رضع ونساء بين غرقى من 'الحراقة' التونسيين

السلطات التونسية تفتح تحقيقا في الحادثة، فيما تتواصل الأبحاث لمعرفة العدد الجملي للمهاجرين الذين كانوا على متن القارب.

تونس – تمكّن الأمن التونسي من انتشال 12 جثة وانقاذ 29 آخرين بينهم نساء ورضع بعد أن غرق المركب الذي كان يقلهم قبالة سواحل جربة التونسية باتجاه السواحل الأوروبية، فيما تكثف السلطات التونسية جهودها لكبح تدفق المهاجرين من التونسيين أو من دول افريقيا جنوب الصحراء.

وأوضح المتحدث باسم محكمة محافظة (ولاية) مدنين فتحي البكوش أن الضحايا هم "خمسة رجال وثلاثة رضع وأربع نساء"، مشيرا الى أنه تم فتح بحث تحقيقي في الحادثة، فيما لا تزال الأبحاث جارية لمعرفة العدد الجملي للمهاجرين الذين كانوا على متن القارب وانطلقوا من جزيرة جربة.

من جانبه أكد خفر السواحل في بيان الاثنين أنه "تمّ صباح اليوم إشعار وحدات الحرس البحري بجربة بخروج أربعة أشخاص من البحر كانوا قد أبحروا خلسة وفور تلقي الإشعار تحوّلت الفرق المعنية على عين المكان لتقديم المساعدة اللازمة حيث تبين أنه حادث غرق لمركب بحري كان يقل مجموعة من الأشخاص من التونسيين والأجانب".

وقال المرصد التونسي لحقوق الانسان إن المهاجرين على متن المركب هم تونسيون واثنان يحملان الجنسية المغربية.

وتنامت ظاهرة الحرقة (الهجرة السرية في اللهجة التونسية) في صفوف النساء التونسيات والعائلات بشكل ملفت للانتباه خلال السنوات الأخيرة والتحقن بالمغامرة التي طالما اقتصرت على الرجال. وتصاعد عددهن من سنة الى أخرى حيث يشير تقرير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الى هجرة 1212 امرأة من مجموع حوالي 17 ألف مهاجرغير نظامي و500 عائلة. مما أصبح يشكل حرجا للسلطة التي تكابد في مواجهة أزمة مالية وتنامي الهجرة غير الشرعية.

وأوضح التقرير ذاته أن ارتفاع هجرة العنصر النسائي بصفة فردية أو في إطار عائلي رفقة الأسرة بطريقة غير نظامية في اتجاه السواحل الإيطالية يعود الى أسباب اقتصادية واجتماعية وهو ما يمثل تحولا في المجتمع التونسي ونظرته الى ظاهرة "الحرقة" خاصة أن هذا العنصر كان يرفض الهجرة بطريقة غير نظامية بل ويعملن من اجل منع افراد أسرهن من الهجرة والمخاطرة.

وتعد تونس التي تبعد بنحو 150 كلم عن السواحل الإيطالية، إلى جانب الجارة ليبيا، نقطة الانطلاق الرئيسية في شمال إفريقيا للمهاجرين الساعين لعبور البحر الأبيض المتوسط. وفي أحدث كارثة غرق كان خفر السواحل التونسيونقد انتشل الأربعاء جثث 13 مهاجرا من جنسيات افريقيا جنوب الصحراء قبالة السواحل الشرقية للبلاد التونسية.

وخلال عام 2023 احتل التونسيون المرتبة الثانية على صعيد المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى سواحل إيطاليا (17304 شخصا)، وفق إحصاءات رسمية إيطالية.

وكشفت وزارة الداخلية التونسية عن غرق 103 قوارب هجرة منذ مطلع العام حتى منتصف مايو/آيار، فيما قال الحرس الوطني التونسي إنه اعترض أو أنقذ 21545 مهاجرا خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام، بزيادة تناهز 22.5 بالمئة على أساس سنوي.

كما قضى وفُقد أكثر من 1300 مهاجر عام 2023 في غرق قوارب قبالة الساحل التونسي، وفق المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وتواجه السلطات التونسية أزمة الهجرة غير النظامية المتفاقمة والتي تشمل تونسيين وأجانب من دول جنوب الصحراء، حيث تشهد البلاد تدفقا غير مسبوق للمهاجرين الأفارقة القادمين بحثا عن نقاط عبور إلى الدول الأوروبية بحثا عن مستقبل أفضل هناك.

وخلال العشر سنوات الماضية، لقي أكثر من ثلاثين ألف مهاجر حتفهم في البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك أكثر من ثلاثة الاف شخص العام الماضي، وفق آخر الأرقام الصادرة عن المنظمة الدولية للهجرة. 

ووقعت تونس والاتحاد الأوروبي في يوليو/تموز الماضي اتفاقية شراكة استراتيجية تهدف إلى مكافحة الهجرة إثر لقاء الوفد الأوروبي المكوّن من رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ونظيرها الهولندي مارك روته مع الرئيس التونسي قيس سعيد.

وتتضمن اتفاقيات بشأن تعطيل نموذج عمل مهربي البشر والمتاجرين بهم وتعزيز مراقبة الحدود وتحسين إجراءات التسجيل والعودة وجميع التدابير الأساسية لتعزيز جهود وقف الهجرة غير النظامية مقابل دعم بنحو 900 مليون اورو يتم ضخ جزء منها في الميزانية.