رسام تونسي وتجربة

الفنان التشكيلي المنصف بن جامع تسكن الفكرة في ألوانه والأسئلة الحارقة. 
تسليط الضوء على شخوصي أو على الأشياء لاستبطان ما بداخلهم من نزوع و صراعات وأحاسيس
المنصف بن جامع ينطلق من اللوحة كفضاء يناسب الخطوط والتلوينات ليبرز الموضوع

تلتقي تلويناته الفنية ولوحاته من سنوات في أمزجة الكينونة لديه بما يفصح عن قلقه الوجداني والإنساني حيث الذات الحالمة تنشد هناءاتها في عوالم متغيرة تعصف بالأشياء البسيطة والهادئة.
فنان يرتجي شيئا من لطف القيم والوعي في كون عاصف بالعناصر والتفاصيل. نعم؛ هكذا هو. كيف للفنان المسكون بسؤال الذات الإنسانية وشؤونها وشجونها أن يتخير الشكل واللون بعيدا عن القلب وعينه. إنها عين الفنان المبدع وهو يتجول بين العناصر والأشياء والتفاصيل. وهنا لا مجال لغير القول بالانتصار للحالمين والمنكسرين والضحايا. العمل الفني هنا ترجمان سؤال يخرج من أعماق الكائن وهو يواجه تداعيات السقوط والهزيمة ولكنه يظل مشدودا إلى هكذا حلم وأمل وشمس تأتي من هنا وهناك في يوم ما. هي أغنية الخلاص والطمأنينة.
الفنان هنا هو المنصف بن جامع الذي قدم لنا عددا من اللوحات مختلفة الأحجام فيها اشتغال ضمن تقنيات عرف به من خلال أعماله السابقة التي حوتها معارض فردية وجماعية بجهات البلاد.
ينطلق من اللوحة كفضاء يناسب الخطوط والتلوينات ليبرز الموضوع كما أراد له المنصف عنوانا بارزا للقول بالقيمة والإشارة إلى الحال ومنعطفاتها الوجدانية والإنسانية والسوسيولوجية باعتبار المجتمع كفضاء لما يحدث ومجال للإبداع الفني الجمالي. 

fine arts
سؤال الذات الإنسانية 

هكذا وفي هذا السياق مثلا نذكر لوحاته المتعددة التي نجد منها في أعماله "تواصل" و"انعكاس" و"ذكريات" و"امرأة" و"تلاقح الحضارات" و"اللاوعي" و"القدر" و"فرح" و"براءة" و"حب" و"فنطازيا" و"بدوية". 

وبالنظر لهذه التجربة ومجالات عطائها في الحيز التشكيلي التونسي تبرز هذه الأعمال التي يقول عنها بن جامع: ".. أعتمد في أعمالي على تسليط الضوء على شخوصي (أو على الأشياء...) لاستبطان ما بداخلهم من نزوع وصراعات وأحاسيس ومن ثمّ جعلها تطفو على سطح القماشة من خلال الألوان والأشكال بطريقة مدروسة، وهو ما يساهم في خلق الصدمة الحسيّة للمتلقّي لحلحلة المسكوت عنه وللدفع به إلى طرع الأسئلة والتفاعل مع الشكل والمعنى. أضف إلى ذلك أني أعتمد على البناء والتفكيك لبقية العناصر في تداخل جدلي مترابط البعض مع البعض لخلق دينامية الثنائيات مثل اللون والشكل الواعي واللاوعي الألوان الحارة والألوان الباردة الجمال والقبح".
رسام وتجربة حيث الرحلة في العبارة ما بين اللون والسؤال وكيف لا والمنصف يمدح أنوار اللون والظلال ويمضي مبتهجا بنشيد البحث والذهاب باتجاه التجدد والابتكار. وهذا مطلوب في الفن والإبداع.
 تجربة في سياق دأب الفنان المنصف بن جامع الذي يمضي في مشهد تشكيلي متحرك ومتعدد بكثير من الرغبة في التجدد والتجديد والابتكار نحتا للسؤال القديم المقيم في الكينونة والمتصل بالإنسان في مواجهة الانكسار والظلم والسقوط.