حمزة بن إسامة: الابن الإرهابي شبه الأب الإرهابي

المعلومات أظهرت أن آخر مكان معروف وجد فيه حمزة بن إسامة بن لادن هو إيران، حيث فر مع قادة آخرين رفيعي المستوى في تنظيم القاعدة منهم سيف العدل محمد صلاح الدين زيدان ولكن كان بوسعه أن ينتقل ربما إلى باكستان.

بقلم: كوبنب كلارك

اقترح بعض المحللين البارزين في شؤون الإرهاب، ومن بينهم باربرا سود، التي أمضت مسيرتها المهنية في تعقب تنظيم القاعدة لمصلحة وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي أيه”، أن بن لادن كان التالي في وراثة الزعامة، وتولي زمام السيطرة على تنظيم القاعدة، وكان يُعد بالفعل لشغل منصب بارز من قبل زعيم التنظيم الحالي، أيمن الظواهري. وأشار خبراء آخرون، على رأسهم علي صوفان، وهو عميل رقابي خاصّ سابق في مكتب التحقيقات الفدرالي، قام بالتحقيق والإشراف على قضايا إرهابيّة دوليّة بالغة التعقيد والحساسيّة، والمدير التنفيذي الحالي لـ”مجموعة صوفان” الأميركية المتخصّصة في الدراسات الأمنية، إلى بن لادن بوصفه “قائد الجماعة المُنتظر”. باختصار، حظي بن لادن على نطاق واسع بتقدير كبير داخل تنظيم القاعدة، لدرجة أن وزارة الخارجية وضعت في وقت سابق من هذا العام، في شباط/ فبراير الماضي، مكافأة قدرها مليون دولار لمن يُمسك به، من خلال برنامجها “المكافآت من أجل العدالة”.

أظهرت المعلومات أن آخر مكان معروف وجد فيه حمزة بن لادن هو إيران، حيث فر مع قادة آخرين رفيعي المستوى في تنظيم القاعدة، منهم سيف العدل -محمد صلاح الدين زيدان- ولكن كان بوسعه أن ينتقل، ربما إلى باكستان. بينما أشارت تقارير أخرى إلى أن بن لادن موجود في أفغانستان أو سوريا. وفي آخر رسالة أصدرها في آذار/ مارس 2018، دعا حمزة بن لادن إلى الإطاحة بقيادة السعودية، سائراً بذلك على خطى والده. ومع الإعلان الأخير عن عودة مئات الجنود الأميركيين إلى المملكة العربية السعودية، تكهن كثيرون أن تنظيم القاعدة سيستخدم هذا الحدث محوراً رئيسياً لدعايته في المستقبل القريب.

كان حمزة بن لادن مجرد صبي صغير عندما اضطر إلى الفرار من أفغانستان في أعقاب الغزو الأميركي، ونتيجة لذلك لم يتمتع بأي خبرة عملية حقيقية. يعتبر حمزة الذي قد يبلغ الآن الـ30 من العمر تقريباً، ثالث أبناء بن لادن الذين تعرضوا للقتل. لم يكن حمزة هو الابن المفضل لأسامة بن لادن فحسب، بل كان أيضاً صهراً لأحد الزعماء البارزين في التنظيم، عبد الله أحمد عبد الله المُلقب باسم أبي محمد المصري، وهو رجل القاعدة المصري المُخضرم، المتهم بالضلوع في تنفيذ تفجير سفارتي الولايات المتحدة في تنزانيا وكينيا عام 1998.

على رغم سيرته الذاتية غير الثرية نسبياً، فقد أكسبه نسبه الكثير من الثقة في عالم الجهاديين عموماً. والواقع أن أسامة بن لادن تمتع بشخصية جذابة ومحورية لدرجة أن مجرد اسمه، كان كافياً لاستقطاب الاهتمام واجتذاب المجندين المحتملين.

قد يختلف البعض في أن حمزة بن لادن كان ليظهر كقائد مؤثر، ولكنه بكل تأكيد كان حريصاً على إبراز مكانته على مدى الأعوام الماضية. فقد أقحم نفسه في مناظرات جهادية انتقادية، وطرح رأيه على النحو الذي فعله والده لعقود. وعام 2015، دعا بن لادن إلى شن هجمات ضد المصالح الأميركية والفرنسية والإسرائيلية. وتابع ذلك التهديد بالكثير من التصريحات المماثلة على مدى الأعوام القليلة المقبلة، فوجه غضبه إلى الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وحث الجهاديين على شن هجمات في الغرب.

على رغم سيرته الذاتية غير الثرية نسبياً، فقد أكسبه نسبه الكثير من الثقة في عالم الجهاديين عموماً. السبب الآخر الذي يدعونا للاعتقاد بأن بن لادن كان مؤهلاً لتولي زمام تنظيم القاعدة هو الانتقادات واسعة النطاق الموجهة لِلظواهري، الزعيم الحالي للتنظيم، بسبب افتقاره الكاريزما. فدائماً ما حصلت سخرية من خطبه الدينية الطويلة المُقدمة بصورة روتينية وآلية والتي غالباً ما كانت بمثابة دعاية للتنظيم، وهو نقد يجده معظم الفقهاء الجهاديين منيعاً.

يصفه من قاموا بدراسة شخصيته بأنه شخص عظيم مخلص لقضيته، ويقولون إنه، “القوة الحقيقية وراء تنظيم القاعدة” منذ تأسيسه. فقد أعطى الظواهري للقاعدة استمراريةً وإدراكاً لِنجاحات الجهاديين العادية أو إخفاقاتهم في نضالهم المستمر ضد أعدائهم. وبفضل توجيهاته، استطاع التنظيم تصحيح مساره مستنداً إلى مبدأ التجربة والتعلّم من الخطأ، وسعى التنظيم جاهداً أيضاً إلى تصويب أخطائه الفقهية والاستراتيجية السابقة.

نشر في foreignpolicy.com