دقة الصواريخ الايرانية

الاكثار من العمليات الاستعراضية للأسلحة الإيرانية لا يهدف إلا إلى ترويع المنطقة.

اللعب بالنار، هذا هو التعبير الذي يمكن إطلاقه على التصريحات الايرانية المتكررة بشأن تهديد المنطقة والعالم بصواريخهم الباليستية والتلويح بدقتها وبقوتها التدميرية، خصوصا وإن قضية الصواريخ الباليستية التي يمتلها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ويعمل على تطويرها، هي واحدة من المواضيع التي تثير القلق والجدل معا ولاسيما وإنها نوع من التحاذق والفذلكة التي تمارسها طهران بخصوص إلتزاماتها ببنود الاتفاق النووي والتي تصر أميركا والبلدان الاوربية بأنها تشمل الصواريخ الباليستية.

ملف الصواريخ الباليستية الايرانية الذي صار يشكل تهديدا صريحا لبلدان المنطقة خصوصا بعد أن قامت طهران بتزويد الحوثيين بها وتم إستخدامها ضد السعودية كما إنها زودت بها حزب الله اللبناني وميليشيات عراقية أخرى تابعة لها، ولأن هذه الاذرع تابعة لطهران وتأتمر بأمرها فإن إمتلاكها لهكذا صواريخ يعني تهديدا صريحا لأمن وإستقرار المنطقة وطوال الاعوام الماضية، لم يكف القادة والمسٶولون الايرانيون بتهديد بلدان المنطقة والعالم والتبجح بقدراتهم الصاروخية وذراعهم الطويلة، وهو ما تسبب بدفع بلدان المنطقة للبحث عن خيارات لمواجهة التهديدات السافرة لطهران ومن هنا فقد دخلت المنطقة في غمار سباق تسلح لا يمكن أبدا أن يحمد عقباه خصوصا مع نفخ طهران في قربها على الدوام!

التصريح الاخير لحسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني، بأنه قد تم إختبار صاروخ جديد وقوله بأن: "بلدنا دائمة ساحة لاختبار العديد من الأنظمة الدفاعية والاستراتيجية، وهذه تحركات دائبة صوب تطوير قوتنا الرادعة... وكان يوم أمس هو أحد أيام نجاح هذه الأمة." وتزامن هذا التصريح مع تصريح آخر لنائب وزير الدفاع الايراني، قاسم تقي زاده، أكد فيه بأن بلاده تخفي صواريخ عالية الدقة لم تكشف عنها ويتم اختبارها حاليا لتكون قادرة على مفاجأة "أعدائها" وأضاف: "قمنا بتصنيع أسلحة فعالة وسلمناها للقوات المسلحة، ونحن اليوم من يدير المشهد وأثبتنا ذلك في الميدان." بل وإنه ذهب أبعد من ذلك عندما إدعى بأن: "المنظومات الإيرانية الجديدة لا شبيه لها في العالم، وهي ليست هندسة عكسية أو استنساخا عن أي منظومة أجنبية بل خاصة ومحلية بامتياز."

هذان التصريحان وفي هذه الفترة المتأزمة حيث تتداخل فيها الامور وتزداد تعقيدا، فإنهما لا يمثلان حذاقة ولاذكاء من جانب طهران من أجل التأثير على المواقف الدولية وجعلها تتسم بالليونة والانفتاح تجاههم، بل إنه أشبه بلعب واضح بالنار والتمادي في إظهار الروح العدوانية والرغبة في إشعال الحروب، ولاريب من إن هذا التصعيد الواضح من جانب طهران له علاقة قوية جدا بالاوضاع والتطورات الداخلية بشكل خاص والتي لم يعد النظام يمسك بها كما كان حاله من قبل وحتى إن طرح أمور ومواضيع نظير خلافة خامنئي وقضية التفاوض مع الاميركيين تدل على قلق وتوجس في طهران من مسار الاحداث خصوصا بعد أن باتت التظاهرات التي تنظمها المقاومة الايرانية للجالية الايرانية لها أصداء وتأثيرات ليس في وسائل الاعلام الدولية التي تشير لها بصورة ملفتة للنظر وإنما حتى في الاوساط السياسية الاوربية وإن الموقف الرسمي السويدي الاخير الذي إمتنعت بموجبه وزيرة خارجية السويد الى إشراك وزير خارجية إيران الى جانبها في المٶتمر الصحفي الذي عقدته على أثر زيارته، والذي كان بسبب التظاهرات العارمة للجالية الايرانية، كانت رسالة مرة كالعلقم بالنسبة لطهران.