روناك عزيز: الغربة ساعدتني كثيراً لأجد نفسي
حسين كري بري
جفل الهاجس وغاص في بحر اللون من العمقِ، والعمقُ يملؤه الإصفرار الذي يطفو على تلك المساحة البيضاء، تمنحنا الكثير من التأمل والراحة النفسية، مثل شخص تضربه قشعريرة حينما يتلامس جسده شتاءً أشعة الشمس، هكذا تقلبت مشاعري حين تأملت ضربات فرشاة تنطق.
في الساحة التشكيلية الكردية ولدتْ فنانة ترسم بعفوية دون التقييد بأي أسلوب تابع لمدارس الفن، إنها كالطائر تحلق في سماء الفن وتغرد ألوان شغفها حباً للحياة الفنية. والرسم عندها عشق وإيمان لا حدود له.
إنها روناك عزيز فنانة تشكيلية وشاعرة كردية عراقية مقيمة في السويد، خريجة الفنون الجميلة في بغداد، قسم الفنون التشكيلية عام 2000، هاجرت إلى السويد عام 2011.
روناك عزيز تمتلك مسيرة فنية واسعة وقبل أكثر من عقدين أقامت ستة معارض شخصية في بغداد ما بين السنوات التالية 1995 – 2001. إضافة إلى العديد من المشاركات المشتركة في العراق. كانت عضوا في نقابة الفنانين العراقيين وجمعية التشكيليين العراقيين وجمعية الفنون البصرية المعاصرة. عملت مدرسة للفن في كركوك في السنوات ما بين 2005 – 2101، ومنذ عام 2013 أقامت معارض كثيرة في مختلف مدن السويد تتجاوز 25 معرضاً فردياً، بالإضافة إلى العديد من الأمسيات الشعرية خلال السنوات 2013 0 2019. فضلا عن والمعارض في مختلف دول أوروبا. حازت على المركز الرابع مع شهادة تقدير أثناء مشاركتها في سمبوزيوم فيينا الدولي الأول المقام في النمسا عام 2016.
حصلت على شهادتي تقدير عن مشاركتها في الملتقى الدولي لفناني القصبة باريس 2017 وشهادة تقدير في سمبوزيوم نورنبيرغ عام 2018.
أقامت سلسلة معارض عام 2018 خلال تواجدها في أتيليه كوليكت في كونست ابدمين في مدينة يوتوبوري. وفي كاليري مندال عام 2019 معرض فردي، ولها مشاركة في معرض ستوكهولم 2019 ومشاركة مع فنانين القصبة في مدينة كومو الإيطالية 2019.

في الحديث عن الأزرق والأخضر تقول عزيز: أحب كل الألوان ولكنني أتخذ من فترة لأخرى من لون معين رداء المحبة. معادلة لونية فيها الكثير من الصفاء وحياة تنمو بداخل الفنانة. أما الأصفر فيساوي خصلات شمس تبعث للنفس الروح وتعشش فيها، وتعود لتقول لنا من خلال معظم لوحاتها التي تغلبها الطابع اللوني الأصفر: الأصفر لون الحقيقة بالنسبة لي.
يذكر أن روناك مغتربة حتى عندما كانت في الوطن، حيث انتقلت من كوردستان إلى بغداد، الغربة قدر عاشته بسبب طبيعة القدر. تقول: الغربة ساعدتني كثيراً لأجد نفسي، ولكنني أجد هويتي الكوردية في فني وشعري.
وتضيف: الفن جائِحَة حقيقية ليس من السهولة أن تكون فناناً تشكيلياً والابداع باختصار محنة لايعرفها سوى الفنان الحقيقي. وتؤكد أن السبيل إلى الفن يحتاج إلى ما هو أبعد من الصبر وطاقة مهنية مستمرة وإصرار على تنمية ما يملكه الشخص من الموهبة.
الفنانة روناك حدثتنا عن أن "الفن في الغرب" مختلف تماماُ بالنسبة للفن في الوطن. وكلما حاولت إخفاء الأنثى من على سطح اللوحة تظهر من جديد لتطرق باب القلب.
تقول عزيز: هناك تياران الآن – تيار الفن الكلاسيكي حيث العودة إلى الواقعية المفرطة – تيار الفن ما بعد الحداثة "التي يتخذ من القمامة والمخلفات اليومية مفردات للعمل الفني".
تضيف: هناك أيضا الفن المفاهيمي والفن الذي يجعلك تحلق إلى عوالم أخرى دون استخدام اللون، الغرب تجاوز الفن الكلاسيكي، وأصبح الصوت والصورة والتكنولوجية محل الألوان، والمرأة هي الحياة، هي الأساس، هي النبض والإحساس فكلما حاولت إخفاء الأنثى من على سطح اللوحة تظهر من جديد لتطرق باب القلب.
أحاول جاهدة أن أرسم الحب فإنني عاشقة للحياة رغم كل الآلام وكل الجروح غدرتني. رئيت: الأنثى في شخصيات روناك تلعب دورا كبيرا على الصعيد الحياتي، لدى كل شخصية قصة عاشت معها سواء من حيث الفكر أو النظر أو من خلال ما تسمعه من وسائل التواصل الاجتماعي، روناك حدثتنا عن ما تتعرض الأنثى لها في حياتنا من اضطهاد واغتصاب وعنف وسرقة حقها في أن تعيش بكرامة.
وتختتم حوارها معي بقولها: أصابعي تغطيها الألوان حتى فرشاتي الناعمة.
أنظر إليها وأبتسم.