الكويت تحبط مخططا يستهدف ضرب الاستقرار

المتهم تلقى تدريبات على صنع المفرقعات وتحضير السموم لتحقيق غرض غير مشروع وسط توقعات بانتمائه لتنظيم داعش.

الكويت – أخذت منعطفا جديدا التهديدات الإرهابية في الكويت بمحاولة التنظيمات التي تقف وراءها المساس بمصالح حيوية للبلد وتحالفاته العضوية مع قوى دولية على رأسها الولايات المتحّدة التي تساهم مع قوّاته في تأمينه ودرء التهديدات عنه.

فقد أصدرت النيابة العامة الكويتية الأحد، أمرا بحجز مواطن لاتهامه بالانضمام إلى جماعة ترمي إلى هدم النظم الأساسية في البلاد بطريقة غير مشروعة، من دون أن تذكر اسم التنظيم.

وأشارت النيابة في بيان إلى أن المتهم تلقى تدريبات على صنع المفرقعات وتحضير السموم لتحقيق غرض غير مشروع، كما عقد العزم على مغادرة البلاد لخوض القتال مع تلك الجماعة إلا أنه عجز عن ذلك، مضيفة أنها قد استجوبت المتهم وواجهته بالتهم المنسوبة إليه، وجار استكمال إجراءات التحقيق.

وكان وصول التنظيم، الذي لم تذكر النيابة اسمه والذي يُتوقّع أن يكون تنظيم داعش ذي السوابق الكثيرة في توجيه تهديدات للكويت، إلى تنفيذ مخطّطه سيتسبب بحرج كبير للبلد إزاء الشريك الأميركي بالغ الأهمية.

ويعود التعاون العسكري بين الكويت والولايات المتحدة في شكله الحالي إلى مطلع تسعينات القرن الماضي عندما تمّ توقيع اتفاقية دفاعية بين الطرفين تمركز بمقتضاها الآلاف من الجنود الأميركيين مع معدّاتهم المتطورة على الأراضي الكويتية التي أصبحت تشكّل قاعدة لوجستية رئيسية للعمليات الأميركية وقوات التحالف الدولي التي شاركت في غزو العراق مطلع القرن الحالي، ثم استخدمت لاحقا في عملية سحب القوات الأميركية من العراق، قبل أن يستخدم المجال الكويتي في عمليات التحالف الذي قادته واشنطن ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق.

وتعدّ قاعدة عريفجان أكبر قاعدة عسكرية للجيش الأميركي في الكويت وتعمل كمقرّ رئيسي للقوات الأميركية في البلاد، وتأتي بعدها في الترتيب من حيث الأهمية قاعدة علي السالم الجوية التي تؤوي فرقة من القوة الجوية الأميركية 386 المتخصّصة في النقل الجوي ودعم القوات المشتركة وقوات التحالف الدولي في المنطقة.

أما قاعدة معسكر الدوحة فتُتّخذ مقرا للقيادة المركزية المشتركة للجيش الأميركي والكويتي ولقوة المهام المشتركة وهي تؤوي أفرادا من الفرقة الثالثة الأميركية مشاة. وتوجد بقاعدة بيورينغ رادارات متطورة تُستخدم في حالات الرؤية المنخفضة عند هبوط الطائرات.

وتضمّ مجمل تلك القواعد أكثر من ثلاثة عشر ألف جندي أميركي بحسب أرقام نشرتها وزارة الخارجية الأميركية قبل نحو ثلاث سنوات.

وليست المرّة الأولى التي يتمّ الكشف فيها عن تهديد تنظيمات إرهابية للكويت، حيث لا يزال البلد يتعرّض لتحرّش تلك التنظيمات منفردا في ذلك عن دول محيطه الخليجي التي سبق أن تعرّضت بعض بلدانه لتهديدات من قبل تلك التنظيمات التي نجحت في تنفيذ بعض العمليات الدامية على غرار ما حدث في السعودية المجاورة، لكنّها تبدو اليوم وقد تحكّمت في الأمر إلى حدّ بعيد بفعل جهود أمنية وكذلك فكرية واجتماعية كبيرة.

ويقول متابعون للشأن الكويتي إنّ تهديد تنظيم داعش للكويت يعزى في جزء كبير منه إلى جوارها الجغرافي مع العراق الذي سبق وأن مثّل مسرحا رئيسيا لنشاط التنظيم ولحربه الدامية.

لكنّ هؤلاء يحذّرون من أن تكون التنظيمات المتشدّدة تلمس وجود مدخل إلى الكويت عبر تبني بعض قواه وشخصياته لفكر ديني أقرب إلى التشدّد مشكّلة بذلك أرضية مناسبة لنشر أفكار تلك التنظيمات وإيجاد مناصرين لها خصوصا بين اليافعين من أطفال وشبّان.

وأعلنت النيابة العامة الكويتية في مايو الماضي حجز مواطن لاتهامه بالانضمام إلى تنظيم محظور والتخطيط لأعمال إرهابية داخل البلاد، إذ قام بنشر تسجيلات مرئية ومسموعة لأعمال ذلك التنظيم وأخباره في مواقع التواصل الاجتماعي تأييدا له .

وجرى ضبط وحبس أكثر من متهم في القضايا نفسها تقريبا، كان آخرها إعلان النيابة حجزها مواطنين أحدهما في الأول من مايو والثاني في العاشر من نفس الشهر.

وفي حكم هو الأول من نوعه، قضت محكمة الأحداث، في 9 مايو، بحبس طالب "حدث" في الصف العاشر الثانوي مدة 5 سنوات، على خلفية انضمامه إلى تنظيم داعش ومحاولة تفجير حسينية في مدينة مبارك الكبير جنوبي الكويت.

وفي يناير الماضي، أعلنت الداخلية الكويتية إحباط مخطط لخلية إرهابية كانت تنوي استهداف دور عبادة تخص الطائفة الشيعية وقتل أشخاص .

ويشير تمكّن السلطات الأمنية الكويتية من إحباط عمليات التنظيم بشكل استباقي إلى مدى يقظة تلك الأجهزة وقدرتها على جمع المعلومات والتحرّك في الوقت المناسب، لكنّ الأسئلة تظل مطروحة حول ما إذا كانت التنظيمات المتشددة لا تزال تلمس وجود أرضية لها للتحرك في الكويت في ظلّ تواصل حضور العديد من حملة الأفكار المتزمتة في المشهد العام وتمتّعها بهامش كبير من الحرّية لنشر أفكارها في المجتمع ومحاولة فرض رؤاها في ما يتعلّق بالحرّيات العامّة، وبالمرأة وحضورها في الفضاء العمومي وعملها في العديد من القطاعات مثل القطاع العسكري والمؤسسات القضائية.

ويعيد القبض على متهمين بالانضمام إلى تنظيم داعش منذ يناير الماضي إلى الأذهان ما عاشته الكويت في 26 يونيو 2015، إثر تفجير مسجد الإمام الصادق الذي يعود إلى الطائفة الشيعة في البلاد، حيث أقدم شخص على تفجير نفسه داخل المسجد أثناء أداء صلاة الجمعة، ما أسفر عن سقوط 27 قتيلاً وإصابة 227 بجروح. وفي حينها، تبنى الهجوم تنظيم داعش، وأدى إلى حالة استنفار أمنية عامة في البلاد.