حزب الله يشن أوسع هجوم انتقامي على إسرائيل

الجماعة الشيعية اللبنانية تعلن انتهاء المرحلة الأولى من الرد الانتقامي لمقتل أحد أبرز قادتها، بنجاح في عملية أطلقت فيها مئات الصواريخ والمسيرات على أهداف إسرائيلية.
إسرائيل تقول إنها أحبطت "جزءا كبيرا" من هجوم حزب الله
الحوثيون يهنئون حزب الله ويؤكدون أن "الردّ اليمني آت"
حماس "تبارك" لحزب الله هجومه وتعتبره "صفعة" في وجه إسرائيل
مصر تحذر من مخاطر التصعيد وتشدد على أهمية استقرار لبنان
الأمم المتحدة تدعو إلى وقف التصعيد بين حزب الله واسرائيل

القدس - شن حزب الله اللبناني فجر الأحد هجمات عنيفة بالمئات الصواريخ والمسيرات على أهداف إسرائيلية ضمن ما قال إنها المرحلة الأولى من الرد الانتقامي لمقتل فؤاد شكر أحد أبرز كبار قادته، بينما تحدث الجيش الإسرائيلي عن تنفيذه عملية استباقية، أحبط خلالها هجوما كبيرا للحزب ودمر خلالها مئات منصات إطلاق الصواريخ، في حين تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بفعل كل ما يلزم "لاستعادة الأمن في شمال إسرائيل"، في حين أعلنت الولايات المتحدة على الفور أنها "ستواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، بينما تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بـ"القيام بكل شيء" لاستعادة الأمن في شمال إسرائيل.

وجاء إعلان إسرائيل قبل إعلان حزب الله، لكن لم يتضّح بعد ما إذا كان القصف الإسرائيلي بدأ قبل ردّ حزب الله أو العكس. ولم يعلن عن خسائر في الأرواح في الجانب الإسرائيلي.

لكن أوساط دبلوماسية الأحد، ذكرت ان إسرائيل وحزب الله تبادلا رسائل بعد هجمات الفجر، ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين دبلوماسيين؛ أن الطرفين تبادلا عقب هجوم اليوم رسائل بأن لا أحد منهما يريد التصعيد.

 وفي لبنان، أعلنت وزارة الصحة مقتل شخص في الجنوب في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة صباح الأحد.

وقال حزب الله في بيان بعيد السادسة صباحا "عند فجر هذا اليوم (...)، وفي إطار الردّ الأولي على العدوان الصهيوني الغاشم على الضاحية الجنوبية لبيروت" الذي أدّى إلى مقتل فؤاد شكر ومستشار إيراني وخمسة مدنيين، "بدأ مجاهدو المقاومة الإسلامية هجوما جويا بعدد كبير من المسيّرات نحو العمق الصهيوني وفي اتجاه هدف عسكري نوعي".

وفي بيان لاحق، أعلن الحزب أنه "تمّ الانتهاء من المرحلة الأولى" من الردّ، "بنجاح كامل"، مشيرا إلى "استهداف الثكنات والمواقع الإسرائيلية تسهيلا لعبور المسيرات الهجومية باتجاه هدفها المنشود في عمق الكيان"، مشيرا إلى أن المسيرات "عبرت كما هو مقرر"، وأنه تمّ إطلاق أكثر من 320 صاروخ كاتيوشا.

وفي بيان ثالث، أكد الحزب أنّ عمليته العسكرية الأحد  ضد مواقع وثكنات عسكرية إسرائيلية "قد تمّت وأُنجزت"، نافيا "ادعاءات" إسرائيل إزاء تعطيلها هجومه بضربات استباقية.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أنه "يشنّ هجمات في لبنان لإزالة تهديدات لحزب الله بعد رصد استعداده لإطلاق قذائف وصواريخ نحو الأراضي الإسرائيلية".

وتوجّه الجيش الإسرائيلي في رسالته إلى سكان جنوب لبنان، دعيا "جميع الموجودين بالقرب من مناطق ينشط فيها حزب الله إلى المغادرة فورا لحماية أنفسهم وعائلاتهم".

وأفادت قناة المنار التابعة للحزب عن "سلسلة غارات لطيران العدو الصهيوني استهدفت حرش كونين رشاف، الطيري، بيت ياحون، الخردلي، زوطر، إقليم التفاح والريحان في جنوب لبنان"

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه دمّر "آلاف منصات" الصواريخ العائدة للحزب في جنوب لبنان في ضربات شاركت فيها "نحو 100 طائرة حربية".

إسرائيل تقول إنها أحبطت هجوما أكبر لحزب الله
إسرائيل تقول إنها أحبطت هجوما أكبر لحزب الله

وترأس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعا للمجلس الأمني الوزاري المصغّر. وقال في بيان نشره مكتبه "نحن مصممون على القيام بكل شيء لحماية بلادنا وإعادة سكان الشمال بأمان إلى منازلهم، ومواصلة إتباع قاعدة بسيطة: من يؤذينا، نؤذيه".

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت حالة الطوارئ لمدة 48 ساعة، بينما أعلن مطار بن غوريون أن الرحلات الجوية المغادرة صباح الأحد ستتأخر، وأن الرحلات الواصلة سيُعاد توجيهها إلى مطارات أخرى، قبل أن يعلن في وقت لاحق استئناف العمل في المطار "اعتبارا من الساعة السابعة (04:00 ت غ)، بما يشمل الإقلاع والهبوط"، مشيرا إلى أن "الطائرات التي تمّ تحويلها إلى مطارات أخرى، ستعاود الإقلاع باتجاه بن غوريون".

وأكدت الولايات المتحدة التي كانت قد عززت انتشارها العسكري في المنطقة خلال الأسابيع الماضية، جاهزيتها لدعم "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي شون سافيت في بيان إنه بتوجيه من الرئيس جو بايدن "يتواصل المسؤولون الأميركيون الكبار بشكل مستمر مع نظرائهم الإسرائيليين"، مضيفا "سنواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وسنواصل العمل للحفاظ على الاستقرار الإقليمي".

وأكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها "مستعدة لدعم" الدولة العبرية. وقال متحدث باسمها "نواصل مراقبة الوضع عن كثب وسبق أن كنا واضحين للغاية بأن الولايات المتحدة مستعدة لدعم الدفاع عن إسرائيل".

وتصاعدت المخاوف منذ أسابيع من تصعيد عسكري إقليمي أكبر في ظلّ تواصل الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحماس منذ عشرة أشهر، بعد توعّد إيران وحزب الله بالردّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في 31 يوليو/تموز في طهران والمنسوب إلى إسرائيل، واغتيال فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية في ضربة إسرائيلية.

ويأتي هذا التصعيد في يوم تتواصل فيه المفاوضات في القاهرة بوساطة أميركية ومصرية وقطرية بين إسرائيل وحماس في محاولة للتوصل إلى هدنة في قطاع غزة.

وأكدت واشنطن الجمعة أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي ايه" وليام بيرنز وصل إلى القاهرة للمشاركة في المباحثات، متحدثة عن "تحقيق تقدم" في النقاشات التمهيدية التي تسبق المباحثات الموسعة.

وكان مصدر مصري أفاد في وقت سابق هذا الأسبوع، بأن المباحثات "الموسعة" ستعقد الأحد في القاهرة.

وأعلن قيادي في حركة حماس أن "قيادة الحركة بما فيها رئيس الحركة (يحيى) السنوار قرّرت أن المرجعية التي يتمّ الاستناد إليها هي خطة 2 يوليو التي وافقت عليها حماس"، في إشارة إلى المقترح الذي أعلنه جو بايدن في 31 مايو/ايار.

وينص المقترح على هدنة مدتها ستة أسابيع يرافقها انسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة في غزة وإطلاق سراح رهائن خطفوا في 7 أكتوبر/تشرين الأول خلال هجوم حماس غير المسبوق على إسرائيل الذي تسبب باندلاع الحرب، ثم مرحلة ثانية تنتهي بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.

وفي المقابل، أكّد مكتب نتنياهو هذا الأسبوع تمسكه بتحقيق "كل أهداف الحرب" قبل وقف النار، معتبرا أن "هذا يتطلّب تأمين الحدود الجنوبية" للقطاع مع مصر، في إشارة إلى تمسّك إسرائيل بإبقاء قوات في غزة، خصوصا عند الشريط الحدودي بين القطاع ومصر المعروف بـ"محور فيلادلفيا".

وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أكد الخميس التزامه بسيطرة إسرائيل على ممر فيلادلفيا "لمنع حماس من أن تعيد تسلّحها ما يسمح لها بأن ترتكب مجددا الفظائع التي ارتكبتها في 7 أكتوبر".

وقال مصدر مصري مطلع على المفاوضات السبت إن جولة الأحد "مفصلية لبلورة اتفاق سيعلن عنه إذا نجحت واشنطن في الضغط على نتنياهو".

وتجري المحادثات بعد جولة مماثلة عقدت في العاصمة القطرية الأسبوع الماضي لم تحضرها حماس.

وتظاهر آلاف الإسرائيليين السبت في تل أبيب ومدن إسرائيلية أخرى، مطالبين بالتوصل إلى اتفاق لتأمين إطلاق الرهائن المتبقين.

غارات اسرائيلية مكثفة على جنوب لبنان
غارات اسرائيلية مكثفة على جنوب لبنان

الحوثيون يتوعدون

وهنّا المتمردون اليمنيون الأحد حزب الله على "هجومه الكبير والشجاع" على إسرائيل، معتبرين في بيان أن "هذا الردّ القوي والفاعل" على اغتيال القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر "لا يزال مفتوحا".

وأكّد البيان "من جديد أن الردّ اليمني آت آت حتما والأيام والليالي والميدان هي ما سيثبت ذلك"، في إشارة الى توعّد الحوثيين المدعومين من إيران بالردّ على قصف إسرائيل لميناء الحديدة اليمني الشهر الماضي.

حماس تبارك الهجوم

وأشادت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الأحد بالهجوم الذي نفذه حزب الله على إسرائيل ردّا على اغتيال القائد العسكري فيه فؤاد شكر، واعتبرت أنه يشكّل "صفعة" في وجه الدولة العبرية.

وقالت الحركة في بيان "نشيد ونبارك" بـ"الردّ النوعي والكبير الذي نفّذه مجاهدو حزب الله صباح اليوم ضد عدة أهداف حيوية واستراتيجية في عمق الكيان الصهيوني"، مضيفة أنه "يعدّ صفعة في وجه حكومة الاحتلال الفاشية". وندّد البيان أيضا بمواصلة إسرائيل "قصفها الوحشي والإجرامي ضدّ الأراضي والمدنيين في لبنان"، معتبرا أنه "انتهاك صارخ لكل المواثيق والأعراف الدولية".

مصر تحذر

وأعربت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية اليوم الأحد، عن متابعتها بقلق بالغ التصعيد الجاري على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، داعية لضرورة تكاتف الجهود الدولية والإقليمية من أجل خفض حدة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، والعمل على إقرار التهدئة واحتواء التصعيد.

 وحذرت من مخاطر فتح جبهة حرب جديدة في لبنان، مشددة على أهمية الحفاظ على استقرار لبنان وسيادته وتجنيبه مخاطر انزلاق المنطقة إلى حالة عدم استقرار شاملة، وأن التطورات الخطيرة والمتسارعة التي تشهدها منطقة جنوب لبنان تعد مؤشرا واضحا على ما سبق وأن حذرت منه من مخاطر التصعيد غير المسؤول في المنطقة على خلفية تطورات أزمة قطاع غزة والاعتداءات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في القطاع.

 وأعادت التأكيد على حتمية الوقف الشامل لإطلاق النار وإنهاء الحرب الجارية في قطاع غزة، لتجنيب الإقليم المزيد من عوامل عدم الاستقرار والصراعات والتهديد للسلم والأمن الدوليين.

قلق أممي ولبناني

ودعت بعثة الأمم المتحدة في لبنان الأحد الأطراف المعنية إلى "وقف إطلاق النار"، على وقع غارات إسرائيلية على جنوب لبنان وإعلان حزب الله قصفه بمسيّرات وصواريخ مواقع عسكرية في الدولة العبرية رداً على مقتل قيادي بارز.

وفي بيان مشترك، دعا مكتب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان وقوة يونيفيل "الجميع إلى وقف إطلاق النار والامتناع عن المزيد من التصعيد" على ضوء "التطورات المقلقة على طول الخط الأزرق" الفاصل بين لبنان وإسرائيل.

وقال الطرفان "سنواصل اتصالاتنا لحثّ الجميع بقوة على خفض التصعيد". وأكدا أن "العودة إلى وقف الأعمال العدائية، يليه تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701، هو السبيل الوحيد المستدام للمضي قدما".

وأرسى القرار الدولي الذي وضع حدا لحرب يوليو/تموز 2006، وقفا للأعمال القتالية بين إسرائيل وحزب الله وعزز انتشار قوة يونيفيل في جنوب لبنان. وبموجبه، انتشر الجيش اللبناني للمرة الأولى منذ عقود على الحدود مع إسرائيل بهدف منع أي وجود عسكري "غير شرعي" عليها.

وشدد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بعد اجتماع حكومي طارئ، على ضرورة "وقف العدوان الإسرائيلي أولا، وتطبيق القرار 1701"، مشيرا إلى أنه يجري "سلسلة من الاتصالات مع أصدقاء لبنان لوقف التصعيد".