ترياق محمد لم تتأثر بالشعراء وإنما بالقصائد

الشاعرة السورية ترى أن الشعر هبة من الخالق تنمو فينا دون أن نخطّط لها عن سابق نية.
اليد ترتعش والقلب ينبض حين تختلي بروحك، ويكون صديقك الأوفى هو قلمك
الشعر والإبداع يأتيان بدون مطالب وشروط، وبالصدق وحده تتجمل القصيدة

كأي شاعر موهوب بالفطرة لا يعرف متى تفتتح له أبواب الإبداع على مصراعيها وتتدفق القصائد المرصعة بالأحاسيس والمشاعر الجياشة كالسيل في مجرى النهر على صفحات الأوراق البيضاء بحبر آلام وأفراح مدفونة في حنايا الروح والقلب، هكذا اقتحم الشعر عالمها أيضًا لتجمع فيما بعد الأشعار الوطنية والغزلية والاجتماعية في بضع دواوين وتسجل لنفسها بصمة واسما في عالم الشعر. تكتب غالبًا في بيئة هادئة، تترجم صدى وأنين القلب بالصدق والوجدان، بعيدة عن الضجيج وعن التصنع والتقليد، فهي تكتب لكل الفئات المجتمع بأسلوب السهل الممتنع. 
تربت شاعرتنا في حضن أسرة بسيطة في قرية وادعة الجمال، كانت طفلة مدللة ومشبعة بحنان والدها إلى حين فارقها وهي في سن الرابعة عشرة مما جعلها تشعر بالكآبة والقلق فقد فقدت روحاً صادقة كانت تستند إليها وصمام أمان كان يعطيها الدفء والطمأنينة. أكملت دراستها الثانوية في قريتها جيبول ثم انتقلت إلى الجامعة قسم اللغة الإنجليزية ولظروف وعناء الحياة لم تكمل دراستها الجامعية، دخلت فيما بعد إلى القفص الذهبي، وتقول: تزوجت منذ ثلاث سنوات، لست بأم إلى الآن وكم أطمح لأكون وهذا بحكم القدر. 
نشرت في العديد من المجلات العربية كما نالت شهادات تكريم عديدة. لها مشاركات في ملتقيات ثقافية في مختلف المحافظات السورية وعدد من اللقاءات الصحفية والإذاعية. في جعبتها ثلاثة دواوين شعرية وديوان مشترك واحد بالإضافة إلى عدة دواوين مشتركة الكترونية.
ترياق صالح محمد، شاعرة سورية من مدينة جبلة بمحافظة اللاذقية.

هنيئاً للشعر بك، رغم كل صعوبة تواجهك لا تقفي مكتوفة الأيدي، دعي قلمك يصرخ ويثبت أنك أنثى مختلفة قادرة على التعبير مهما كان الظرف

لم تطرق الشاعرة ترياق أبواب الشعر بته، فهو مَن بادر إلى اقتحام عالمها فكانت النتيجة إلى الآن، قصائد كثيرة في بضع دواوين وقالت: لم أخُضْ تجربة الشعر عن سابق نية، الشعر هو من اقتحم مخيلتي، كنت بأمس الحاجة لأفرِّغ ما بداخلي من هموم وأحاسيس وعواطف، هنا كانت بداية رحلتي، والشعر حين بدأت بالنشر على مواقع التواصل وبدأت تلاقي قصائدي إعجاب من يتابعني فتشكل حافزاً ومشجعاً لي في بدايتي لذا استمريت وخضت التجربة أكثر فأكثر حتى جمعت قصائد عدّة في ثلاثة دواوين تنوعت بين الوطني والعاطفي ومواضيع اجتماعية مختلفة تمس الواقع الذي نحياه بحلوه وشقائه.
أما الصعوبات التي واجهتها في بداياتها، فتمثلت في إظهار خلجات الروح التي تسكنها، لكن الثقة بالنفس كانت تدفعها للكتابة لإخراجها إلى العلن. وتقول إنها تجاوزت هذه الصعوبات من خلال نصائح الشعراء/ الأصدقاء، فالأصدقاء الشعراء قدموا لي النصيحة ممن هم الأقدر على صياغة نص مكتمل الجمال بمعاييره الأدبية من حيث الصور الشعرية والإيحاء والتحليق بطريقة التعبير عن الموضوع والنص الذي يلامس شغاف القلب لنصوغه بأبهى قصيدة!
تنسج قصائدها بين جدران العزلة على نار القلب ما يكفي ليتلقاه القارئ بكل شفافية، فاليد ترتعش والقلب ينبض حين تختلي بروحك، ويكون صديقك الأوفى هو قلمك ريثما تنضج القصيدة على نار القلب والوجدان وتقدمها للقارئ على طبق من إحساس فيه من الصدق في التعبير ما يكفي ليتلقاه بكل شفافية بعيداً عن التصنع والتكلف.
تؤكد ترياق محمد بأن الشعر والإبداع يأتيان بدون مطالب وشروط، وبالصدق وحده تتجمل القصيدة، فالإبداع لا تصنعه حالة محددة، لكن عمق الإحساس والمشاعر الجياشة هي خلف نجاح القصيدة، الصدق في التعبير أوّلاً وأخيراً هو السر الغامض والكامن في عمق القصيدة وجماليتها. 
كم رأينا من شعراء لا يمتلكون شهادات علمية، لكن، الشعر هبة من الخالق تنمو فينا دون أن نخطّط لها عن سابق نية! الشعر ينفرد بأنه يعكس ذاتك التي تتنفس من خلالها وتقول مالا تستطيع قوله من خلال البوح النابع من صميم القلب والروح.
ترى ترياق في الشاعر أنه الأكثر معايشة لهموم الواقع خلافاً عن باقي البشر، تارةً يكون مجنوناً وتارةً أعقل العقلاء حسب مزاجه المتقلِّب،  فالشاعر يملك رؤيةً مختلفة جدّاً حيث يبحر في أحلامٍ تجسد يوميات ووقائع ملموسة من حالات حرب وبؤس وتشرد وجوع. حالات أخرى نعيشها كأشخاص في الخصوص أو العموم من صدمات أو خيبات نمر بها كالخيانة أو حالات الفراق على شكليها البعد أو الموت الذي يسلبنا أعز أحبتنا حينها مع الدموع نسطِّر قصائد رثاء أو مناجاة أو حنين وذكريات تحيا بدواخلنا ولا تأبى أن ترحل كمن رحلوا.
الشاعر يحلق بخياله في حالات الحب السامي، ويرسم الأحلام والأمنيات كما تحلو له أن تكون، تارةً يكون مجنوناً وتارةً أعقل العقلاء حسب مزاجه المتقلِّب في كل حين فلا قانون يحكم الشاعر بأهوائه وانفعالاته المتقلِّبة التي يمر بها بين تارةً وأخرى.
وتشير إلى أهمية الشعر على مر التاريخ في تدوين الأحداث والأمكنة في أرشيف الذاكرة، وتقول: الشعر يحيي الأمكنة في أرشيف الذاكرة فكم من قصيدة كتبت منذ زمن ليس بقريب ولم تفقد رونقها، تحتفظ بها في أرشيف ذاكرتك وحين تعود لها لاحقاً تعرف ما هي مناسبتها وزمنها ولمن كُتبتْ وما حالتك التي كنت بها حينها، لو كان الشعر حالات وقتية لما رأينا قصائد الشعراء خالدة منذ المئات السنين. الشعر وحده من يعمِّر طويلاً، يرحل جسد الشاعر ويفنى، ويبقى له محفوظاته من دواوين وأشعار تمجد رحلته الحياتية التي مرَّ بها وتخلد اسمه لأجيال متلاحقة ويبقى اسمه محفوراً في وجدان كل متذوق للشعر على مر العصور والأزمان.  

Literary dialogue
لا أرغب بأن أكون نسخة عن شاعر ما

لا تكتب ترياق محمد لفئة محددة بل لكافة الفئات المجتمعية، وتوضح: نصوصي جميعها من السهل الممتنع قريبة لقلب القارئ بأبسط عبارات فأنا لا أكتب لفئة معينة بحد ذاتها، هناك بعض من يقول لكَ لا أحبُّ الشعر لأن لغته غير مفهومة وكلماته تحتاج ربما لقاموس لتدرك معناها، لذا علينا أن نراعي كافة المستويات والثقافات. أنا أكتب لكافة الشرائح المجتمعية وليس غايتي أن يقال بأني قادرة على كتابة نص يحتاج لفك اللغز والمقصد منه. الشعر كلما كان بسيطاً صادقاً سيصل بلا أدنى شك.
المعاني والدلالات لعناوين دواوينها: 
الديوان الأول "نداء بلا صوت" عن مؤسسة سوريانا للإنتاج الإعلامي عام 2018 ـ سوريا. هو نداء صامت للأرواح المتعبة التي لا تجد من يسمع شكواها.
الديوان الثاني "في قلبي وطن" عن مؤسسة الكاظمي الإعلامية عام ٢٠١٨ـ العراق. دلالته تعني لا ملجأ ولا حضن ولا أمان ولا دفء بلا وطن، وحده من يسكن قلبي بصدق الانتماء بلدي الغالي سوريا.
الديوان الثالث "من وحي قلبي" عن مؤسسة سورينا للإنتاج الإعلامي 2019ـ سوريا. استوحيت من شغاف قلبي كل ما كتبت عن ذاتي وآهاتي ومكنونات فؤادي الحالمِ بالسعادة فكان بمثابة مرآة حقيقية لنفسي قبل كل شيء.
الديوان الرابع هو ديوان مشترك بعنوان "خوابي الحروف" طبع في العراق تحت إشراف مجلة الفنون والآداب الورقية عام 2019  
كما شاركت أيضاً بعدة دواوين مشتركة إلكترونيًا 
هي لم تتأثر بالشعراء وإنما بالقصائد فهي لا ترغب أن تكون نسخة عن شاعر وتقول: ليس هناك من شاعر محدد يشدني أو أميل لكتاباته أكثر من غيره، القصيدة هي من تشدني لا اسم الشاعر. 
أيّاً كان هناك قصائد حين تقرأها، تشعر وكأنك أنت المقصود بها، كأن الشاعر يكتب حزنك وألمك وهمك أو سعادتك، فالقصيدة هي المغناطيس الذي يجذب القارئ لها بكل عذوبة وشغف. أن أتأثر يعني أن أقلِّد، وأنا لا أرغب بأن أكون نسخة عن شاعر ما. كل ما أود إيصاله هو روحي في كلمات أنيقة تليق بمن يحب الشعر والإحساس والكلمة الطيبة والجميلة.
لا تؤمن ترياق بتصنيف الأدب إلى أدب المرأة وأدب الرجل، وتوضح: الأدب ما كان حكراً على جنس معين سواء رجل أو امرأة، لكن طريقة التعبير تختلف، المرأة تحكمها عواطفها فهي كتلة من المشاعر المتَّقدة تبدو ضعيفةً تارةً في كتاباتها وأخرى تبرز أنها قوية قادرة على التعبير والمواجهة بينما الرجل قلَّما يُظهر ضعفه في مناجاته، وانكساراته. المرأة والرجل يكمِّلان بعضهما البعض فلِمَ نضع كل منهما في بوتقة خاصة بأحدهما. 
وتنصح المرأة قائلة: على المرأة أن تثبت ذاتها وتظهر كل جوانب النجاح التي تكمن بشخصيتها أي هي طموحة ومثابرة وتسعى للأفضل
وتنصح المرأة الشاعرة قائلة: بالنسبة للمرأة الشاعرة، أقول هنيئاً للشعر بك، رغم كل صعوبة تواجهك لا تقفي مكتوفة الأيدي، دعي قلمك يصرخ ويثبت أنك أنثى مختلفة قادرة على التعبير مهما كان الظرف