تقارب فرنسي جزائري يدفع ماكرون للترحيب بالعفو عن معتقلي الرأي

مراقبون يرون ان الجزائر تسعى إلى تحسين العلاقات مع فرنسا في خضم المخاوف الجزائرية من التقارب الكبير بين واشنطن والرباط وتمكن المغرب من تحقيق انتصارات دبلوماسية باعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء.
الجزائر المعزولة اقليميا تحاول استمالة الدعم الفرنسي

باريس - رحب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالعفو عن معتقلي رأي الذي قرره الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في مناسبة الذكرى الثانية لانطلاق الحراك الشعبي وذلك في اتصال هاتفي بينهما كما أعلن قصر الاليزيه الأحد.
وقال الاليزيه في بيان إن ماكرون "رحب" بالعفو و"عبر عن دعمه لتطبيق الإصلاحات الجارية".
وقرر تبون العفو عن "ما بين 55 و 60" معتقلا من الحراك، الحركة الشعبية التي انطلقت عام 2019 ونتج عنها رحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن السلطة بعد أربع ولايات متتالية.
وفي وقت لاحق، أجرى تبون تعديلا حكوميا جزئيا لم يشمل تغييرا للوزراء البارزين، كما أنه حلّ المجلس الشعبي الوطني، الغرفة السفلى في البرلمان، تمهيدا لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة خلال ستة أشهر على حد أقصى، وفق ما أعلن التلفزيون العام.
وذكرت الرئاسة الفرنسية أن "الرئيسين اتفقا على تعزيز التعاون بين فرنسا والجزائر".
وقالت "تبادلا من جانب آخر وجهات النظر حول الخطوات التالية للتقرير الذي سلمه بنجامين ستورا حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر، لرئيس الجمهورية في 20 كانون الثاني/يناير الماضي".
وكلّف إيمانويل ماكرون بنجامان ستورا، أحد أبرز الخبراء المتخصصين بتاريخ الجزائر الحديث، في تموز/يوليو "بإعداد تقرير دقيق ومنصف حول ما أنجزته فرنسا حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر" التي وضعت أوزارها العام 1962 وما زالت حلقة مؤلمة للغاية في ذاكرة عائلات ملايين من الفرنسيين والجزائريين.
واعتبر وزير الاتصال الجزائري والمتحدث باسم الحكومة عمار بلحيمر الأربعاء، ان تقرير المؤرخ الفرنسي "جاء دون التوقعات".
وأعلن الاليزيه ان ماكرون أكد على "نوعيته" و"كرر لمحاوره تأكيد رغبته في مواصلة العمل حول الذاكرة، والاعتراف بالحقيقة والمصالحة".
ومع اقتراب الذكرى الستين لاستقلال الجزائر في 2022، لا يزال هذا الملف حول ذاكرة الحرب يلقي بثقله على العلاقات بين البلدين.
ويرى مراقبون ان هنالك توجه جزائري لتحسين العلاقات مع فرنسا بعد ان تدهورت هذه العلاقات في بدايات تولي تبون للسلطة اثر نجاح الحراك في فرض ضغوط لإنهاء حكم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

وكان تبون دخل في خلافات عميقة مع السلطات الفرنسية ابان تسلمه لمقاليد الحكم حيث واجه الانتقادات الفرنسية لحكمه بدعوة باريس الى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لبلاده.
وتشير بعض المصادر ان مرد هذا التحسن هو المخاوف الجزائرية من التقارب الكبير بين واشنطن والرباط وتمكن المغرب من تحقيق انتصارات دبلوماسية على حساب الجزائر باعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء.
ويظهر جليا ان الجزائر أصبحت معزولة في المنطقة في خضم تغييرات جيوسياسية عميقة تمكن المغرب من فك ألغازها والعمل على تحقيق مصالح شعبه من خلالها مع عدم التفريط في مبادئه وحقوقه الأساسية التي كفلتها القوانين الدولية.