خدمة اخبارية باللغة العربية في صحيفة الغارديان البريطانية


لندن
خدمة على بعد نقرة على ماوس الكمبيوتر

أظهرت صحيفة "الغارديان" اشهر الصحف البريطانية تفاعلها مع الاحداث المتصاعدة في العالم العربي، عبر خدمة مدونة خبرية متجددة على مدار اليوم باللغة العربية على موقعها الالكتروني على الانترنت.

وأطلقت "الغارديان" الخدمة الخبرية باللغة العربية في الرابع من شباط/ فبراير متفاعلة مع احداث الثورة المصرية والاحتجاجات المتصاعدة في العالم العربي في محاولة منها لاستقطاب المستخدمين العرب بلغتهم.

وتكشف خدمة "الغارديان" الجديدة عن احساس متصاعد في اوساط صناعة الرأي، بأن الغرب ما عاد بامكانه ان يحادث العالم العربي اولا بفوقية وثانيا بغير لغته.

وتتابع المدونة الخبرية الاحداث المتعلقة بالشأن العربي وتداعياته الدولية عبر مقاطع خبرية للاحداث تنشر مرفقة بتوقيت تحميلها في صفحة واحدة على مدار اليوم، فيما تفتح صفحة جديدة لليوم التالي.

ومع ان الخدمة بدأت متقطعة في ايامها الاولى، الا انها استمرت بمنوال أكثر حيوية بعد تصاعد الاحداث في ليبيا.

واعتمدت في بعض مصادرها على مدونين وقراء نقلوا اليها انطباعاتهم عن الاحداث، وشكاوى وتساؤلات، فيما نشرت بعض المقالات والآراء.

ويرى المتابعون ان هذه الخدمة على بدائيتها، تقرّب صحيفة "الغارديان" العريقة والتي يعود عمرها الى مئتي عام، من المستخدمين العرب وبلغتهم الاصلية.

وتمول منظمة "سكوت تروست" الخيرية صحيفة "الغارديان" وشقيقتها "الاوبزرفر" وتميلان إلى الخط الديمقراطي الليبرالي.

وقال كريس إليوت مدير التحرير في صحيفة الغارديان "إن نجاح الموقع الالكتروني للصحيفة، كان نتيجة قيام الفريق التحريري بكامله بالعمل لصالح الموقع، وحتى في الأخبار الخاصة فإن الموقع له الأولوية في النشر، وهذه مسألة لم تكن سهلة التقبل في البداية ولكن التفاعل مع الجمهور من خلال الموقع شجع الكثير على الاهتمام بهذا الجانب".

ويامل المتابعون ان تتطور خدمة "الغارديان" العربية لتشمل ترجمة اهم المقالات والتقارير المنشورة في الصحيفة الى اللغة العربية.

ووصف متابع اعلامي من العاصمة البريطانية لندن خدمة "الغارديان" العربية بـ"مجرد بداية" وقال "لكن تعلمنا من التجارب ان البدايات البسيطة في الاعلام الالكتروني، بل لكل ما لديه علاقة بالمعلوماتية، قد يتحول الى كرة ثلج متدحرجة سرعان ما تجتاح بضخامتها كل ما يعتري طريقها على السفح، فيسبوك مثلاً وغوغل مثلا آخر".

واضاف "رغم ان غوغل وفيسبوك لا تشتغل بعقلية النظر الى السوق العربية، لكنها انتجت منصات معلوماتية كان لها فعل الصدمة - بل والسحر في بعض الأحيان - في عالمنا العربي".

وشدد بقوله "الخطوة البسيطة التي اتخذتها الغارديان تعني أن الغرب والشرق صارا يتعلمان من خطيئة اغفال بعضهما للآخر. هذه الخطيئة التي كانت تجد ما يبررها في السابق نتيجة الكلفة المرتفعة في انتاج الصحف، تحريراً وطباعة وتوزيعاً، صارت اليوم بمتناول اليد وعلى بعد نقرة على ماوس الكمبيوتر".

وتأتي خدمة "الغارديان" العربية بعد ان أعترف ناشرو صحيفة "التايمز" اعرق الصحف البريطانية مع شقيقتها "صندي تايمز" بانخفاض عدد المستخدمين لموقعها على الانترنت بعد فرض رسوم مالية على دخوله منتصف العام 2010.

وقال الناشرون "بأن عدد زائري الصحيفتين انخفض بنسبة 87 في المائة منذ فرض الرسوم في تموز/ يوليو الماضي".

وفرضت شركة "نيوز انترناشونال" المالكة لصحيفة "التايمز" وشقيقتها الأسبوعية "صندي تايمز" اشتراكاً مقداره جنيهاً استرليناً واحداً في اليوم وجنيهين في الأسبوع على قرّاء موقعي الصحيفتين، في اطار خططها للتخفيف من خسائر الطبعة الورقية.

وتصدر في المملكة المتحدة 11 صحيفة يومية كبرى، تقلص تداولها بمعدل 5.75 في المائة في العام 2009 وفقا للأرقام الرسمية.

وتعاني الصحافة الورقية بشكل عام من أزمة متفاقمة سميت "بالسوق المريضة" الامر الذي أرغم 60 صحيفة محلية الى التوقف عن الاصدار في بريطانيا.

وعانت صحف "الديلي تلغراف" و"التايمز" و"الغارديان" من انخفاض في التداول بمقدار 10 في المائة خلال العام الماضي.

وتراجعت مبيعات "اندبندنت" والتي تباع بجنيه واحد الى 186.000 نسخة يومياً بعد ان كانت توزع 250.000 نسخة يومياً قبل ثلاث سنوات.

وكان رئيس تحرير صحيفة الغارديان البريطانية آلان روسبردجر قد دافع عن بقاء الصحافة الورقية تجاه تهميشها من قبل الصحافة الرقمية.

وقال روسبردجر الذي يشغل منصبة منذ 16 عاما في حوار مفتوح مع اعلاميين في العاصمة البريطانية لندن "ان الصحافة الورقية لن تدخل في غياهب النسيان".

ورد آلان روسبردجر على دعوات روبيرت مردوخ المطالبة بفرض تكلفة مالية على مطالعي الصحف على الانترنت بقوله "ان المستقبل للصحافة الورقية والرقمية جزء منه والاكثر تميز هو الذي يفرض نفسه ويوثق علاقته مع القارئ".

واشار الى قيام مردوخ من قبل بتسعير صحفه بمبالغ ضئيلة جدا تصل الى اقل من سعر التكلفة من أجل الاستحواذ على الجمهور، وهو مردوخ نفسه الذي يطالب اليوم بفرض رسوم على دخول القارئ على موقع الصحيفة على الانترنت.

وجاء رد روسبردجر بعد أن رمي رئيس مجموعة التلغراف البريطانية غريج هادفيلد "قنبلة الكترونية" على طاولة الصحافة الورقية معلناً استقالته بثقة المؤمن بالعمل الالكتروني.

وقال هادفيلد الذي سبق وان عمل رئيساً لتحرير صحيفة "صنداي التايمز" قبل انتقاله الى رئاسة مجموعة التلغراف الاعلامية "لا مستقبل للصحافة الورقية، لذلك قررت تركت وظيفتي".

وطالب هادفيلد الذي قاد ثورة الكترونية في مجموعة التلغراف منذ توليه منصبه في كانون الثاني - يناير 2009 عبر إعطاء أهمية إضافية للموقع الإلكتروني حتى إنه أطلق مقولة "الموقع أولا"، الصحفيين بتطوير مهاراتهم وإقامة مشاريع اعلامية فردية مبتكرة، مؤكدا ان العمل المستقبلي للصحفيين وليس لوسائل الاعلام الكبرى.

وأكد آلان روسبردجر في معرض دفاعة عن الصحافة الورقية، انه لا يمكن معاملة صناعة وبيع الخبر كبيع عرض تحليلي لفيلم سينمائي جديد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   
  رئيس تحرير صحيفة الغارديان آلان روسبردجر  
 

وركز على طبيعة محتوى الصحيفة الورقية أو على موقعها الالكتروني، مبيناً بأن على القارئ ان يدفع ليقرأ او يقرأ دون مقابل، وهنا يكمن الاختلاف بطبيعة المحتوى.

 

وقال "ان آلية الخلاط التي يعتمدها مردوخ والتي انهارت مع التوفر الكبير للمعلومة عن طريق العولمة والتقنية، لم يعد لها مكان في عالم اليوم، لأن نموذج الاعمال المعتمد تكسر على صخرة العولمة والتقنية".

واشار الى انه لا يمكن تمويل الصحافة بطريقة الرعاية القائمة، ولا يمكن في الوقت نفسه تكرار آلية عصر المشاهد والقارئ التقليدي.

ودعا الى استفادة الصحافة من دروس تطور عالم الاعمال وتقديم نماذج مختلفة، من دون ان تفقد قيمها أو حريتها، مشيرا في الوقت نفسه الى فرض رسوم على محتوى متخصص ومطالبة القراء بدفع مالا حين تقدم لهم خدمة خاصة.

وأتهم رئيس تحرير صحيفة الغارديان القائمين على المجموعة الاميركية الاعلامية "نيوز كورب" بستعير القيم لمهاجمة خصومها، فيما تتناسى انها تتعامل مع وسائل اعلام حرة.

وأكد على التقاليد الصحفية التي ارساها "فليت ستريت" في بريطانيا والعالم، وان المجتمع لا يقبل بالتنازل عن اتجاهات قائمة وراسخة من أجل صناعة تجارية.

وقال "ان الخلاف ليس في سطوة الثورة الرقمية على وسائل الاعلام، بل باختيار المجتمعات لخطابها وتنظيم أنفسها في ديمقراطية جديدة من الأفكار والمعلومات، وتغيير مفاهيم السلطة، واطلاق الإبداع الفردي، ومقاومة خنق حرية التعبير".

وشدد بقوله "إذا أدارت وسائل الاعلام ظهرها للمجتمع من أجل انانية تجارية، والاكتفاء بفكرة ليس ثمة ما يمكن ان نتعلمه، فانها فقط ستدخل في غياهب النسيان".

ولم يقلل آلان روسبردجر من الاسباب التجارية وراء فرض رسوم على المحتوى، لكنه اشار الى التعامل مع أسباب أهم تدفع الصحف الى التقرب أكثر من العالم المعاصر، وان يجد القارئ نفسه في الصحيفة كي لا يرميها من الوهلة الاولى.

وطالب رئيس تحرير الغارديان في محاضرته امام جمهور من الأكاديميين والصحافيين في لندن بالتركيز على الصحافة كمفهوم وليس نماذج الأعمال التجارية، في تحمسنا للمستقبل.

واشار بقولة "اذ انحصر تفكيرنا بالاعمال التجارية على حساب الصحافة فأننا سنصاب بالشلل التام".

ومع الأزمة المالية العالمية قال آلان روسبردجر انه من السابق لأوانه التخلي عن الإعلان بوصفه عنصرا هاما في دعم الصحافة.

وأضاف أن زملاءه في القسم التجاري بصحيفة الغارديان يعتقدون ان الاعلان في الوقت الحاضر يشكل بديلا مالياً لما يمكن الحصول عليه من فرض رسوم على دخول القارئ الى الموقع الالكتروني.

وقال ان الخدمة العامة التي تقدمها هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" لا يمكن مثلا ان تنزل الى الخدمة التجارية لمجرد التنافس مع شبكة "سكاي نيوز"، كما ان مواقع الحكومات والمنظمات غير الحكومية والعلماء وشبكات الفنون والجامعات تنشر محتوى مواقعها على الانترنت من دون ان تفكر بفرض رسوم عليه".

وأختتم محاضرته بالقول "ان النمو المضطرد بالاعلام الرقمي مدعاة للاحتفال، كما ينبغي ان يكون تصاعد قراء الصحف الرقمية منارة للأمل".

للاطلاع:

http://www.guardian.co.uk/world/blog/2011/feb/25/libya-live-blog-in-arabic