سليماني يتقدم في العراق

هناك من لا يزال يميل الى إنه لا يمكن لطهران أن تستفرد باختيار الرئاسات العراقية الثلاث و"تأخذ الجمل العراقي بما حمل"!

على الرغم من الذي قيل بشأن حسم مسألة إختيار رئيس مجلس النواب العراقي وتحديد محمد الحلبوسي لهذا المنصب، لكن وكما رأينا فإن العديد من الاوساط أشارت الى إن عملية الاختيار قد جرت وفقا لما أرادته طهران وعمل من أجله قاسم سليماني وايرج مسجدي، وإن أول تصريح أطلقه الحلبوسي رافضا فيه العقوبات الاقتصادية على إيران وإن العراق سيكون دائما الى جانب الشعب الايراني، قد كان بمثابة تأكيد واضح لذلك.

هذا المكسب السياسي الايراني الذي وكما أكدت مصادر مطلعة بأنه كان نتيجة للجهود المكثفة التي قام بها قاسم سليماني، قائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري الايراني، من شأنه أن يفتح شهيته لكي يحقق نفس النتيجة على صعيد منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، في الوقت الذي يتم فيه لمس تراجعا واضحا للدور الاميركي وانكماشا للدور السعودي، ومع هناك من لا يزال يميل الى إنه لا يمكن لطهران أن تستفرد بإختيار الرئاسات الثلاث و"تأخذ الجمل العراقي بما حمل"، وإنه سيكون هناك جهدا واضحا بوجه مساعي سليماني وتابعه السفير الايراني في بغداد ايرج مسجدي.

حالة الذهول في الشارع العراقي لدى إختيار الحلبوسي كرئيس لمجلس النواب، رافقتها أيضا حالة من السخط والغضب من إحتمال إستمرار الاوضاع السابقة بإعتبار إن الوجوه نفسها ستٶدي الادوار الرئيسية وإن طهران ستمسك بخيوط "العرائس العراقية" لتحركهم كما تشاء مصالحها، خصوصا وإن من مصلحة طهران أن يكون هناك حالة من الفوضى وعدم الاستقرار النسبي في العراق لأنها مقبلة على الدفعة الثانية من العقوبات الاميركية الاقسى ويهمها أن تكون البوابة العراقية مفتوحة أمامها والمفاتيح كلها في أياديها.

في خضم هذا الوضع الغريب القائم في العراق، ليس من الغريب أبدا أن تعلق صحيفة اللوموند الفرنسية على الدور المشبوه للنظام الايراني في العراق فتصفه بالوصاية حيث ذكرت حرفيا: "الوضع في العراق باعتباره ’تحت وصاية‘ النظام (الإيراني) ليس جيدا. تشكيل الحكومة الجديدة في بغداد واجه تعثرا طال أمده، مما يعكس المعارضة المتنامية لتدخلات النظام الإيراني في الشؤون الداخلية العراقية حتى بين الشيعه في العراق الذين أضرموا النار في قنصلة الجمهورية الإسلامية في البصرة."، وهذا الكلام لا بد أن يكون له وقعه وتأثيره بعد أن تجاوز الدور الايراني الحدود المسموحة له بكثير.

النظام الايراني وهو يواجه مرحلة صعبة جدا ويمكن وصفها بالمصيرية بالنسبة له خصوصا وهو يواجه رفضا شعبيا عارما قد يشتعل في شكل انتفاضة كبرى لا تبقي على شيء، ولذلك فإنه لا يرغب أبدا بمشاهدة حكومة عراقية ذات ميول وطنية وتعمل من أجل النأي بنفسها عن النفوذ والهيمنة الايرانية، وهي ستسعى جاهدة لانتقاء حكومة عراقية بمواصفات إيرانية محددة ولا يمكن المراهنة على موقف المرجعية الدينية بهذا الصدد. فإيران ومن خلال قاسم سليماني الذي يقوم بعقد صفقات مختلفة مع أطراف عراقية مختلفة ويلعب على الاختلافات ويقوم بتوظيفها لصالح النظام في إيران، ولحد الان يبدو إن سليماني سيتقدم المزيد ما لم يكون هناك من كابح له، وإننا نعتقد بأن الكرة الان في ملعب الشعب العراقي بإعتباره الطرف الوحيد الذي بإمكانه قلب الطاولة على رأس الجميع بمن فيهم قاسم سليماني نفسه!