دور مسرح الطفل في تنمية الوعي!

يجب علينا أن نلفت نظر أبنائنا منذ طفولتهم الباكرة إلى أهمية الإبداع.
دور المدرسة في توجيه الأطفال إلى ممارسة هواياتهم المختلفة
التعليم بالخبرة المباشرة، له أفضلية على الطريقة التلقينية

تقديم عام
يقول الفرنسى شارل لالو: إن الفن لا ينقل الطبيعة كما هي، ولكن يستعين بها ليعبر عن أشياء جديدة، وليضيف إليها عن طريق الاستثارة، خاصة فن المسرحية وبالأخص مسرح الطفل، لأنه يمتاز بالتلقائية وعدم الغلو واللإفراط في الأداء وإن كان يتقمص الأدوار، أدوار الحياة المختلفة وفقا لمفاهيمه وخبراته، فالطفل حينما يتعامل مع المسرحية مشاهدة أو تمثيلا، على مختلف مستويات العمر، وحسب قدرته وطاقته، إنما يتعامل معها بتلقائية واعية تجعله يدرك معانى الأشياء ويتذوقها ويحاكيها، فالفن ترحمة الإنسان للأشياء الطبيعية، و"إن تنمية السلوك الإبداعي لدى الأطفال، وتنمية قدراتهم الإبداعية – التي هي من ملامح الطفولة الجوهرية - يحتم علينا البحث عن منهج للتربية يستطيع أن يلبي احتياجات الطفولة في أبعادها المختلفة (المعرفية والوجدانية والجماية والاجتماعية) ويفجر طاقاتها الإبداعية – هذه الطاقة التي تعد حجر الأساس في حث الطفل على الارتقاء، ورسم ملامح جديدة لذاته بل لواقعه، وإتاحة الفرصة له للإكتشاف والتجريب وخلق عالمه كما يجب أن يكون". 
يقول أديسون: إن الإبداع يمثله 1% إلهام، و99% جهد وعرق.
من ثم يجب علينا أن نلفت نظر أبنائنا منذ طفولتهم الباكرة إلى أهمية الإبداع، بعد أن نلمس بأنفسنا ونكتشف حقيقة ميولهم الإبداعية، وقدراتهم الخلاقة وتوجيه تلك الميول توجيها صحيحا، بما يجعلهم يكتسبون خبرات جديدة، تثرى مخيلتهم الإبداعية، فالأطفال في سنوات عمرهم الأولى يمتلكون قدرات هائلة ومواهب شتى "وهذه حقيقة تؤكدها دراسات وأبحاث عديدة وبخاصة علم النفس وأبحاث المخ، إن كل طفل هو طفل موهوب، يمتلك بداخله كافة أنواع المواهب والقدرات العقلية". 
والدليل على ذلك "في مرحلة السنوات الأولى يمارس الأطفال كل الهوايات، ويمتلكون كل المواهب المتاحة، فيرسمون ويلونون ويغنون ويتراقصون ويفعلون كل شيء" بما منحهم الله من مخيلة خصبة قادرة على الانطلاق إلى عوالم أخرى، تجعلهم قادرين على سرد الحكايات المحبوكة التي قد لا تنتمي إلى عالمنا الواقعي قدر ما تحمل من خيال جامح، فكيف يكون حال أطفالنا لو تم توجيههم التوجيه السليم لتنمية مواهبهم الفنية والإبداعية ومنحهم قدر من الثقة بالنفس، وهذا ما يؤكده هربرت ريد: إننا إذا أردنا التربية الصحيحة للطفل التي تؤدي إلى النمو السوي لشخصيته بل إلى إنماء طاقاته في جميع الاتجاهات، فعلينا معرفة دوافعه وحاجاته النفسية بما في ذلك حاجته إلى التعبير الفني والعمل على إشباعها، ويتساءل البعض، لماذا يلجأ الطفل إلى فرشاته وألوانه؟ لماذا يحاول الغناء أو يؤلف أغانيه أحيانا؟ لماذا يعزف على آلة موسيقية؟ ولماذا يسعى إلى أداء دور في مسرحية.
دور المدرسة
ومن ثم يبرز دور المدرسة في توجيه هؤلاء الأطفال إلى ممارسة هواياتهم المختلفة، من خلال حصص الأنشطة الفنية والرياضية، والثقافية، مثل: حصص الرسم والموسيقى، والقراءة الحرة، والمكتبة، وممارسة الرياضة، كرة القدم، والسلة، والطائرة، وغيرها من الأنشطة التي تخرج طاقات التلاميذ المكبوتة بداخله، وإطلاق العنان لها، كي يبتكر من خلالها، ويبحث عن شخصيته وقدراته الحقيقية التي تكسبه الثقة بالنفس، وتعده كي يكون قائدا في المستقبل، وهذا لا يتحقق إلا من خلال إكتسابه "مجموعة من الخبرات التعليمية المربية التي يكتسبها التلاميذ داخل أو خارج المدرسة بإشراف من المدرسة، والمقصود بالخبرة التعليمية هي موقف تعليمي منظم يخططه المعلم ويضع تصوره من حيث محتوياته واللازم له من إمكانيات ومواد تعليمية وأنشطة يقوم بها التلاميذ، سواء داخل أو خارج الفصل بهدف تحقيق هدف تعليمي مرغوب فيه، أو مجموعة أهداف تعليمية، ويحقق للمتعلم النماء الشامل السوي، والذي يجعله قادرا على مواجهة المواقف الحياتية في بيئته وتحقيق حاجاته.

مسرح الطفل
أداة دافعة للنمو

وتحكي الكاتبة، فرانسواز زونابند عن تجربة في إحدى المدارس بإحدى القرى القريبة من باريس، عن مدرسة اشتغلت فيها، وأدخل المدرسون وسائل تربوية حديثة تستخدم الحوار والمشافهة، ومبادرة التلاميذ، ومكتب المدرس في الفصل يوضح في نهاية الفصل أي خلف ظهور الأطفال الذين يسمعون المدرس ولا يرونه، وهكذا يتجسد هذا الأسلوب التربوي الحديث القائم على إيصال المعلومات مشافهة. كما ينمو خيال الطفل وحرية اختياره عن طريق إعداده ملفا شخصيا يدون فيه كل الموضوعات التي تهمه من تاريخ، وشعر، وأدب، وطبيعة، ومن جهة أخرى يسهم التلاميذ في إعداد ملف رئيسي للفصل، ترتب فيه الوثائق التي تشيع الحياة في الدروس (من كراسات، وصحف، وصور فوتوغرافية، ومجموعة حشرات) وتوجه أهمية خاصة للبيئة المحلية والحياة القروية، كما أن الطلاب يدرسون التاريخ والجغرافيا، وعلوم الرصد، في أثناء الحصص التي تعطى في الهواء الطلق، ومن هنا يتضح أن المدرسة الحديثة في التربية تتجه صوب إعداد الطفل عقليا وشخصيا، أكثر مما تتجه نحو تزويده بالمعلومات، إنها تؤهله إلى اكتشاف العالم المحيط به والمتفاعل معه.
ولعل أصدق دليل على أن التعليم بالخبرة المباشرة، له أفضلية على الطريقة التلقينية، له أثره في تكوين التلاميذ لقد "سئل بعض الأطفال في مدينة نيويورك عن المصدر الذي يأتي منه اللبن، فقال البعض من القطط البيضاء أو الأرانب ناصعة البياض، وبعضهم قال من عند البقال، لم ير أطفال نيويورك في ذالك الوقت حيوانا كالبقر والجاموس، فليس في هذه المدينة الكبيرة مزارع ولا حيوانات ولا حقل".
فعدم خبرة هؤلاء الأطفال بالعالم المحيط بهم من نباتات وحيوانات جعلهم لا يدركون ما هو مصدر اللبن، بينما لو كان هناك احتكاك مباشر مع البيئة لكانت الإجابة غير ذلك".  
اللعب خبرة تلقائية وحياتية
"اللعب طاقة سحرية تحتوي العالم بأسره، فهو كل ما يقوم به الطفل طوال يومه بإستثناء النوم، وهو وسيلة الطفل في إدراك العالم المحيط، وسيلة لإدراك ذاته وقدراته المتنامية، أداة دافعة للنمو، تتضمن أنشطة كافة العمليات العقلية، وسيلة للتحرر من التمركز حول الذات، وسيلة تعلم فعالة، ينمي كافة المهارات الحسية والحركية والاجتماعية واللغوية والمعرفية والانفعالية وحتى القدرات الابتكارية، هو كذلك ساحة لتفريغ الانفعالات". وقد عرّف وينيكوت اللعب باعتباره الشكل الجوهري للتواصل بالنسبة للطفل، حيث إنه خبرة تلقائية مستمدة من الحياة وتدور في إطار زمني ومكاني، ويستطرد مفسرا ذلك الإطار المكاني للعب بأنه مكان خيالي  يعرفه بنفسه، فهو ليس بالمكان الداخلي أي جسم الطفل وكذلك ليس بالمكان الخارجي وإنما هو بينهما.
كذلك نجد تعريف آن كرافت، حيث عرفت اللعب على أنه النشاط الذي يقوم فيه الأطفال بالاستطلاع والاستكشاف للأصوات والألوان والأشكال والأحجام وكل العالم الذي يحيط بهم، حيث يظهر الأطفال قدراتهم المتنامية على التخيل والإنصات والملاحظة والاستخدام الواسع للأدوات والخامات، وكل ذلك للتعبير عن أفكارهم وللتواصل مع مشاعرهم ومع الآخرين، "ويعد اللعب هو أول دوافع التعبير الفني عند الأطفال، فاللعب والفن كلاهما نشاط حر تلقائي ينبعث من الطفل ليرضي حاجاته، ومن فؤائد اللعب أنه يستنفد طاقته ويشغله ويحرك حواسه وخياله وفكره، كما يحب الطفل التعبير عن ذاته من خلال الفن، فهو يحب التعبير عن مشاعره وأفكاره المختلفة، أما باللغة المنطوقة أو التشكيلية أو غير ذلك، كما يفيد التعبير الفني في التنفيس عن الطفل والتخلص من التوتر الانفعالي الزائد، وهناك دوافع أخرى مهمة للتعبير الفني عند الأطفال مثل التجريب والاكتشاف لعناصر البيئة من حولهم، وقد يكون وراء التعبير الفني للأطفال الشعور وإشباع النواحي الحسية والحركية عن طريق توظيفها خلال عمل من الأعمال الفنية. 
ومن أهم ما يضيفه الفن لعقل الطفل هو أن يكتسب القدرة على حرية التفكير وحرية التعبير،  مما يجعل عقله متفتحا للأفكار الجديدة والتجارب المختلفة والرغبة في الاكتشاف والتجريب، وكل ذلك يسهم في خلق الاتجاه العقلي المبدع لديه، وليكون "وسيلة ملائمة لتنمية السلوك الإبداعي عند الأطفال مما ينشط الجانب العقلي المعرفي ويحقق التوازن الوجداني كما يشبع الدوافع ويحفز الاستعدادات الجمالية والتشكيلية ويدعم الارتباط بثقافة المجتمع والتعامل مع قيمه ومفاهيمه السياسية والاقتصادية ويعتاد العمل من خلال فريق متعاون وبذلك يستفيد الطفل من المسرح فائدة عظيمة".
تأثير المسرح على شخصية الطفل
"يعد مسرح الطفل كما قيل من أهم ابتكارات القرن العشرين، فقد اكتشفت كثير من دول العالم - ومنها مصر - أهمية هذه المؤسسة الفنية المهمة في تنمية وبناء شخصية الطفل داخل إطار أكثر الوسائل جذبا وإمتاعا فتأثير العرض المسرحي لا يعادله تأثير أي مؤسسة أخرى فنية أو تعليمية في نفوس الأطفال وأن ما يتعلمه الطفل وما يتوفر له من معرفة مقرونة بالمتعة أثناء معايشة التجربة المسرحية يبقى أثره في نفسه مصاحبا له في رحلة حياته طويلا بعكس ما قد يتعلمه في قاعة الدرس، وسرعان ما قد يلقى به في طي النسيان، إلا إذا اتخذ المدرس في عيني الطفل صورة البطل فيكون لدرسه أثر السحر المسرحي"، فالأطفال "يسلمون أنفسهم ومشاعرهم وخيالهم وكل اهتماماتهم لما يقدم أمامهم على المسرح، ويهتم النقد الحديث بالبحث عن الأثر الكلي الذي يتركه العرض المسرحي في نفوس ومشاعر وخيال وسلوك الأطفال، وهذا يدعونا إلى التوقف كثيرا عند بعض العناصر التي تشارك في إعطاء أثر ايجابى لدى الأطفال، سواء في مجال المتعة بتذوق المسرح أو في مجال التأثير في سلوك واتجاهات الأطفال المشاهدين". ففي هذه المرحلة الممتدة من الثانية عشرة إلى السادسة عشرة، وهي سن الرومانسية يفضل الأطفال في العمل المسرحي أن تمتزج المؤامرة بالعواطف، لأن الأطفال شديدو الحساسية في استقبال المحتوى العاطفي في المسرحية، فمن الضرورى أن نتحكم في العواطف العارضة في المسرحية لأن هذه تميل إلى تشتيت إدراك الطفل وتشويش فهمه لهدف المسرحية، لذا يجب التأكيد على القيم المثالية، وتنجح مع جمهور هذه السن المسرحيات التي تدور حول بعض القيم مثل، النجاح في المشروعات، والوصول إلى القيادة والزعامة "وقليلو المعرفة بالطفل من كتاب المسرح والممثلين والمخرجين غالبا ما يحاولون المبالغة في تبسيط ردود الأفعال فنرى في أعمالهم مثلا الملك النمطي الذي ليس له إلا عاطفتان: الفخامة والحب، أو الشرير الذي يظهر في هيئة الشخصية الحقيرة، إن تصويرا بهذا الشكل ليس له قيمة، ذلك أن الشرير يجب أن يبرر أغراضه كما يفعل كل الناس، والملك يجب أن يحاول دائما أن يكون أبا وملكا فاضلا، كما هو مفترض لملك أن يفعل، ومن ثم نستطيع أن نحكم على أفعاله كشخص حقيقي له شعور طبيعي، ولو أعطيناه عواطف ورقية فكأنما نقول للطفل: هذه دمية متحركة وليس إنسانا الملك هنا لا عواطف له، وبالتالي لا يمكن للطفل قبوله كشخص حقيقي، ورغم أننا نضحك من الملك فإننا لايمكن أن نتعلم منه".

مسرح الطفل
من أجل تقليد مسرحي راسخ

تقول د. نرمين الحوطي: إن المسرحيات الجيدة تثير عواطف كثيرة كالإعجاب والخوف والشفقة، فإذا أثيرت هذه العواطف بأسلوب سليم، فإنها تنمي في الطفل الأحاسيس الطيبة والإدراك السليم، أما إذا أثيرت عواطف الأطفال بطريقة رخيصة، أو بصورة مبتذلة، فإن هذا يسبب لهم ضررا بالغا ومدمرا "كأن نجعل من سلوك الأطفال الطبيعى مصدرا للسخرية أو التحقير"، لكن لا يكفى أن يتعرض الطفل للتأثير المباشر السريع أو لمجرد رد الفعل العاطفي المؤقت، بل يجب أن يؤدي هذا التاثير العاطفى إلى دعوة الطفل إلى التفكير، وإلى المقارنة، وإلى إلقاء الأسئلة واتخاذ المواقف". 
وبهذا يكون الكاتب المسرحبي قد استطاع أن يصل إلى قلب وعقل الطفل، وإلى إشباع رغبته في المعرفة والبحث، بما يحمل النص من خبرات متنوعة، ومعلومات ثرية وأساليب سلوك، كما أنه يحثهم على إلقاء الأسئلة والتعبير بجرأة وحرية، عما يجيش في نفوسهم ويدور بعقولهم من خلال المعرفة، والبحث عن المعلومات، وهو ما يؤدي بهم إلى إدراك العالم الذي يحيط بهم". ومما لاشك فيه أن أقوى أنواع الإفادة من مرور الأطفال بخبرة المسرح، هي التي يكون الطفل فيها مشاركا في الأحداث قائما بدور على خشبة المسرح، حيث يكتسب الممثل المسرحي مهارات قلما تتوافر في مجال آخر، ويكفي في هذا السياق اعتراف كثير من القادة العظماء والناجحين البارزين، بأنهم قد وقفوا على خشبة المسرح في سنوات دراستهم الأولى، وهو ما أكسبهم الجرأة والشجاعة والمبادأة والمواجهة والتركيز الذهني والاتساق الحركي أثناء المواجهة، والقدرة على تحمل المسئولية، وحسن التصرف في المواقف الصعبة، والتحكم في النفس والانفعالات وغيرها كثير من المهارات التي تمثل ضرورة لبناء شخصية الإنسان في أي زمان وأي مكان، فما بالنا والتطور الإنساني قد وضع الإنسان على محك المواجهة الدائمة، فلم يعد أحدنا باستطاعته أن يحيا بمعزل أو أن ينأى بأبنائه عن التطور الحادث من حوله، مما يؤكد على ضرورة إكساب الأبناء هذه الخبرات من خلال إتاحة الفرص لمعايشة التجربة المسرحية في المؤسسات التعليمية والتأهيلية.
"ولما للمسرح من خاصية التركيبية والمشاركة على مستوى العرض المسرحي بين التلاميذ والمعلم، والتلاميذ مع بعضهم البعض، والتفاعل المباشر بين المؤدي والمتلقي، فبذلك تعتبر مسرحة المناهج من أنجح الوسائل التربوية لتحقيق الخبرة المباشرة سواء للمؤدي والمتلقي أيضا، لأن العملية التعليمية خرجت من كونها معلومات تملأ بها عقول التلاميذ، وإنما هي خبرات يكتسبها الفرد لكي يتفاعل مع حياته بشكل أفضل.
والمسرح هنا يستخدم "كوسيلة تعليمية لشرح الدروس وتبسيطها وتجسيدها.... وهنا يتضح المسرح مجرد وسيلة، وليس هدفا في حد ذاته، إنه يستخدم ويستثمر لصالح المواد الدراسية... فهو أسلوب تعليمى ووسيلة إيضاح". 
الدراما المبتكرة كأحد أساليب التربية
 كانت الدراما المبتكرة التي يشارك فيها الأطفال أنفسهم هي "أحد الأساليب المهمة في مجال التربية الحديثة التي تعتمد على منهج التفاعل والمشاركة بين المؤدي والمتلقي، إنها تهدف - من خلال عمل الجماعة (الأطفال) وتفاعلها - إلى تطوير حرية التعبير بالجسد والأحاسيس والمهارات اللغوية والسلوكية، وتزيد الثقة بالنفس، والوعي والفهم الذاتي، إنها تطلق الإبداع الكامن في كل فرد، وتمده بالسعادة لذلك فهي تصلح أن تكون أسلوبا تربويا متكاملا أو يفاد منها في جميع جوانب تربية الطفل، سواء في مجال الإرشاد والعلاج النفسي.
وتعتمد الدراما المبتكرة على مجموعة من الأطفال مع القائد والذي هو بمثابة الموجه والمساعد لهم في تنشيط أفكارهم وخيالهم ومساعدتهم على ابتكار أفكار جديدة تنبع من ذواتهم أو من الموضوع المطروح من خلال الدراما المبتكرة، والمكان الذي تؤدى فيه ليس محددا فيمكن أن يكون الفصل أو قاعة كبيرة أو في الهواء الطلق، حديقة، فناء، شاطىء بحر ...، وفي أي وقت، أثناء أو بعد ساعات الدراسة.
 والدراما المبتكرة هي فكرة يحاول أن يستخرجها المدرب أو القائد أو المدرس من الأطفال أو من يطرحها عليهم، ثم يبدأ الجميع من خلال أفكارهم ابتكار مواقف وشخصيات وحوار في إطار هذه الفكرة، بصورة مرتجلة نتيجة المناقشة والحوار ثم يتطور الحديث بعد ذلك إلى الحركة، ويمكن أن يتحول الحدث بعد ذلك إلى نص مسرحي". وهذا كله يتم في إطار اللعب باعتباره تسلية نافعة، وباعتبار المسرح أيضا لعبة، لذا يجب أن توجه أوقات الفراغ أو الأنشطة الموازية، لصالح اللعب، من أجل القيام بمختلف الأعمال الإبداعية التي يمكن أن يفجرها الطفل، من خلال مواهبه وميوله، هي فرصة إذن لخلق الورشات (المسرح، الرسم، الموسيقى) من أجل صقل هذه المواهب وتطويرها، إن "منطق اللعب - بما فيه لعب الأطفال - بقواعده وتقاليده يعكس واقع المجتمع أنه "مرآة اجتماعية حقيقية" فاللعب يشكل أحد الأنشطة التربوية التي تستحق أن نوليها جل اهتمامنا، مثل باقي الأنشطة التي تقوم بها المؤسسة المدرسية، أن اللعب لا يمتاز فقط ببعده الفلسفي النظري، ولكنه موضوع للتربية وأحد عناصرها التي تهتم بها المدرسة كمؤسسة تربوية. 
وقد أعتبر مونتيني "اللعب أكثر أنشطة الأطفال معقولية وصرامة". يقول هشام شرابى: يجب مساعدة الطفل فى عمليتي اللعب والتعلم، كما يجب مساعدته على البقاء لوحده، ولكننا نجد في المجتمع العربي، أن الطفل الصغير لا يتمتع بالمبادرة بما فيه الكفاية، وأن الناس من حوله يقولون له دوما أن يفعل هذا وذاك، وبما أنه محاط بالناس دائما فإنه محروم من مبادرة اكتشاف ذاته، أو ما يمكنه أن يكون وما يستطيع أن يفعله من تلقاء ذاته، ولذلك يجب عدم إزعاج الطفل الذي يلعب وحده بهدوء، فهو لا يلعب فحسب بل يقوم بتنمية مهاراته، وهذا ما ينتج للطفل بمحاولة الخلق والإبداع مع التعبير عن ميوله ورغباته، حيث تسنح لنا هذه المرحلة بفرصة تسجيل مجموعة من الملاحظات، من قبل معرفة الميول الخاصة لكل تلميذ/ طفل: (تقليد المعلم، محاكاة الكبار أو تجسيد حادثة عند الحكي، لتقريب الحادثة من التلاميذ (المسرح، الرياضة، خطوط هندسية على السبورة، أعمال تجسيمية بالورق، النقش على الطاولة، التخطيط على الأرض.. ، الرسم أو الفنون التشكيلية، الضرب على الطاولات، أو خلق أصوات بتوظيف الأدوات المدرسية، أو التصفيق بشكل متناغم ..".
إذن من أجل تقليد مسرحي راسخ، ومن أجل ثقافة مسرحية جادة وفاعلة وقادرة على حث الطفل على التعبير عن ذاته وقدراته الخلاقة، يجب البدء مع الطفل من المدرسة والبدء باللعب. وخلاصة القول: هل اللعب باعتباره (استراتيجية) سيسمح بخلق مؤسسة قوية ومنسجمة بين المسرح والطفل، أم أنها مؤسسة محكومة دائما بالسياسة المتبقية من قبل المتدخلين والفاعلين، في حقول تعيش أبدا لحظات تجاذب مستمر.