حزب الله وحلفاؤه يغرقون تحقيق انفجار بيروت في متاهة السياسة

قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت يضطر مرة أخرى لتعليق كل التحقيقات في انفجار المرفأ بعد تبلغه رفع دعوى قضائية ضدّه من وزيرين سابقين تطالب بتنحيته عن القضية.
المدعى عليهم في انفجار بيروت يراوغون بيطار بدعاوى لا تهدأ
حزب الله يحرص على تقويض كل جهود حلحلة الأزمة السياسية في لبنان

بيروت - دخل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت اليوم الخميس مجددا متاهة التأجيل بعد أن اضطرّ القاضي طارق بيطار إلى تعليقه للمرة الرابعة على اثر تبلغه دعوى تقدم بها وزيران سابقان يطلبان نقل القضية إلى قاض آخر، وفق ما أفاد مصدر قضائي.

وثمة إصرار من الوزراء والمسؤولين السابقين المدعى عليهم وغالبيتهم من حلفاء حزب الله، على تقويض التحقيقات ودفعها قانونيا إلى التأجيل في كل مرة يردّ فيها القضاء اللبناني الدعاوى المرفوعة ضد بيطار والتي تشكك في نزاهته وحياده، فيما يأتي تعليق التحقيق مجددا بعد أسبوعين فقط على استئنافه إثر رد القضاء عدة دعاوى ضد المحقق العدلي.

وغرق التحقيق في الانفجار في متاهات السياسة ثم في فوضى قضائية، فمنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب ووزراء سابقين وطلبه ملاحقة مسؤولين وأمنيين، تنتقد عدة قوى سياسية على رأسها الثنائي الشيعي: حزب الله وحركة أمل، عمل بيطار.

وقال المصدر القضائي، إنه بعدما تبلغ دعوى تطالب بتنحيته عن القضية تقدم بها النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر أمام محكمة التمييز المدنية، اضطر بيطار "إلى رفع يده عن الملفّ ووقف كلّ التحقيقات والإجراءات بانتظار أن تبتّ المحكمة بأساس هذه الدعوى بقبولها أو رفضها".

وكانت النيابة العامة اللبنانية قد وجهت باعتقال علي حسن خليل فورا بعد أن اصدر القاضي طارق بيطار بطاقة جلب في حقه للمرة الثانية على التوالي، امتنعت أجهزة الأمن في سابقة هي الأولى من نوعها عن تنفيذ مذكرة الاعتقال الأولى.

وتعد هذه واحدة من 18 دعوى لاحقت بيطار مطالبة بكفّ يده عن القضية منذ تسلمه التحقيق قبل نحو عام. وتقدم بغالبية الدعاوى سياسيون مُدعى عليهم وامتنعوا عن المثول أمامه، بينهم وزيرا الأشغال السابقان يوسف فنيانوس (تيار المردة) وغازي زعيتر (حركة أمل)، وزير المالية السابق علي حسن خليل (حركة أمل) ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق (تيار المستقبل سابقا).

ولم تجتمع الحكومة اللبنانية منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول جراء رفض وزراء حزب الله وحركة أمل عقد أي جلسة ما لم تكن مخصصة للبتّ بمصير بيطار، في بلد ينص دستوره على الفصل بين السلطات، لكن تطغى عليه أيضا ثقافة "الإفلات من العقاب" التي لطالما طبعت المشهد العام في بلد يحفل تاريخه باغتيالات وانفجارات وملفات فساد، لم تتم يوما محاسبة أي من المتورطين فيها.

وعزت السلطات انفجار المرفأ في الرابع من أغسطس/اب 2020 والذي أودى بحياة 215 شخصا على الأقل وإصابة 6500 آخرين، إلى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم من دون إجراءات وقاية. وتبيّن أن مسؤولين على مستويات عدة سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزينها ولم يحركوا ساكنا.

وتتركز معظم الاتهامات التي تلاحق المسؤولين على التقصير والإهمال ما تسبب في أسوأ انفجار غير نووي في بيروت وأدخل البلاد التي تعاني بطبعها من أزمة مالية وسياسية طاحنة، في نفق مظلم لا تزال تثقل على كل جهود حلحلة الأزمة.