدخل في القارة السمراء سواء من البوابة الصومالية اوالليبية.
وتعد القاعدة التركية في الصومال، أكبر مركز تدريب عسكري خارج الأراضي التركية، يهدف لدعم القوات المسلحة الصومالية 
وكشف يلماز ان عمليات التدريب تتمثل في"إخضاع العسكريين الصوماليين لتدريبات أساسية قرابة 3 أشهر في مقديشو، من ثم نقلهم جوا، إلى مركز الكوماندوز بولاية إسبارطة، غربي تركيا، لتلقّي تدريبات إضافية لـ3 أشهر أخرى".
وينضم العسكريون الذين يستكملون تدريباتهم في إسبارطة وفق يلماز، إلى صفوف الجيش الصومالي، لإنجاز المهام الموكلة إليهم، والمشاركة في "العمليات الحساسة".
وأوضح أنه مع انتهاء تركيا من تدريب قرابة 15 إلى 16 ألف جندي صومالي، ستكون بذلك قد درّبت حوالي ثلث الجيش الصومالي.
وتتدخل تركيا في الملف الصومالي وسط تراخ دولي وافريقي حيث فتح قرار بعثة الاتحاد الافريقي الى الصومال سحب عدد من قواتها الباب امام التغلغل التركي.
وردا على نقاشات تثار بشأن انسحاب تلك القوات خلال المرحلة المقبلة، قال يلماز: إن "الخطة الانتقالية الموضوعة من أجل أنشطة تأسيس الدولة في الصومال، تنص بالأساس على ذلك".
وتابع: "وفي هذا الإطار، تم خفض عدد قوات البعثة العامين الماضي والحالي بنحو ألفي جندي، ولكن تطبيق ذلك عمليا مرتبط بتشكيل قوات أمن صومالية بعدد كاف".
واستدرك السفير التركي، أنه "بسبب هذا النقص، بات تأهيل قوات عسكرية صومالية أولوية رئيسية، ويمكننا القول بكل وضوح أن تركيا هي البلد الذي يقدم مساهمة أكثر كفاءة بهذا الخصوص".

التراخي الدولي وحديث عن انسحاب قوات بعثة الاتحاد الافريقي يفتح الباب امام التدخل التركي
التراخي الدولي وحديث عن انسحاب قوات بعثة الاتحاد الافريقي يفتح الباب امام التدخل التركي

ودائما ما تستغل تركيا الغياب الدولي في بعض الدول التي تعاني من ازمات وحروب لملء الفراغ بحجج عديدة.
وكان لافتا أن التراخي الدولي وتحديدا الأوروبي في التعاطي بواقعية وبحزم مع التدخل العسكري التركي في ليبيا وتمسكه بانتهاك الاتفاقيات الدولية المتعلقة بعمليات التنقيب في شرق المتوسط، شجع أردوغان على توسيع أطماعه لتشمل مياه الصومال.
والصومال الذي يتقلب على وقع أزمة داخلية وانفلاتات أمنية وهجمات إرهابية تشنها حركة الشباب الصومالية، تحول الى فضاء جيوسياسي حيوي للأطماع التركية وتتناغم بيئته المتوترة مع أهداف التحرك التركي في ربط صلات مع التنظيمات المتشددة على غرار مع فعل في سوريا وما يفعل في ليبيا.
وأصبحت تركيا من كبار مانحي المساعدات للصومال بعد مجاعة ألمت بالبلد الإفريقي عام 2011 إذ تسعى أنقرة لزيادة نفوذها في البلد الإفريقي الذي تمزقه الصراعات وهي بيئة يحبذها الرئيس التركي للتمدد تحت عنوان المدّ الاغاثي والإنساني.
ويساعد مهندسون أتراك في تشييد الطرق بالصومال اضافة الى تقديم انقرة مساعدات لمقديشيو لمواجهة وباء كورونا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان افاد قبل اشهر أن الصومال طلبت من بلاده التنقيب عن النفط في مياهها، في إعلان يأتي وسط توترات يثيرها إصرار تركيا على مواصلة أنشطة التنقيب شرق البحر المتوسط.
ولم تصدر الحكومة الصومالية ما يؤكد أو ينفي صحة تصريحات أردوغان، إلا أنه من الواضح في خضم هذا المشهد الذي يزداد تعقيدا أن مقديشو اختارت منذ فترة التخندق في المحور القطري التركي.
وسبق للرئيس الصومالي أن فتح أبواب بلاده أمام التوسع القطري من بوابة الاستثمارات في تطوير الموانئ والاتفاقيات التجارية، فيما تشكل هذه البوابة في الوقت ذاته منافذ مهمة للنظام القطري للتواصل المباشر مع حركة الشباب الصومالية.
وتركيا وقطر حليفان تعززت علاقاتهما بعد قرار المقاطعة العربية والخليجية للدوحة في يونيو/حزيران 2017 بعد أن افتضح تورط الدوحة في دعم وتمويل الإرهاب.
ويشكل الصومال فضاء جغرافيا حيويا للحليفين للتوسع والتمدد باستثمار ضعف الحكومة القائمة في الصومال وفي ظل تنامي قوة حركة الشباب الفرع الصومالي للقاعدة والتي تشير تقارير إلى ارتباطات وثيقة بينها وبين الدوحة تحت أكثر من غطاء تمويهي لتضليل المجتمع الدولي والتغطية على الارتباطات المشبوهة.
وفي الوقت الذي كان يفترض فيه أن يضع الاتحاد الأوروبي كقوة دولية وازنة في دول حوض المتوسط، حدا لخروقات الرئيس التركي، تعامل معه على ما يبدو كأمر واقع بما يشمل تدخله السافر في الأزمة الليبية وتهديداته بتوسيع نشاطات التنقيب عن النفط.