روابط الصين مع الحوثيين طوق نجاة للسفن لتجنب الهجمات

الحوثيون يجرون مناورة عسكرية بمحافظة صعدة القريبة من السعودية تشمل إطلاق النار الحي بالدبابات والمدفعية واستخدام الطائرات بدون طيار ضد أهداف تحمل علم إسرائيل.
الصين ستعاني كثيرا إذا تم غلق البحر الأحمر
سفن تؤكد وجود طاقم صيني على متنها أو شيء مشابه لتتجنب الضربات
الهجمات الجوية الخيار السئ المحتمل الوحيد للضغط على الحوثيين

صنعاء - لجأت عدة سفن أجنبية إلى الإعلان عن روابط لها مع الصين لتجنب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، حيث تلعب الصين دورا بارزا في التقارب مع جميع الأطراف في المنطقة والتوسط في عملية السلام في اليمن، وتعتبر طرفا مقبولا من قبل الحوثيين وإيران.

وذكرت وكالة "بلومبيرغ". أن ما لا يقل عن 5 سفن تعبر الممر المائي المهم تحمل إشارات تدل على صلاتها ببكين، وذلك ضمن أحدث إجراء غريب أو استثنائي، تم اتخاذه لمحاولة تجنب تلك الهجمات.

كما بدأت السفن تؤكد وجود "طاقم صيني" على متنها أو شيء مشابه من ذلك كي تتجنب الضربات، في إشارة إلى أن الحوثيين لا يستهدفون السفن الصينية. ويوجد اثنتان من السفن حاليًا في البحر الأحمر، بينما أبحرت اثنتان في الممر المائي المحفوف بالمخاطر إلى آسيا. ويبدو أن سفينة خامسة تتجه نحو خليج عدن.

الحوثيون أكثر دهاءً وجاهزية وتجهيزا بالمعدات مما يدرك الكثير من المعلقين الغربيين ولديهم خبرة كبيرة في شن حرب بعد سنوات من الصراع.

وقالت الصين الجمعة، إنها قلقة إزاء تصاعد التوترات في البحر الأحمر، ودعت إلى ضبط النفس في أعقاب الضربات العسكرية الأميركية -البريطانية المشتركة على أهداف الحوثيين في اليمن.

وفي مؤتمر صحفي، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، إن بكين "تدعو جميع الأطراف المعنية إلى التزام الهدوء وممارسة ضبط النفس، لمنع الصراع من التوسع". وأضافت "نحن مستعدون للتواصل مع جميع الأطراف وتهدئة التوترات من أجل الحفاظ بشكل مشترك على أمن الممر المائي الدولي".

وكانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وثمان دول أخرى أصدرت بيانا مشتركا الجمعة، بشأن الضربات ضد أهداف الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.

وجاءت الضربات الأمريكية- البريطانية المشتركة بعد أن وافق مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، الأربعاء، على قرار يطالب الحوثيين بوقف هجماتهم "السافرة" على السفن التجارية في البحر الأحمر الحيوي تجاريا. وكانت الصين وروسيا من بين الدول الأربع التي امتنعت عن التصويت على القرار. ووصفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الهجمات بأنها “رسالة واضحة “مفادها أن الولايات المتحدة لن “تسمح لعناصر معادية بتعريض حرية الملاحة للخطر في البحر الأحمر . كما وصف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الهجمات بأنها “إجراء محدود وضروري ومتناسب للدفاع عن النفس”.

وعلق فارع المسلمي المؤسس المشارك، والرئيس السابق لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، والزميل غير المقيم في معهد تشاتام هاوس البريطاني (المعهد الملكي للشؤون الدولية) ، في تقرير نشره المعهد إن الهجمات الجوية تأتي بعدما تجاهل الحوثيون دعوات لإنهاء هجماتهم بما في ذلك رسالة رسمية خاصة تم تسليمها لقيادة جماعتهم من جانب المملكة المتحدة نيابة عن المجتمع الدولي (وفقا للعديد من كبار القادة الحوثيين).

وأضاف المسلمي ، أنه من المفترض أن تكون الهجمات الجوية الأميركية البريطانية الخيار السئ المحتمل الوحيد للضغط على الحوثيين لحملهم على إنهاء نشاطهم العدائي.

قيادة الحوثي تقدر أن أي هجوم غربي على اليمن لن يؤدي إلا إلى زيادة الدعم المحلي والإقليمي لممارساتها.

ولكنه يرى أن هذه الضربات رمزية إلى حد كبير وتأتي في الغالب استجابة للضغط من لاعبين محليين وشركات الشحن ومصالح أخرى شهدت ارتفاع التكاليف جراء هجمات الحوثيين خلال الشهور الماضية . وأعربت شركة شحن واحدة بالفعل عن موافقتها على العملية. وتدور التساؤلات حول التأثير الفعلي لهذه الضربات الجوية على عمليات الحوثيين وكيف سوف يرد الحوثيون وما هو التأثير الأوسع نطاقا لهذه الأحداث على المنطقة ؟

ويقول المسلمي إنه من غير المرجح بدرجة كبيرة أن يكون لهذه الهجمات الجوية تأثير كبير على القدرات العسكرية للحوثيين وبصفة خاصة عملياتهم البحرية. فهو يرى أن الحوثيين أكثر دهاءً وجاهزية وتجهيزا بالمعدات مما يدرك الكثير من المعلقين الغربيين، وأن لديهم خبرة كبيرة في شن حرب بعد سنوات من صراع وحشي، تضمن مواجهة مباشرة مع السعودية وبعد تلقي كثير من الدعم وبناء القدرات من جانب إيران على مر السنين.

وأجرى الحوثيون السبت، مناورة عسكرية بمحافظة صعدة القريبة من الحدود السعودية، حسبما ذكرت وسائل إعلام تابعة للجماعة اليمنية المدعومة من إيران. وشملت التدريبات العسكرية إطلاق النار الحي بالدبابات والمدفعية، واستخدام الطائرات بدون طيار، وأسلحة أخرى ضد أهداف تحمل علم إسرائيل".

وقالت القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" عبر حسابها في منصة "إكس"، السبت، إن القوات الأميركية شنت "غارة جوية على موقع رادار تابع للحوثيين في اليمن".وأعلنت أن الضربة نفذتها سفينة "يو إس إس كارني" باستخدام صواريخ توماهوك، مشيرة إلى أن هذه الضربة متابعة "لهدف عسكري محدد مرتبط بالضربات التي تم شنها الجمعة".

ويعلم الحوثيون أن الدعم الدولي للضربات الأميركية والبريطانية ضئيل. ووفر قرار مجلس الأمن الأخير الذي يدعو الحوثيين إلى وقف هجماتهم، الغطاء الدولي للهجمات الجوية رغم أن القرار لم يؤيد عملا عسكريا على وجه الخصوص.

ولكن من الواضح أن دولا كبرى أخرى لم تكن مهتمة بالمشاركة في هذه العمليات العسكرية بقيادة الولايات المتحدة. كما تنأى دول إقليمية بنفسها عن مثل هذه العمليات، خشية ما قد يثار سياسيا عن مهاجمة جماعة صورت أنشطتها في البحر الأحمر على أنها تأتي تضامنا مع الفلسطينيين.

وبغض النظر عن ذلك، يعد أي موقف مناهض لإسرائيل والولايات المتحدة عاملا أساسيا بالنسبة لأيديولوجية جماعة الحوثي، وأن قيادتها قد قدرت على نحو صحيح أن أي هجوم غربي على اليمن لن يؤدي إلا إلى زيادة الدعم المحلي والإقليمي لجهودها. وبالتالي لن تدفع هذه الهجمات الحوثيين يإلى وقف أو خفض هجماتهم التي من غير المحتمل أن تتوقف طالما استمرت حرب غزة.

ولكن على النقيض سوف يكون للهجمات على اليمن تاثير عكسي حيث سوف تؤدي إلى حملة أوسع نطاقا من جانب الحوثيين . وسوف تشمل هذه الحملة شن هجمات على منشآت أميركية وبريطانية في شبه الجزيرة العربية والبنية التحتية النفطية ،باستخدام تكنولوجيا الصواريخ والأسلحة التي كشف عنها بالفعل الحوثيون من خلال هجماتهم على إسرائيل.

وأوضح المسلمي أن الشئ الوحيد الذي سوف تحققه الضربات الجوية هو إطالة الحروب الأهلية المدمرة التي يشنها الحوثيون ومد نطاقها إقليميا ودوليا وتوسيع رقعة الصراع وجعل جهود الأمم المتحدة التي طال انتظارها لاستئناف عملية سلام أمرا مستحيلا بالفعل . وسوف تتمخض الهجمات الجوية أيضا عن تأثير سلبي كبير على الأمن الغذائي والنقل في اليمن وهو موقف يشكل كابوسا بالفعل عقب تداعيات جائحة كورونا والحرب الأوكرانية والحروب اليمنية نفسها.

ومن المؤكد أنه لن تكون هناك دعوة داخل اليمن للحوثيين بالتراجع فالهجمات الجوية والقوة بشكل عام لا تحدث فرقا في هذا البلد حيث الأوضاع معقدة للغاية . وفي اليمن على نحو ربما أكثر من العراق هناك شعور قوي ضد التدخل الخارجي.

وليس من الواضح ما إذا كانت إيران قامت بدور مباشر ومدى ذلك في التحريض على أنشطة الحوثيين التي لم تكن لتتطلب أي تشجيع من طهران. وكان الإيرانيون قانعين بمراقبة التطورات من بعيد ، ونفوا أي تورط مباشر ولكنهم يوافقون على تهديد مصالح الولايات المتحدة ومكانتها.

وسوف تعاني الصين كثيرا بالفعل إذا تم غلق البحر الأحمر رغم أنها تكون سعيدة من الناحية النظرية وهى ترى الغرب يقحم نفسه في صراع إقليمي دموي آخر. وسوف تشهد أيضا دول عربية مثل مصر تأثيرات سلبية ، ولكن أيا منها لا يمكنها الوقوف ضد الحوثيين ، حيث تخاطر بالنظر إليها على أنها تصطف مع إسرائيل والغرب.

وعقب الهجمات الحوثية المتصاعدة ، شعرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بأنهما في حاجة لاستعراض القوة لأسباب داخلية أكثر من أي شئ آخر. وللأسف كان ذلك بالضبط ما كان يريده الحوثيون وكانوا مستعدين له.

واختتم المسلمي تقريره بالقول إن ما سيحدث بعد ذلك أمر لا يمكن التكهن به ، ومحفوف بالمخاطر بالنسبة للمنطقة والعالم . وهذا أمر كارثي على اليمن واليمنيين الذين عانوا كثيرا بالفعل في العقد الماضي .