رفيقة حواس .. ثلاثة عقود مع الفن والمعارض

تجربة انطلقت منذ منتصف الثمانينيات بكثير من الدأب والحرص والاجتهاد تقصدا لما تمنحه الألوان من ممكنات جمال وبهاء وطمأنينة.
الفن يسمو ليعلو بالذوات في حلها وترحالها لأجل حلم جميل 
أعمال متعددة بين الزيتي والحفر والتقنية المزدوجة والإعداد لمعرض فردي وكتاب فني

من تلك البقاع العميقة بشواسع الذات تبرز الفكرة الملونة في تجلياتها متعددة الأشكال والتفاصيل والرؤى. إنها لعبة الحلم الدفين يأخذ الكائن إلى مكامن الدهشة والنشيد. إنه النشيد العالي حيث المتعة المحفوفة بالكلمات تنحت هبوبها العالي مثل نسائم ناعمة تنشد الغناء والقول بالهشاشة؛ هشاشة الكائن وهو يخط شيئا من السيرة؛ سيرته تجاه عوالم الآخرين. من الذات يقف تجاه العناصر والتفاصيل يسائلها وفي قلبه شيء من كون مربك وأحوال متداعية .. وهكذا.
إنه الفنان الحالم الواقف قبالة أكوان ترتجي جمال حالاتها ولا تلوي على غير السفر الطويل في الأمكنة. وهل ثمة أمكنة غير زوايا القلب.
من هنا نمضي مع تجربة انطلقت منذ منتصف الثمانينيات بكثير من الدأب والحرص والاجتهاد تقصدا لما تمنحه الألوان من ممكنات جمال وبهاء وطمأنينة وإرباك وتعبيرات شتى لمواجهة السقوط المدوي والتداعي الإنساني المحفوف بالحسرة والألم. إنه الفن يسمو ليعلو بالذوات في حلها وترحالها لأجل حلم جميل. الفن هنا بما هو حلم الكينونة.
نعني هنا تجربة الفنانة التشكيلية رفيقة حواس التي عملت منذ البدايات على لغة التلوين تحاولها وتحاورها نحتا للقيمة وتأصيلا للكيان.
أقامت العديد من المعارض والفعاليات الثقافية ومن معارضها الفردية والجماعية كذالك برزت لوحاتها الزيتية وغيرها في التقنية المزدوجة وفن الحفر، حيث عانقت الأبواب في سكونها وجمالها والقصور والوجوه والمرأة، وفي مواضيع متعددة انسابت كذلك لغة تجريدية ملونة بأحاسيسها وهي ترتجي القول بالرسم كعنوان من عناوين حياتها وانشغالاتها واهتماماتها المتنوعة. في  لوحاتها تخير حسب نظرتها الخاصة التي تشمل عدة أبعاد من أهمها: التحديث والولوج بأسلوب خاص لتشكيل عناصر اللوحة سواء كان الموضوع تشخيصيا ام تجريديا.
في هذا السياق من عملها المتواصل للإعداد لمعرضها الخاص المرفوق بكاتالوغ فني بعد مسيرة أكثر من ثلاثة عقود وعن تجربتها ورؤيتها الفنية تقول: "بالنسبة لرؤيتي الفنية، عملت أثناء مسيرتي الطويلة لأكثر من ثلاثين سنة على أن أتوخى بأسلوبي الخاص وطريقتي الشخصية ودون اتباع أي كان (بعد ما اكتسبته من التعليم الأكاديمي واطلاعي) عدم تقليد أو مجرد الاحتذاء بغيري من التجارب. فقد كانت أعمالي منذ البداية تحمل تفردا. 
أهم ما تطرقت إليه هو تنظيم وتشكيل فضاء لوحاتي حسب نظرتي الخاصة التي تشمل عدة أبعاد من أهمها: التحديث والولوج بأسلوب خاص لتشكيل عناصر اللوحة سواء كان الموضوع تشخيصيا أو تجريديا، المهم لدي هو الإبحار في لوحاتي والخروج بحصيلة إبداعية تشكيلية جديدة من حيث التكوين والبناء واتساق كل عناصر اللوحة والتقنية كذلك. من ذلك ما أوليه من اهتمام للأداة أيضا، فأنا في الأصل أعمل ضمن اختصاص الحفر الفني (gravure) منذ دراستي العليا بالفنون الجميلة، لذا تراني لا أروم الفرشاة كثيرا بل أحبذ العمل ببعض الأدوات الحادة كالسكين والملعقة (couteaux et spatules). كذلك الرسم بالألوان مباشرة من العلب. كما أريد أن أشير إلى أن أعمالي التشخيصية منذ البداية أخذت منحاها التجريدي، أي أنني لم أصور الواقع كما هو ولم أحاكِه إلا في بعض (المائيات - les aquarelles) في بعض أعمالي الأولى. "

fine arts
حيز من التجربة ودأب إبداعي وفني وثقافي متواصل 

وبعدها سرعان ما جاءت مبسطة ومختزلة وسارت نحو التجريد، ثم أصبحت مجردة تماما في لوحات أخرى". 
وتضيف قائلة بخصوص أعمالها: "فيها التنوع والكثرة مع تواصل الإنتاج دونما انقطاع لأن الفن لدي هو عالمي الخاص بدونه أشعر وكان الحياة تستحيل! فالرسم والتصوير يمثلان المتعة والعذاب اللذيذ الذي تتسم به حياتي الخاصة في علاقتها مع الفن التشكيلي. فالفنان كما تعلم هو خليط من الأحاسيس والمشاعر التي تجعله لا يهدأ إلا حين يحولها إلى  إبداع! قدره المخاض المتواصل مع كل عمل ولوحة".
هكذا هي الفكرة الفنية والإبداعية للفنانة التشكيلية رفيقة حواس الحاصلة على الأستاذية في تعليم الفنون التشكيلية - دورة يونيو/حزيران 1987 من المعهد الأعلى للفنون والهندسة المعمارية ضمن  ثقافة واتصال، وفي اختصاص الحفر الفني المهنة وتعمل كأستاذة تعليم ثانوي. وبالتوازي مع التدريس اهتمت بالإنتاج الخاص في أعمال كثيرة ومتنوعة. وقدمت عدة معارض فردية وجماعية. ومن معارضها نذكر المعرض الجماعي بقاعة الفنون "الشريف" سيدي بوسعيد 1986  والمعرض الفردي بقاعة المعارض بدار الثقافة حمام سوسة 1991  والمعرض في عيد المرأة الوطني بالقنطاوي سوسة اوت 1993 -  وكذلك المشاركة في معرض الفنانين التشكيليين الشبان بتونس. ومعرض جماعي لسبعة فنانين بقاعة حضرموت سوسة أبريل/نيسان 2012 والمشاركة في الملتقى العالمي للفن التشكيلي بدار الزيتونة سيدي بوعلي سوسة مارس/آذار 2017 إلى جانب عروض ومناسبات ثقافية متفرقة أخرى. 
حيز من التجربة ودأب إبداعي وفني وثقافي متواصل مع الاستعداد خلال هذه الفترة لإنجاز معرض خاص وكتاب فني (كاتالوغ) لحيز من القيمة الفنية. فنانة وتجربة وحوار فني مفتوح على الحالات والأشياء والعناصر، وعلى الأكوان.