
زلزال فبراير يهز ثقة الناخبين في المناطق المنكوبة في أردوغان
أنقرة - من المنتظر ان يكون للزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في 6 فبراير/شباط الماضي ستكون له الكثير من التداعيات السلبية على حزب العدالة والتنمية التركي والرئيس رجب طيب اردوغان خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في مايو/ايار المقبل حيث تشير تقديرات ان حكام تركيا خسروا كثيرا من شعبيتهم في المناطق المتضررة بسبب سوء تسييير الازمة.
وكان من الممكن أن يعتمد أردوغان على دعم الناخبين القوي في تشيغدم تيب وقرى وبلدات أخرى في جنوب شرق البلاد في الماضي، لكن الزلزال المدمر وبطء عمليات الإنقاذ ألقى بالضبابية على الدعم الذي كان مخلصا له ذات يوم.
وهناك دلائل على أن حزب أردوغان، العدالة والتنمية، يدرك بشكل متزايد أنه لا يمكن أن يضمن الأصوات التي كانت مؤيدة له سابقا، إذ يتحدث مسؤولون عن تسريع خطط إعادة البناء قبل الانتخابات المقررة في مايو أيار، والتي قد تكون الأصعب خلال أكثر من عقدين لأردوغان في السلطة.
وقال سائق شاحنة في تشيغدم تيب الواقعة في إقليم كهرمان مرعش الذي دمر الزلزال مراكز حضرية فيه بأكملها "هذه القرية بأكملها صوتت لصالح حزب العدالة والتنمية حتى ولو لم يعرف أي أحد السبب".
وأضاف "الزلزال غير رأينا بالتأكيد لأن أول فرق الاستجابة والخيام تأخرت كثيرا في الوصول".
الزلزال غير رأينا بالتأكيد لأن أول فرق الاستجابة والخيام تأخرت كثيرا في الوصول
ومن الصعب تحديد حجم التحدي الذي يواجهه أردوغان نظرا لنقص استطلاعات الرأي في المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، ترددت المعارضة قبل الاتفاق أخيرا على مرشح لمواجهة أردوغان، مما أثار قلق الناخبين، بينما يقول خبراء إن المتضررين من الزلزال يمكن أن يغيروا رأيهم بسرعة.
لكن مقابلات أجرتها وسائل اعلام دولية مع قرابة 30 من السكان في الأسبوع المنصرم في كهرمان مرعش وأديامان وغازي عنتاب، وهي أقاليم تنتشر فيها الخيام البيضاء وسط المباني المتضررة أو المنهارة، تشير إلى تحول في الولاء حتى بين من كانوا ذات يوم متعصبين في تأييدهم لأردوغان.
وقال طالب في ريف كهرمان مرعش، والذي كغيره من السكان أحجم عن الكشف عن اسمه "تغير رأيي تماما... كنا نؤيد حزب العدالة والتنمية بشدة هنا ولكن هذا الزلزال غير كل شيء بالنسبة لنا. هؤلاء لا يعرفون ماذا يفعلون".
ودمرت الكارثة، الأكثر فتكا في تاريخ تركيا الحديث، مدنا وبلدات وأودت بحياة عشرات الآلاف قبل شهر معظمهم في معقل لمحافظين كان يدعمون بقوة أردوغان وحزب العدالة والتنمية على مدى عقدين.
وعلى الرغم من أنهم يشكلون عينة صغيرة جدا من 14 مليونا تضرروا من الزلزال في جنوب شرق تركيا، فإن آراء من أجريت المقابلات معهم تلقي الضوء على مدى تأثير هؤلاء الناخبين، الذين يمثل أبناء الريف والطبقة العاملة أغلبيتهم، على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
واستاء كثيرون من سياسات حزب العدالة والتنمية المتساهلة على مدى سنوات فيما يتعلق بالبناء والتي سمحت بتشييد مبان سكنية تصل إلى ثمانية طوابق ودمرت الهزات الأرضية الآلاف منها.
وانزعج البعض بسبب ما اعتبروها بيانات متبلدة الشعور لقادة سياسيين من بينهم أردوغان، الذي طلب الصفح الأسبوع الماضي عن الاستجابة للزلزال التي كان يمكن أن تكون أسرع، بينما سخر آخرون من خطة الحكومة لإعادة بناء المنطقة في عام واحد فقط.
لكن الناخبين وجدوا صعوبة أيضا في تخيل التصويت لأحزاب المعارضة ومرشحها كمال كليشيدار أوغلو
وحكم حزب العدالة والتنمية تركيا دون تحد انتخابي فعلي يذكر منذ عام 2002، وقالت مصادر مطلعة في الحزب إنهم على دراية بالغضب السائد بين قاعدة الناخبين في جنوب شرق البلاد لكنهم واثقون من النصر وسط تسريع جهود إعادة البناء وارتباك المعارضة.
وقال أحد المسؤولين في الحزب إنه سيتم تحويل تركيز السكان إلى جهود إعادة البناء والتأكيد على أنه لا أحد سوى أردوغان يمكنه فعل ذلك بسرعة. وقال مسؤول آخر إن الحزب سوف يستعرض إعادة الإعمار في منطقة بها 227 ألفا من المباني إما انهارت أو ستهدم.
وتجنب منظمو الاستطلاعات في الغالب السكان في منطقة الكارثة، بينما خلصت استطلاعات وطنية إلى أن حزب العدالة والتنمية يحتفظ بشعبيته. وتشير استطلاعات إلى منافسة انتخابية محتدمة على الرغم من أزمة تكلفة المعيشة التي عصفت بالأتراك قبل فترة من وقوع الزلزال الذي زاد من الانتقادات للحكومة.

معارضة غير مقنعة
وأعلنت كتلة المعارضة الوسطية أخيرا يوم الاثنين اختيار كليشيدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري منذ عام 2010 مرشحا لها.
وصوتت المنطقة بنسبة 65 بالمئة أو أكثر لصالح حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية في الانتخابات السابقة عام 2018. وقال كثير من السكان إن المعارضة تأخرت في اختيار مرشح وإنهم لن يدعموا سوى مرشح له جذور قومية مثل رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش الذي من المقرر أن يكون أحد نواب كليشيدار أوغلو حال فوزه بالرئاسة.
وسخر أحد تجار مواد البناء في أديامان، وهي مدينة يقطنها 650 ألف نسمة تحولت المنطقة المركزية فيها إلى أرض قاحلة من أنقاض المباني، من فكرة أن يصبح كليشيدار أوغلو رئيسا.
كما قال محاسب شاب في المدينة إنه يعتزم الإدلاء بصوته للمرة الأولى على الإطلاق للمعارضة ولكن فقط إذا كان المرشح "شخصا لا يحظى بالأضواء لكنه فعال مثل ياواش".
وطرح مسؤولون فكرة تأجيل الانتخابات ولكن سرعان ما تم التراجع عنها والمضي قدما في إجرائها في الموعد المحدد في 14 مايو/أيار، وهو قرار يصعب على البعض فهمه.
وقال موظف في قطاع التأمين يدعى محمود "ليس من الحكمة إجراء انتخابات في مايو. الناس متضررة، ما زلنا نتألم".
وروى محمود أنه ظل يسمع أصوات أبناء عمه ليومين من تحت الأنقاض بعد الزلزال قبل أن تنقطع.
وأشار إلى أن طلب أردوغان الصفح لاقى ردود فعل سلبية، مضيفا أنه عادة ما يصوت لحزب الحركة القومية.
وقال "هناك الكثير ممن يريدون التصويت للمعارضة... ويمكنني أنا أيضا ذلك، لكنني لن أصوت لصالح كليشيدار اوغلو لأنه لم يفز في أي انتخابات".