رؤى انسانيَّة بإبداعٍ بحريني في 'أُفُق تشكيليَّة'

معرض 'أبعاد' للفنون التشكيليَّة يختار أن يحمل على عاتقه مهمَّة وصول الرسائل الإبداعيَّة لكوكَبة من الفنَّانين البحرينيين من خلال إقامة معرض جماعي مُشترك برعاية النائب زينب عبدالأمير.

مُنذُ أن رسَمَ الخالق أرض البحرين وبحارها وسمائها بريشةِ إبداعِه؛ تحوَّلت تلك اللوحةُ الإلهيَّة الحيَّة إلى موطنٍ خصبٍ لإلهام المُبدعين ولا سيَّما الفنانين التشكيليين الذين ورثَ المُعاصرون منهم موهبة أجدادٍ سبقوهم بتخليد آثارهم الفنيَّة على هذه الأرض مُنذ الألفيَّة الثالثة قبل الميلاد.. وباعتبار الفن رسالة لا تؤدي دورها إلا بوصولها إلى قُرَّائها من الجماهير؛ اختار معرض "أبعاد" للفنون التشكيليَّة أن يحمل على عاتقه مهمَّة وصول الرسائل الإبداعيَّة لكوكَبة من الفنَّانين البحرينيين من خلال إقامة معرض جماعي مُشترك تحت عنوان "أُفُق تشكيليَّة" برعاية النائب زينب عبدالأمير ليستهلَّ به نشاطاته لعام 2024.

تجلَّت المشاهِد المُقتبسَة من الطبيعة البحرينية في مضامين باقة من الأعمال الفنيَّة، فالبحرُ والأصداف واللآلئ والمُسطحات الزراعيَّة الخضراء مواضيع احتلَّت مساحات واسعة من أعمال الفنانين: جابر سهراب، موسى رمضان، صالح الماحوزي، عباس سرحان، فاطمة دهنيم، وديعة إبراهيم خليل، وعلي جابر سهراب.. بينما كان لتفاصيل الحياة اليوميَّة وملامح البشر ومَشاهِد التاريخ والقضايا العالميَّة المُلحة مساحاتٍ أُخرى في لوحات كل من الفنانين: عبد الشهيد خمدن، محمود عبد الصاحب البقلاوة، إسماعيل نوروز، عبدالجليل الحايكي، سيد صلاح الموسوي، إبراهيم أكبر، فرح السندي، طاهرة بوشهري، أحمد بوحميد، علي الحواج، عادل الذوادي، زهير القديحي، منصور درويش، قاسم جهاد، كوثر علي محمد، وفاطمة أحمد عيسى.. ولم يخلُ المعرض من لوحاتٍ اهتمَّت بتسليط الضوء على هموم المرأة الخاصَّة وتأملاتها وطموحاتها وأحلامها العميقة كما بدا في لوحات: خلود السندي، إيمان الحاجي، نور حماد وأُخريات.

تنوُّع الأساليب الفنيَّة في إبداع الأعمال الفنيَّة أضفَى مزيدًا من الثراء الإبداعي إلى المعاني الكامِنة وراء الخطوط والألوان، فحين تتحد حُرية اختيار الشكل بحُرية المضمون يتحقق أحد أسمى أهداف الفن المُعاصِر ويتجاوز الإبداع الحدود مُحلِّقًا نحو آفاق أبعد من المتوقَّع، ويبدو أن طرق أبواب عوالم الأحلام الفنيَّة يعزف على أوتار طموحات الفنانة "إيمان الحاجي" ليُعلنَ عن نفسه في لوحتيها "السلام" و"البصيرة"، فبطلات لوحاتها ذوات الأعيُن المُغمضة يعتمدن على حاسة أعلى من البصر لاستكشاف أسرار العالم المحيط بهن، وعن هذا أوضَحَت: "أحيانًا يكون باستطاعة البصيرة رؤية أبعد مما يستطيع البصر رؤيته، لا سيما وأن رهافة النفس البشريَّة تهبها حواسًا استثنائيَّة عن المُعتاد.. لذا حاولتُ أن تكون لوحة "البصيرة" رمزًا لهذا المعنى".

الفنَّان التشكيلي محمود عبدالصاحب البقلاوة عبَّر من خلال لوحتيه "الأرض" و"عزة" عن هموم كوكب الأرض الرازح تحت وطأة الحروب والأزمات المُناخيَّة التي تأكل من عُمره وتؤثر على مُستقبل البشريَّة، وعن هذا قال: "وطننا الحبيب جزء مؤثر ومُتأثر بما يحدث على كوكب الأرض، لا سيما وأن لموروثه الحضاري مكانة شهِد لها التاريخ بالأهميَّة منذ عهد حضارة دِلمون، إذ تتنوع ثرواته وتبرز كنوز تركاته الإنسانية المتفردة، ما يجعلَ منها زادًا ثمينًا في عملية استدامة التنمية على هذا الكوكب، لذا نُحاول تأدية رسالتنا من خلال بعض أعمالنا الفنيَّة لافتين نظر الإنسان إلى ضرورة التعامل برفق مع الأرض التي يعيش عليها على أمل إنقاذها قبل فوات الأوان".

وبينما أعربت النائب زينب عبدالأمير عن تقديرها للفن التشكيلي البحريني بمُختلف صوره الإبداعيَّة؛ أشادت بهذا النوع من المعارض الذي يحتوي المواهب الفنية البحرينيَّة ويُسهم في إبرازها، وشبَّهَت المعرض بـ "النافذة المُضيئة" التي تُطل منها تلك الأعمال المُتميزة وتسمح لها بطرح قضاياها واطّلاع الجمهور عليها. أمَّا مُدير المعرض الفنان عبدالشهيد خمدن فقد أكَّد استعداد صالة "أبعاد" لاحتواء كل موهبة في مجال الفنون التشكيلية ولا سيما المواهب الشابة، وأضاف قائلاً: "نحن نعتبر المواهب البحرينية ثروة لا يُستهان بها ومكسبًا لمعرضنا، ونرى أن الوقوف معهم واجبًا نسعد بتأديته".