وداعا لزعامة المكون السني

لم يضع محمد الحلبوسي فرصه في العودة إلى السياسة وحسب، بل شتت السنة وأفقدهم حصتهم المشروعة في السلطة في العراق.

ربما كان محمد الحلبوسي رئيس حزب تقدم ورئيس مجلس النواب الأسبق آخر من دق مسمارا في نعش زعامات المكون السني وودعها الى مثواها الأخير.

حتى محمود المشهداني كانت فترة توليه لرئاسة مجلس النواب في ولايته التي إمتدت من عام 2006 إلى 2009 ربما كانت قد أدت دورها وحفظت مكانة الزعامة للمكون السني في وقتها وهو أي المشهداني شخصية إستطاعت أن تفرض نفسها شئنا أم أبينا.

لكن عودة المشهداني الآن من وجهة نظر محللين سياسيين إن صحت تقارير الأخبار لتولي رئاسة مجلس النواب الحالي فستكون قد أكملت قبر آخر أحلام السنة في زعامة مكونهم كونهم يعدونه الآن من ديناصورات السياسة التي أكل عليها الدهر وشرب.

بل أن المشهداني كما يشير قادة السنة أنفسهم هو مرشح الإطار ومرشح نوري المالكي على وجه التحديد ولا علاقة للمكون السني بترشيحه من قريب أو بعيد.

ومن أوصل مصير المكون السني الى هذا المصير الذي لا يحسد عليه هو الحلبوسي نفسه بعد إن كانت له فرصة أن يبقى "زعيما" لهذا المكون وقد تهيأت له الظروف الممكنة لتحقيق تلك الآمال.

لكن الرجل ضيعها وأضاع زعامة محافظته بجرة قلم إستهدفت أحد أبناء جلدته ولم يحسب لعواقبها الحساب بالرغم من أنه كان رئيسا للجنة المالية البرلمانية في وقت سابق.

ويفترض أن يكون من يتولى شؤون المالية على دراية بكل صغيرة وكبيرة في إدارة شؤون البلد، لا أن يفرط بها في غفلة من الزمان بخطأ ليس له من مبرر على الإطلاق وكان قرار خلعه أشبه بكارثة الكوارث التي نزلت على رؤوس أهل السنة وأصابتهم بصداع مرير.

وأحلام زعامة المكون السني ضيعها الحلبوسي نفسه قبل غيره وبهذا فقدت محافظة الأنبار فرصة أن تبقى علما شامخا ورأسا مرفوعا بعد أن أطاح بها الحلبوسي حتى أبعدته المحكمة الإتحادية بقرار عد مخلا بالشرف مما حرم الحلبوسي من فرصة أن يتقلد اي منصب وظيفي في الدولة حتى ولو "فراشا" في إحدى الدوائر الحكومية وفقا لهذا القرار.

كنت قد أشرت في مقالات سابقة أنه كان من المقرر أن يبني الحلبوسي "جمهورية" في الأنبار تكاد تكون مركزا للقيادة وسلطة القرار وكادت الأنبار تتحول الى قبلة لأنظار الزائرين من رجالات السلطة والقرار لمن يريد منهم أن يحج الى الأنبار للحصول على مكسب أو تمرير قرار مهم يتعلق بمستقبل العراق لكن هذا الحلم تبخر سريعا ولم يحالفه الحظ على كل حال.

وهكذا تلاشت آمال أهل الأنبار في أن تعود لهم المكانة في سلطة القرار بعد أن أوصلهم الحلبوسي الى درجة أنه حرم على أي نائب من الأنبار أن يصعد لرئاسة البرلمان وهو ما عدوه إضاعة لفرصة كبيرة يمكن أن يداوي بها الحلبوسي خطيئته التي إرتكبها وأضاع دم أبناء الأنبار وأضاع مستقبلهم بين القبائل.

حتى الحديث عن التحالفات المستقبلية لأية شخصية من الإطار أو مع زعاماته لم تعد تشكل رقما ذا أهمية تذكر بالنسبة للعلاقة مع رموز المكون السني ولم يعد لأمرهم من مكان في سلطة القرار.

بل لم يعد للمكون السني القدرة على أن يحفظ لنفسه ولو بقايا قرار يمكن أن يعترف به وخاب ظنهم وقد أظلوا طريقهم بعد أن إضطرهم الحلبوسي الى سلوك متاهات طرق لا يعرفون كيف يتخلصون من آثارها لعقود من الزمن وهم يلطمون أقدارهم التي إنحدرت بهم الى مهاو سحيقة ولم تعد لكلمتهم من يقدرها أو يحسب لها الحساب.

حتى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لم يعد يحسب أي حساب للعلاقة مع الحلبوسي وعده شخصية من الماضي وراح يتحالف مع قوى سنية أخرى لدعم حلمه المشروع للوصول الى الولاية الثانية.

وداعا للسنة ولمن منهم يفكر بأن يكون "زعيما" على مكونهم بعد إن فرط بها الحلبوسي وجاءت مرحلة المشهداني لتقضي على آخر حلم لهم بأن يكون لهم مستقبل ما في سلطة القرار بعد الآن.