ثقافة الموصل تنهض من جديد

المؤسسات الثقافية في المدينة العراقية تعود للحياة بعد طرد المتطرفين بتنظيم أسواق أسبوعية للكتب ومعارض للصور الفوتوغرافية.
مكتبة جامعة الموصل تعد من أهم المكتبات في الشرق الأوسط
تنظيم الدولة الإسلامية خنق الفنون والثقافة في المدينة
إطلاق حملة دولية لتعويض مليون كتاب أحرقها المتشددون في مكتبة جامعة الموصل

الموصل (العراق) - يُحتفى بالموصل منذ فترة طويلة كمركز للثقافة العراقية، لكن تلك الحياة تغيرت حتى قبل إعلان الدولة الإسلامية الخلافة فيها عام 2014. فقد فرض تنظيم القاعدة حظرا للموسيقى في المدينة في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003، ولا يكاد أحد يتذكر متى سمع آخر مرة موسيقى حية تُعزف في الموصل.
أوضح علي البارودي الأستاذ في كلية الآداب، جامعة الموصل أن تنظيم الدولة الإسلامية واصل حملة القمع الثقافي في الموصل ففجر التماثيل ودمر الآثار.
وقال "لم يبق من الثقافة في الموصل إلا اسمها أو على الأقل بشكل علني، لأننا كنّا نمارس الثقافة بشكل سري.. سماع الموسيقى، هناك فرق موسيقية كانت تتمرن على الموسيقى تحت داعش بشكل سري، تبادل الكتب والأفلام والموسيقى، هذه الأمور لم ننقطع عنها وإن كانت هناك مخاطرة ليست بالهينة".
وينتمي البارودي لمجموعة من الفنانين والناشطين الذين تحدوا المخاوف من التعرض لهجمات جديدة ونظموا أسواقا أسبوعية للكتب ومعارض للصور الفوتوغرافية، ورسموا جداريات في حركة نهضة للثقافة بالمدينة.
وفي العام الماضي، ساهم البارودي في إطلاق حملة دولية لتعويض مليون كتاب أحرقها تنظيم الدولة الإسلامية في مكتبة جامعة الموصل، وهي واحدة من أهم المكتبات بالمنطقة.
وقال "الموصل فقدت هويتها، فقدت معالمها، فقدت الآلاف من أبنائها، والبعض منهم لايزال تحت الركام. هذه الحملات تعطينا بصيص أمل، حتى لا أُبالغ، هذه الحملات لن تقوم بحل جميع المشاكل في ليلة وضحاها ولكن على الأقل نشعر أننا لسنا وحدنا في الطريق وأن هناك ضوءا في آخر النفق".
وافتتح مركز ثقافي جديد هو مقهى قنطرة الثقافي في شرق الموصل في مارس/آذار الذي يرحب بالرجال والنساء وبه مكتبة عامرة بالكتب وينظم ورش قراءة وعروضا موسيقية.
وتعرض على جدرانه لوحات وصور فوتوغرافية لتاريخ الموصل الثري ودمارها حديثا. ويصور أحد الجدران جرائم الدولة الإسلامية، ويعرض بذلة صفراء من التي يرتديها المعتقلون، فضلاً عن أصفاد.
ولم تشهد كل المؤسسات الثقافية في الموصل نهضة جديدة.

ثقافة الموصل تنهض من جديد
مقهى قنطرة الثقافي بمكتبة ونشاطات فنية

فقد كانت المكتبة المركزية في جامعة الموصل، وهي مركز أبحاث يضم مخطوطات نادرة بينها سجلات حكومية يعود تاريخها إلى العصر العثماني، هي الوحيدة التي لم يلحقها أذى تنظيم الدولة الإسلامية رغم أنها كانت تستخدم كقاعدة.
وأخفى أمناء المكتبة النصوص الأكثر قيمة، وأُلقي بعشرين ألف كتاب في الطابق السفلي. وبعد تحرير شرق الموصل، تمكن موظفو المكتبة من إنقاذ ما استطاعوا من هذه الكتب وتكديسها على رفوف مؤقتة.
لكن نظرا لعدم وجود نوافذ ووجود ثقوب في السقف، لا تزال المكتبة مغلقة وأصبحت قاعاتها، التي كانت تعج بالباحثين من الطلاب، مغطاة بالغبار الآن.
وقال مدير مكتبة الموصل المركزية جمال أحمد إنه تم رصد تمويل لإصلاح المكتبة لكن جهود الإصلاح الحكومية توقفت.
وأضاف "قامت جهات من محافظة نينوى بترميمها والترميم ما كمل، يعني بقت كثير من الشغلات ما تم إكمالها، بقى العمل غير مكتمل. حاليا المكتبة بحاجة إلى ترميم من أي جهة كانت، سواء كانت منظمة أو أي جهة حكومية وبحاجة إلى تغيير الخزانات أو الدواليب التي تضم الكتب، الرفوف نسميها".