حزب الدعوة.. عندما يُدار العراق بالاستخارة!

بقلم: علي حسين

أعجز مثل غيري عن إدراك عبقرية السيد إبراهيم الجعفري وحل لغزها، ربما لا املك ملكة الفهم التي تتيح لي حل احاجي هذه خطبه السنسكريتية.  وقد أسعدني الحظ قبل سنوات فحصلت على كتابه " تجربتي في الحكم "، وأتذكر أن السيد الجعفري أراد أن يخبر قراءه بأن تجربته التي لم تتجاوز السبعة أشهر في الحكم، تم فيها تشكيل أقوى وزارة في تاريخ العراق،

لم يفته أن يكتب في سيرته التي وضعها على موقعه الالكتروني أن هذه السبعة اشهر تم فيها تحقيق منجزات كبيرة، البدء بوضع المشاريع التنموية والواسعة على صعيد التعليم والصحة، والجيش والشرطة، والنقل والاتصالات، كما أرسى دعائم دولة القانون، وساهم في ترسيخ أسس الدولة العراقية الجديدة، وفات الجعفري ان يخبرنا أن هذه الفترة بالذات اجتاحت فيها البلاد اخطر موجة عنف طائفي، وتعرف الناس للمرة الأولى على مصطلح الجثث مجهولة الهوية. ما ذكرني بكتاب الجعفري القصة التي نقلت عن القيادي في المجلس الأعلى محمد باقر الزبيدي، إبان تسنمه وزارة الداخلية.

ووفقاً للقصة المنقولة، فإن الجعفري كان قد رفض تنفيذ عملية ضد قيادي بارز في تنظيم القاعدة، بعد أن “استخار” باستخدام “مسبحة” وتبيّن أن “الاستخارة غير مبشرة”.

ابراهيم الجعفري الذي عشنا معه فصولاً هزلية كثيرة، اراد ان يختمها بفاصل كوميدي جديد كشف فيه أن الدولة ليس حكومة وبرلمان ومجلس قضاء واجهزة أمنية، وإنما "مسبحة" نستخدمها لإدارة شؤون البلاد والعباد .

ولأننا شعب ناكر للجميل فأنني اقترح على الدكتور الجعفري أن يبادر ويصدر كتابا بالألوان عن كرامات “السبحة" ومعجزاتها، وان يكتب بنفسه مقدمة الكتاب يقول فيها للعراقيين بأنهم كانوا غارقين في مستنقعات التخلف حتى أنقذتهم مسبحة الجعفري من مصير اسود في منتهى البؤس، وأتمنى عليه، وهو يكتب المقدمة أن لا يغادر صغيرة وكبيرة في عصرنا السعيد هذا إلا ويسجلها إنجازا يضاف إلى الانجازات الكبيرة والعملاقة التي نفذت خلال السنوات الماضية والتي جعلت العراق يتجاوز دولاً مثل ألمانيا واليابان. الناس بحاجة إلى كتاب يقدم لهم "العصر العلاوي والزمن الجعفري والعصرين الأول والثاني للمالكي".

سيقول البعض إن " استخارة " الجعفري كانت أشبه بتشخيصٍ دقيق للحالة العراقيةً، منذ استولى " الروزخونية" على  السلطة، بغطاء ديني وفره خطب وشعارات تنتقص من الدولة المدنية وتعتبرها كفر والحاد .

لا أدري هل استخار الجعفري، وهو يساهم مع زملاء له من الروزخونية، لا يملكون  مشروعا سياسيا واقتصاديا أو ثقافيا يناسب اللحظة التي نعيشها بمفاهيم الحياة الآن، وليس بمفاهيم القرن الرابع الهجري.. ولهذا نجدهم يُغطون على الخراب والفساد الذي ينخر جسد العراق بمعارك وخطب عن الأخلاق والفضيلة التي ضاعت بسبب احتجاجات تشرين وسفور المرأة ومشاركتها تظاهرات تشرين.

للأسف نعيش مع طبقة حاكمة منفعية تصر على اننا ما نزال نعيش عصر فيلم "الرسالة"، وأن مهمة المسؤول ليست توفير الخدمات والأمن للناس، وإنما تحشيد الجيوش لفتح بلاد الكفار ونشر نظرية رئيس الوقف الشيعي علاء الموسوي في كيف تصبح مليارديرا في أربع سنوات وأننا أصحاب رسالة تؤمن بأن الخلاص من كل المشاكل يتلخص في العودة إلى قرون مضت.. وإعادة انتاج المجتمع في ضوء "استخارة " ابراهيم الجعفري .

نُشر في المدى البغدادية