تونس تقترب من الرأس المدبرة لشبكات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر

إيقاف محمد فريخة صاحب شركة طيران متهمة بالتورط في نقل الشباب التونسي إلى بؤر التوتر للمشاركة في عمليات إرهابية.
التحقيق مع صاحب شركة طيران ساعدت في تسفير الشباب التونسي إبى بؤر التوتر
إخضاع قيادات أمنية ونهضوية ووزير سابق للتحقيق في قضية تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر
محافظ مطار تونس متهم بالتورط في تسفير الشباب إلى بؤر التوتر
تونس

أوقفت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب الإثنين، رجل الأعمال والنائب السابق عن حزب النهضة محمد فريخة  وآمر (محافظ) سابق لمطار تونس قرطاج الدولي وقيادات أمنية ونهضوية، على ذمة التحقيقات المتعلقة بشبهات التورط في شبكات تسفير تونسيين إلى بؤر التوتر.
وأذنت النيابة العمومية اليوم لأعوان الوحدة المركزية لمكافحة الإرهاب والجرائم الماسة بسلامة التراب الوطني، بالاحتفاظ بفريخة على ذمة القضية، وذلك على خلفية امتلاكه سابقا لشركة طيران.
ووفق اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب (حكومية)، التي تشكلت في 2019، فإن "عدد التونسيين في بؤر التوتر بلغ حوالي ثلاثة آلاف، عاد منهم إلى تونس 1000 عنصر إرهابي، في الفترة الفاصلة بين 2011 وحتى تشرين الأول/ أكتوبر 2018.
واتهمت البرلمانية السابقة عن حزب نداء تونس ليلى الشتاوي التي ترأست لجنة التحقيق في قضايا التسفير الشباب التونسي إلى بؤر الإرهاب سنة 2016، فريخة في أكثر من مناسبة، بشبهة تورط شركته في تسفير الشباب إلى سوريا، مؤكدة أن لديها "أدلة قاطعة تدينه هو وشركته".
ويتهم كاتب عام نقابة أمن مطار تونس قرطاج الدولي السابق عصام الدردوري في تصريح خاص لـ"ميدل إيست أونلاين"، شركة سيفاكس بالحصول على معاملات استثنائية بالمطارات التونسية وإعفاء مسافريها من بعض إجراءات التفتيش والتدقيق التي كان يخضع لها باقي المسافرين.

العملية تبدأ باستقطاب الشباب التونسي وتسفيره للتدريب ليبيا، ثم يسافر جوا إلى تركيا ومنها إلى سوريا والعراق

وحصلت شركة سيفاكس للطيران على الترخيص في أيلول/ سبتمبر سنة 2011، ليتوقف نشاطها في يوليو/ تموز 2015 نتيجة "صعوبات اقتصادية".
ويتردد في الأوساط السياسية أن فريخة لم يكن نهضوي العقيدة وإنما جمعته مصالح عليا مع شيخها النهضة راشد الغنوشي الذي دعمه وساعده لدخول الحياة السياسية ليتمكن من الحصول على كرسي بمجلس النواب كنائب عن حركة النهضة انطلاقا من سنة 2014، قبل أن يتوارى عن الأنظار ويغادر الحياة السياسية بعد انقضاء الدورة البرلمانية في 2019.
وفي عام 2017 تشكلت تونس لجنة برلمانية للتحقيق في الشبكات المتورطة بتجنيد وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر خارج البلاد التونسية للقيام بأعمال إرهابية.
وتقدم الدردوري بملف للجنة يقول إن به "أدلة دامغة حول تورط حركة النهضة وأذرعها داخل المطار وفي وزارة الداخلية في التغرير بالشباب وتسفيره للعراق وسوريا وأفغانستان".
وأوضح الدردوري "أن العملية تبدأ باستقطاب الشباب التونسي ليتم تسفيرهم إلى ليبيا حيث معسكرات التدريب، ثم يسافرون جوا إلى تركيا ومنها يتم إدخالهم عبر الحدود البرية إلى سوريا بالأساس ومنهم من يواصل "طريق الجهاد" نحو العراق.
وأشارت صفحة فريخة الرسمية على الفيسبوك في تدوينة عقب عملية الإيقاف الإثنين، إلى أن "شركة سيفاكس مثل كل شركات الطيران في تونس وخارجها كانت مهمتها فقط بيع التذاكر، بينما مهمة مراقبة المسافرين هي مهمة وزارة الداخلية، والديوانة، وحتى موظفو سيفاكس والطيران لا يصعدون الطائرة إلا بعد التفتيش والموافقة الأمنية". 
وحسب تصريحات سابقة لعدد من الأمنيين، لعبت سيفاكس بالتواطئ مع حركة النهضة الإخوانية دورا رئيسيا في تسهيل عبور الإرهابيين عبر مطار تونس قرطاج الدولي حيث تطير ناقلات سيفاكس بالشباب التونسي مباشرة إلى تركيا، إضافة إلى ضلوعها في تمرير حقائب من الأموال المشبوهة.

محمد فريخة صاحب شركة سيفاكس للطيران
محمد فريخة صاحب شركة سيفاكس للطيران

وأوقفت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب محافظ مطار تونس قرطاج الدولي الأسبق لمدة 5 أيام قابلة للتمديد وذلك على ذمة الأبحاث في نفس القضية.
أذنت النيابة العمومية أيضار بالاحتفاظ بمسؤولين أمنيين سابقين على ذمة القضية وهما فتحي البلدي وعبد الكريم العبيدي.

مكالمات سرية تورط رئيس فرقة حماية الطائرات بالمطار في قضية تسفير الشباب إلى بؤر التوتر

ويؤكد الدردوري لـ"ميدل إيست أونلاين" أن العبيدي كان يشغل رئيس فرقة حماية الطائرات بالمطار وقدّم تسهيلات كبرى لحركة النهضة، مشيرا إلى أن الجهات الأمنية الخاصة تحتفظ بمكالمات سرية بين العبيدي وقيادات نهضوية كبرى حول تسفير الشباب إلى بؤر التوتر.
وأضاف أن هناك مكالمات أخرى تورط العبيدي وقيادات نهضوية في عملية اغتيال النائب السابق محمد البراهمي.
وتحقق الوحدات الأمنية مع عدد من المسؤولين المشتبه فيهم حيث تم الأسبوع الماضي إيقاف كل من النائبين عن كتلة ائتلاف الكرامة (متشدد قريب من النهضة)، محمد العفاس ورضا الجوادي، قبل أن يتم إطلاق سراح الأول.
وتم التحقيق في الـ23 من أغسطس/ آب الماضي مع وزير الشؤون الدينية الأسبق نور الدين الخادمي (نهضوي) على خلفية شبهات بتورطه في جرائم إرهابية ومالية تتعلق بملف تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، قبل أن يقرر المحققون منعه من السفر.
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، أصدرت محكمة تونسية أحكاما أولية بالسجن بين 5 أعوام و74 عاما، بحق 6 مدانين بإرسال تونسيين إلى بؤر التوتر والإرهاب في سوريا وليبيا.
ويُتهم المدانون بتكوين شبكة تستدرج الشباب وتدربهم للقتال في بؤر الإرهاب.
وأفادت جهات أمنية أنه تم تفكيك الشبكة بعد رصد تحركات عناصرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وفتحهم لصفحات تحرض على الذهاب إلى بؤر التوتر والإرهاب في سوريا وليبيا.
ويعتقد متابعون أن مسار التحقيقات والإيقافات في قضية التسفير تأخذ منحى تصاعديا من حيث أهمية وخطورة الشخصيات المشبوهة والأدوار التي كانت تقوم بها، مشيرة إلى أن إيقاف فريخة الإثنين يسجل خطوة إلى الأمام نحو الرأس المدبرة التي تمسك في آن واحد بخيوط شبكات التسفير والأمن الموازي لحركة النهضة والاغتيالات السياسية.