سجال 'عيد الغدير' يذكي الخطاب الطائفي في العراق

السجال الذي انتقل من كواليس السياسة إلى منابر الخطابة في المساجد ينذر بتوسع الخلافات بين السنة والشيعة.

الصدر يحذّر نواب البرلمان: في حال لم تصوتوا على عيد الغدير فسيكون محمد وعلي خصمكم

بغداد - دخل الجدل الذي فجرته المطالبة بإعلان عيد الغدير الذي يحتفل به الشيعة في العراق يوم عطلة رسمية منعطفا خطيرا ينذر باندلاع فتنة طائفية، بعد أن دعت أوساط سنّية إلى إقرار عطلة مماثلة بمناسبة "واقعة السقيفة" وتولي الصحابي عمر بن الخطاب الخلافة، وسط تحذيرات من انقسام الشعب العراقي.

وينذر السجال الذي انتقل من كواليس السياسة إلى منابر الخطابة في المساجد بتوسع الخلافات بين السنة والشيعة في بلد يسعى إلى وضع حدّ للطائفية، فيما حذّر نشطاء من تبعات إثارة الحساسيات وإقحام الدين في السياسة بهدف تعزيز التموقع في المشهد.

ويأتي هذا التطور قبل يوم من انعقاد مجلس نواب العراقي للحسم في المقترح الشيعي الذي يدعو إلى إعلان يوم الغدير عطلة رسمية في كامل البلاد بما فيها المحافظات السنّية التي ترفض الخطوة وتعتبرها مساسا بهويتها الدينية.

وتوجه الصدر للنواب العراقيين بخطاب حذر فيه من أن "من يرفض إقرار عيد الغدير عطلة رسمية سيكون محمد وعلي خصومه".

وقال في كلمة متلفزة "أرفض أن يزاودني أحد على نبذ الطائفية فنحن من ساهم في درء التأجيج الطائفي والمطالبة بعطلة عيد الغدير جاءت تفعيلاً للتعايش السلمي ومن أجل إتمام الدين".

وشارك الآلاف من أنصار التيار الوطني الشيعي، التيار الصدري سابقا، في صلاة الجمعة الموحدة استجابة لدعوة زعيمه مقتدى الصدر الذي وجّه بأن تركز الخطب خلال هذه الفترة على عيد الغدير إلى يوم حلوله في الـ25 من يونيو/حزيران المقبل.

وجدد خطيب صلاة الجمعة الموحّدة للتيار الصدري في بغداد حازم الأعرجي المطالبة بإعلان "عيد الغدير" عطلة رسمية بالعراق، فيما هتف المصلون مرددين عبارة "لبيك ياعليُّ" لدعم مطلب مقتدى الصدر، وفق وكالة "شفق نيوز" الكردية العراقية.

واعتبر أن مشروع عطلة عيد الغدير لم يأت عن فراغ أو من أجل راحة لموظفٍ أو لطالبٍ، قائلا إنه "تعميق لروح الموالاة والنصرة الحقيقية للإسلام"، مضيفا أن "هذا العيد أمرٌ ألهيٌّ إلى رسوله بأن يبلغ بالولاية لأمير المؤمنين وهذا أمر الله لنبيه ونبيه بلغ"، داعيا إلى إنجاح ونصرة مشروع الصدر بأن يكون عيد الغدير عطلة رسمية عراقية".

ووجه مقتدى الصدر اليوم الجمعة في منشور على منصة "إكس" شكره لـ"عشاق الغدير" لمساندتهم دعوته لتشريع قانون عطلة عيد الغدير.

وأعلن مجلس النواب العراقي في 24 أبريل/نيسان الماضي تسلمه مقترح قانون عطلة عيد الغدير من النائب برهان المعموري، وفقا لدعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

وكان زعيم التيار الوطني الشيعي قد أطلق خلال الآونة الأخيرة حملة لإقرار "عيد الغدير" يوم عطلة وطنية، ضمن مساعيه إلى وضع حد لانكفائه السياسي واستعادة زمام المبادرة بعد هزائمه في المواجهة ضد خصومه من القوى الشيعية.

وعلى الجانب الآخر حذر إمام وخطيب جامع أبي حنيفة في بغداد عبدالوهاب السامرائي من إثارة الفتنة الطائفية في البلاد من خلال المطالبة بإعلان عيد الغدير عطلة رسمية، فيما لم يستبعد أن يطالب أهل السنة بعطلة ليوم "سقيفة بني ساعدة وتنصيب عمر بن الخطاب بالخلافة" في حال صوّت البرلمان العراقي على مقترح قانون عطلة "الغدير".

وقال في خطبة اليوم الجمعة "نأمل أن يكون هناك موقف من الحكومة والبرلمان الذي يراد له أن يعقد غدا يحدد هوية البلاد"، داعيا إلى أن الحفاظ على الهوية الوطنية العراقية.

وتابع "سنرفع الصوت عالياً ليسمع العالم الاسلامي، ولتسمع مكة والقاهرة وكل العالم أن العراق إما ان يكون بلدا لكل المواطنين، وإما أن تُحفظ الهويات جميعا ولا تُطمس هوية من الهويات".

وأضاف "لن نقبل، ولن نرضى إما أن تكون هوية لكل العراقيين هوية مواطنة، وأن تُحترم كلُّ الهويات، فيكون عطلة ليوم الغدير وعطلة ليوم السقيفة وعطلة لتنصيب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وليرضى من يرضى وليسخط من يسخط، فديني أهم من المجاملات إذا لم تحترم هويتي".

وأثارت خطوة الصدر انتقادات عديدة من طرف قوى سنية، محذرة من إثارة الحساسيات الطائفية التي من شأنها أن تشعل الفتنة.

وقال حزب السيادة بزعامة السياسي العراقي السني خميس الخنجر في بيان سابق إن "محاولات تشريع أعياد دينية لا تنال الإجماع الوطني بسبب الطبيعة التعددية الاجتماعية والمذهبية والدينية التي يعرف بها العراق تثير المخاوف من تحول النظام السياسي تدريجيا إلى نظام دولة ثيوقراطية دينية بسبب هذه القوانين"، مشددا على أن المقترح يخالف الدستور والقوانين النافذة.

ويسعى الصدر من خلال دعوته إلى إعلان الغدير يوم عطلة رسمية إلى إحراج خصومه من الإطار التنسيقي الذي يضم القوى الشيعية الموالية لإيران، فيما يرى محللون أن زعيم التيار الصدري لن يتمكن من تحقيق هدفه في تمرير مشروع القانون وهو خارج العملية السياسية.

وتشير الروايات الشيعية إلى أن يوم 18 ذي الحجة هو اليوم الذي خطب فيه النبي محمد (ص) وعيّن فيها الإمام علي بن أبي طالب مولى للمسلمين من بعده، ويعتقد الشيعة بأن الرسول قد أعلن عليا خليفة من بعده أثناء عودة المسلمين من حجة الوداع إلى المدينة المنورة في مكان يُسمى بـ"غدير خم".