حزب الله.. يشيّع ضحاياه في إدلب ومناصروه يهاجمون اللبنانيين

أبناء البيئة الشيعية يعيشون اليوم الترهيب في ظل تنامي نفوذ حزب الله في لبنان فإلى متى يصمد الحزب في معاركه وفتوحاته في ظل قاعدة بدأت تهتزّ؟

بقلم: هديل مهدي

ليست المرة الأولى التي يهدَّد فيها معارض من أبناء بيئة "حزب الله"، ولن تكون الأخيرة، في ظل محاولات إخفاء صوت الآخر المعارض والمنتقد سياسة الحزب وقتاله في سوريا منذ عام 2012.

“إذا ما حدا عارف يضبك نحنا منضبك، وإذا ما حدا عارف يسكتك نحن منسكتك”. بهذه الكلمات هدد مناصرو “حزب الله” علي جمول، بعد كتابته منشوراً على “فايسبوك” على خلفية الصراع الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي، إثر مقتل عناصر للحزب في إدلب بقصف تركي.

ليست المرة الأولى التي يهدَّد فيها معارض من أبناء بيئة “حزب الله”، ولن تكون الأخيرة، في ظل محاولات إخفاء صوت الآخر المعارض والمنتقد سياسة الحزب وقتاله في سوريا منذ عام 2012. وكان جمول تعرض سابقاً لتهديدات عدة على خلفية منشورات معارضة للحزب، لكنه لم يتوقع أن يأتي اليوم وينفذ فيه مناصرون للحزب تهديدهم.

 

الناشط علي جمول

“جريمة” جمول أنه أعاد نشر “بوست” لأحد مؤيدي الحزب يقول فيه: “طُلعوا على سوريا بـ500$ كرمال ما يصير سعر اختك1$”، ليعلق علي على المنشور بكلمات ساخرة أثارت غضب مسؤول “حزب الله” ومناصريه في قريته، “لتكون أختي الست زينب ومعيش خبر لطالعين كلكن كرمالا… بعدين الدولار 1500 أو ع سعر السوق؟”. وبذلك قامت القيامة ولم تقعد وبدأت حملة التهديدات، ومحاولات ابتزاز جمول بصحة والدته المريضة، فلم يكن أمامه سوى إلغاء حسابه على “فايسبوك”.

وعلى خلفية المنشور توجه عنصر من “حزب الله” برفقة شقيقه في بلدة عزة- قضاء النبطية إلى منزل علي بغية ضربه وإجباره على الاعتذار، إلا أنهما لم يجداه في المنزل فانهالا بالضرب على أخيه مجد (17 سنة)، للضغط على علي. لكن الاعتداء لم يقف هنا، إذ قال جمول إن مسؤول “حزب الله” في البلدة أبلغ والده بقرار منع علي من دخول القرية قبل الاعتذار عما نشره تحت طائلة الاعتداء عليه.

كان جمول تعرض سابقاً لتهديدات عدة على خلفية منشورات معارضة للحزب، لكنه لم يتوقع أن يأتي اليوم وينفذ فيه مناصرون للحزب تهديدهم.

 “بعدني ببيروت حالياً، ما قادر إرجع على بيتي بالضيعة لأن ما رح أعطيهن الشيء اللي بدن ياه. ما رح اعتذر”. هو قرار اتخذه علي بعد رفعه دعوى في موضوع التعدي على شقيقه مجد والهجوم على منزله.

 

مناصرو الحزب إذ انقلبوا عليه

على رغم ما يبديه مناصرو “حزب الله” من تأييد لقتاله في سوريا والمعنويات العالية التي يظهرونها في استقبال ضحايا القتال واعتبارهم “شهداء”، إلا أنه بات واضحاً أن المزاج المنتقد بدأ يعلو وبدأ التململ من ارتفاع حجم الخسائر البشرية والمادية في ظل استمرار انخراط “حزب الله” في الصراع السوري.

 “سياسات حزب الله الخارجية وتورطه في الصراعات المسلحة انعكست سلباً على علاقات لبنان الخارجية وجعلته عرضة للعقوبات”، يقول يوسف (اسم مستعار) أحد مؤيدي الحزب السابقين، “لما كانوا مقاومة حقيقية” بحسب قوله.

لم تعد مقولة حماية العتبات المقدسة والجهاد لنصرة المستضعفين تلقى الصدى ذاته بين أبناء بيئة “حزب الله”، بعدما تأكد أن أجندته ليست إلا مهمة إيرانية في المنطقة، وبعد سنوات على قتاله في سوريا لمصلحة النظام وتحت مظلة القيادة الإيرانية.

 “يشعر أهالي عناصر حزب الله بخيبة كبيرة”، يقول يوسف بعد مقتل آلاف اللبنانيين الشيعة في هذا النزاع، الأمر الذي أدى إلى تنامي المعارضة داخل قاعدة الحزب الشعبية، مع مقتل شبان في ربيع العمر في حروب خارجية.

آخر خسائر الحزب كانت مقتل 5 من جنوده في محيط سراقب السورية بقصف تركي، وبحسب نشطاء فإن عدد قتلى “حزب الله” في محيط سراقب أكبر من العدد الذي اعترف فيه الحزب، فضلاً عن وجود عشرات الجثث التي لم يتمكن من سحبها بسبب الاستهداف الجوي الذي نفذه الطائرات التركية المسيرة، والاستهداف المدفعي والصاروخي من الفصائل المسلحة.

 “تجاوز عدد قتلى الحزب في سوريا منذ مشاركته في الحرب إلى جانب نظام الأسد 1100 قتيل وآلاف الجرحى، وهذا العدد ليس نهائياً، لأن الحزب لا يكشف عن معلومات كاملة ودقيقة بخصوص قتلاه”، يضيف يوسف.

يعيش أبناء البيئة الشيعية اليوم حالة من الترهيب في ظل تنامي نفوذ الحزب في لبنان، وفي ظل قمع أعادهم بالذاكرة إلى بطش الاحتلال الإسرائيلي وعملاء جيش لحد، فإلى متى يصمد “حزب الله” في معاركه وفتوحاته، في ظل قاعدة شعبية بدأت تهتزّ؟

كاتبة وصحافية لبنانية