حرام حلال!

صار للفضيلة في العراق أحزاب ورجالات دولة من دون أن يبقى للفضيلة من أثر.

▫️في بارات ومواخير بغداد (سابقاً) كان يتدافع الخمارون لاطفاء جهاز التلفاز حالما تبدأ فقرة القرآن الكريم، احتراماً لقدسية الكتاب التي لا تناسب نجاسة المكان. بعض الخمارين كان يُعلقُ ان في شرب الخمر سيئة واحدة غير ان في اطفاء التلفاز عشرُ حسنات بالتمام والكمال.

▫️طالما خشي الفلاحون العراقيون في القرى والارياف قديماً من "شارة" المُلا وايقنوا ان اغضابه حرام ورجس من عمل الشيطان يشابه الى حد بعيد احتساء الخمر، وعليه إتقاءً لشارته وسعياً لاسترضائه كانوا يقدمون له الدجاج المقلي بينما يتضور اطفالهم جوعاً.

▫️انقلاب النعل بحيث يكون اسفله نحو السماء حرام وفيه انتهاك صارخ لقدسية الاله الجالس في علياءه، ما يجعلنا نتسابق لقلبه كالخمارين الذين تراكضوا لاطفاء جهاز التلفاز.

▫️كان الناس عندما يرتبكون معصية محرمة يبصقون على الارض للاستعاذة من الشيطان الرجيم على فرض ان منزل الشيطان تحت الارض، وأي ارضٍ؟! تلك هي التي تؤمن لهم قوت عيالهم من الزرع والاعشاب والخضار التي يعتاشون عليها طوال السنة، بينما يدخرون الدجاج للمُلا وزوجاته الاربع.

▫️مفاهيم الشرف لا تمس الرجال عادةً فقد يرتكب كثير منهم المحرمات والمعاصي بينما يبقون شرفاء وهيبة. وهذا موظف "سبع" عرف كيف يكوّن نفسه من الاختلاس والرشا، غير انه شريف عفيف ذاك ان بناته محجبات مستورات ويتسابق الاشراف والملالي لخطبتهن.

▫️اليوم اصبحنا اكثر تحضراً، متنورين ملتزمين، صار للفضيلة عندنا شعارات واحزاب ورجالات دولة "سباع" يدافعون عن تاج العفة ويكتنزون المليارات أملاً بتوظيفها في الحلال والمداومة على قلب النعال!