حجم التوفير في العمل من المنزل: النموذج الهولندي

العمل من المنزل مناسب لبعض الناس ولبعض الأعمال والتخصصات. لكنه بالتأكيد لن يكون محركا لاقتصادات كبرى.
فرص الابتكار تتضاءل والعزلة الاجتماعية تزداد
العمل من المنزل يحقق وفورات ضخمة في اقتصاد هولندا

في دراسة أجراها بورجريفن حملت عنوان تكلفة وفائدة العمل من المنزل ويمكن مطالعتها على الرابط ، قُدرت قيمة التوفير الناجم عن العمل من المنزل بنحو 3.9 مليون يورو سنويا في هولندا وحدها بسبب الاستغناء عن تكلفة المكاتب وخدماتها وكلفة تشغيلها. بالإضافة الى ذلك، فإن مستوى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ينخفض بنحو 506.5 مليون كغم سنويا في الدولة ذاتها بسبب عدم استخدام وسائل المواصلات. كما أن نجاح العمل من المنزل يشير الى أن أصحاب العمل قد يرغبون بالاستمرار بهذا النمط من العمل في المستقبل وبعد انتهاء كورونا وذلك لخفض تكلفة الانتاج وبما أن تكلفة الانتاج انخفضت، فهذا يعني زيادة لإمكانية العمل الإضافي أو توظيف المزيد من العمال مما يعني زيادة الانتاجية. ويقدر الباحث قيمة التوفير الناجم عن العمل من المنزل كما في الجدول التالي:

قيمة التوفير الناجمة عن العمل من المنزل على صاحب العمل

يظهر الجدول القيمة السنوية المقدرة في هولندا لكل من جوانب تشغيل المكتب أي الإنفاق بالنسبة لأصحاب الشركات وليس الموظفين، فمن حيث المساحة يمكن توفير 1،087.5 مليون يورو وقيمة الغاز بـ 73.5 مليون يورو أما الكهرباء فيقدرها الباحث ب 173.6 مليون يورو والتموين بقيمة 346.8 مليون يورو، وعليه فإن المجموع يكون 1،681.4 مليون يورو. فإذا أخذت هذه التوفيرات بعين الاعتبار، فإن قيمة التوفير على المستوى العالمي ستكون بالغة القدر، بالإضافة الى خفض الانبعاثات بشكل مؤثر مما يقلل من خطر مشكلة الاحتباس الحراري.

أما بالنسبة للفرد، فإن بعض النفقات تزيد وبعضها يقل، أما المجمل العام، ففيه توفير على النفقات بالنسبة للموظفين حسب معدل إنفاق الفرد على مستوى دولة هولندا سنويا:

التوفير والزيادة بالنسبة للموظف

يظهر الجدول أعلاه أن التوفير على مستوى هولندا لنفقات العائلة تبلغ 1،167.3 مليون يورو سنويا نتيجة عدم استخدام السيارة الخاصة، و61.6 مليون يورو نتيجة عدم استخدام المواصلات العامة و0.4 مليون يورو نتيجة عدم التنقل بشكل عام، و230 مليون يورو نتيجة عدم دفع كلفة مراكز رعاية الأطفال. أما الغاز فيزيد استخدامه بقيمة 213.6 مليون يورو وكذلك الكهرباء حيث يزيد استهلاكها بقيمة 125 مليون يورو سنويا. ولكن بالمحصلة النهائية، فإن مقدار التوفير أكثر من الإنفاق.

بناء على ما سبق، فإن ما ينطبق على هولندا ينطبق على غيرها من الدول، نظرا لتشابه أنماط الاقتصاد نتيجة للعولمة. فجميع الدول فيها شركات كبرى وشركات عالمية يستهلك تشغيلها الكثير من الموارد من جانب الشركة وموظفيها على حد سواء. وبالتالي، فإن العمل من المنزل يقلل نفقات كلا الجانبين ويقلل من حجم التلوث البيئي.

لكن الأمر ليس بدون مخاطر، فالدول المتقدمة تعتمد على الاختراعات والابتكارات لكي تنافس في التجارة العالمية، ولا شك أن العمل من المنزل يحد من فرص الابتكار الناتج عن توفر المكان المزود بكل ما يحتاجه البحث والتجارب العلمية، وهذا لا يمكن توفيره في المنزل. كما أن العمل من المنزل بوجود الأسرة يزيد من عدم التركيز على العمل، ويضاف الى ذلك شعور الموظف بالملل والعزلة.