أمسية للرموز الدلمونية في ضيافة جمعية تاريخ وآثار البحرين

الفعالية تُساهم في رفع الوعي بفلسفة تلك الرموز في الحضارة الدِلمونيَّة التي امتازت بتواصُلها المستمر مع حضارة أرض وادي الرافدين، وخلَّد التاريخ حكاية رحلة الملك 'كَلكَامش' إلى دِلمون ليلتقي بحكيمها 'زيوسودرا' طامحًا لاكتشاف سر الخلود الأبدي.

لطالما كان التواصُل بين الحضارات فرصةً لازدهار نموها على مُختلف الأصعِدة الثقافية والمعرفيَّة والاقتصاديَّة، وباعتبار الرموز المنقوشة إحدى أقدم وسائل التواصُل المُتطوِّرة بين البشر في حدود الحضارة الواحدة وامتدادًا إلى خارجها نحو حضاراتٍ أُخرى أحيانًا؛ اختار الباحث والفنان التشكيلي البحريني محمود عبدالصاحب البقلاوة مناسبة "اليوم العالمي للمتاحف" إقامة فعالية تُساهم في رفع الوعي بفلسفة تلك الرموز في الحضارة الدِلمونيَّة التي امتازت بتواصُلها المستمر مع حضارة أرض وادي الرافدين، وخلَّد التاريخ حكاية رحلة الملك "كَلكَامش" إلى دِلمون ليلتقي بحكيمها "زيوسودرا" طامحًا لاكتشاف سر الخلود الأبدي.

تضمَّنت الفعالية التي استضافتها "جمعية تاريخ وآثار البحرين" ثلاث نشاطاتٍ مُتتالية؛ بدأت بعرض باقة من اللوحات الفنية التشكيلية التي تصوِّر جوانب من الثقافة الدلمونيِّة وفق رؤية الفنَّان مع مجموعة من النماذج المُصنَّعة للآثار الدلمونيَّة كالأختام والرموز المحفورة على الأواح الطينيَّة المُتعارف عليها كوسيلة تواصُل بين فئات من أفراد تلك الحضارة، ثم "ورشة النقوش الدلمونيَّة" ليبدأها الفنان بمُقدمة تثقيفية بشأن أبرز الرموز المُتداولة في تلك الحُقبة الزمنيَّة وعلى رأسها الرمز الذي يُمثل معنى "الألوهيَّة" أو"القداسة"؛ لا سيما وأن مُعظم الكتابات المكتشفة من آثار تلك اللغة تم اكتشافها في المعابد العتيقة بعد تنقيب بعثة الآثار الدنماركية بين عامي 1952م – 1961م.

جمعية تاريخ وآثار البحرين
مُحاضرة فلسفة الوعي في رمزية النقوش الدلمونية

وتلا المقدمة تدريب المُشاركين على حفر تلك الرموز فوق قرص من الطين الفخاري، ولم يُغفل البحث والفنان الإشارة إلى الفرق بين نمط الكتابة باللغة المسمارية المعروفة وقتها في أرض وادي الرافدين والكتابة المعروفة في أرض دِلمون خلال المرحلة الزمنية ذاتها؛ فرغم التزام نمطي الكتابة بالسطور المُنتظمة للحروف؛ إلا أن حضارة وادي الرافدين التزمت مسار الخطوط الأفقية في الكتابة، بينما حضارة دِلمون اختارت الخطوط العموديَّة.

اختُتمت الفعاليات بمُحاضرةٍ عنوانها: "فلسفة الوعي في رمزيَّة النقوش الدِّلمونيَّة"؛ تحدث فيها الباحِث/ محمود البقلاوة عن المعاني الكامنة وراء بعض تلك الرموز، واستخداماتها، وفئات المُجتمع التي استخدمتها، وكيف أنها كانت رموزًا عملية اتصاليَّة محليَّة خاصَّة بحدود تلك المنطقة، على عكس رموز الكتابة المسمارية الرافدينية التي انطلقت إلى خارج حدود أرضها لتكون وسيلة مراسلات عالمية دبلوماسية وتجارية، وفي ختام المُحاضرة أُتيحت الفرصة لاستقبال اسئلة المُهتمين من الحاضرين والرد عليها.