سنية بن جميع تجمع بين البساطة والعمق في الأسلوب الفني

عوالم الفنانة التشكيلية التونسية حاورت بألوانها الوجوه والأمكنة وغيرها بكثير من الولع الفني والتوهج الجمالي.
وجوه شتى لنساء ورجال في حالات شتى من النظر والانتظار والحنين والدهشة
هدوء لوني يحتفي بموسيقاه العميقة 

الكائن في حله وترحاله. الأمكنة والمشاهد والوجوه. الإنسان في أكوانه وهو يحاول العناصر والأشياء يغريها بالنشيد. يحاول جهاتها المضيئة حيث اللون عنوان لافت والرسم ضرب من التوقيع للقول بالذات في صفائها النادر. كل هذا يشي بالفكرة في عنفوان بهائها تجاه أطفال يثمنون الذاكرة ويحلمون بعالم اسمه علبة تلوين.
إنها البراءة في توهجها تتقصد عباراتها الجمالية حيث الفن عبارة من عبارات الكينونة يرنو من خلالها وبها الفنان إلى مدح الألوان وهي تسرد شيئا من رغباته، من سيرته، من وجدانه في أكوان تشهد هيجان الرداءة والقبح والسقوط المريب.
هي لعبة الفن تجاه حلم الكائن وهو يضيء الأرجاء يلون حالات شتى من الدروب والسبل. يقول بالتشكيل عنوانا وجمالا وتأصيلا للكيان في عبارات شتى يجمعها النظر والتأويل والتأمل. فلا مجال لغير الأمل الملون يطلع من الركام منحوتا يعلي من شؤون الإنسان. يبرز في جمال لوني حالاته المتعددة.
هكذا نمضي مع عوالم فنانة تشكيلية حاورت بألوانها الوجوه والأمكنة وغيرها بكثير من الولع الفني والتوهج الجمالي ديدنها في كل ذلك الكشف والاكتشاف. كشف المشهدية التي تقولها القماشة وهي تحوي وجوها تمدح بهاء حالاتها وهيئاتها. واكتشاف اللغة المبثوثة في العمل الفني حيث البساطة والعمق وهذا هو الفن حيث الاصغاء للعناصر واكتشاف سرها الدفين في هذا العالم المعولم والغارق في ضجيجه.
الفنانة التشكيلية سنية بن جميع، وفي جملة لوحاتها التي تنجزها تأخذنا في هدوء لوني يحتفي بموسيقاه العميقة إلى سفرها هذا وهي تحتفي بالوجوه والبورتريهات والطبيعة الجامدة، والمشاهد حيث المدينة في سحر أقواسها وقبابها وأصواتها التي تلفها لمسات تجريدية حيث ينطبع خلالها ما ضمه باطنها من رؤية وقول ونظر.
وجوه شتى لنساء ورجال في حالات شتى من النظر والانتظار والحنين والدهشة وغيرها من الهيئات التي عملت عليها الفنانة بن جميع على العبارة الفنية وفق وعي جمالي يحاول فضاء اللوحة ويحاوره نشدانا للبهاء وفي إتقان لوني بين وواضح.
تجربة وفق مسيرة تخيرتها سنية بن جميع القائلة بالرسم والتلوين فكرة وحياة وحلما. ألوان حالمة في حقول تعبيرية متعددة واشتغال دؤوب في فضاءات الفن الطافحة بالسحر والشجن والبهاء النادر.

فن تشكيلي
البراءة في توهجها

تخرّجت الفنانة بن جميع من جامعة الفنون الجميلة بتونس (ITAUT) عام 1996 إختصاص Communication visuelle ثمّ أقامت في سويسرا لمدّة 12 سنة. بدأت هناك تعاطي الرّسم بانتظام وكهواية، لمواصلة تكوينها العملي، إضافةً إلى تكوين عامّ ونظري جامعي. كما قامت هناك بتربّص في الرّسم المائي، إذ كان عملها، قبل ذلك، ينحصر في الرّسم الزّيتي. من خلال تدرّب ذّاتي، حاولت تطوير طابعٍ شخصي، يتيح لها التّعبير وبلورة أحاسيسها. بعد رجوعها لتونس من سويسرا سنة 2007، تدرّبت لمدّة 3 سنوات لدى الرساّم التونسيّ أحمد الصّوابني. قبل قدومها لقبرص، سنة 2017 درّست الرّسمَ لمدّة سنتين، في ورشتها بتونس.
أقامت عددا من المعارض الجماعية والفردية الخاصة منها معرض بسويسرا ومعرض في قبرص. ومنذ شهرين، فتحت مرسما ورواقا للعرض في مدينة لارنكا.
هي ترسم وتمضي بالتلوين في عالمها وفق شعار طبع حياتها اليومية والفنٍيّة، هو البساطة لذلك هي تقول "... أحب البساطة في كلٍ شيء وينعكس هذا في أسلوبي الفنٍي وطريقتي في الرّسم، حيث أحاول أن أتخلّص قدر المستطاع من القيود الكلاسيكيّة، وأن أترجم تفاعلاتي وأحاسيسي في اللّوحة. أحبّ الألوان الزّاهية التي توحي بالفرح. للموسيقى تأثير كبير على لوحاتي، فلا أستطيع الرّسم بدون موسيقى. أستمع إلى كلّ الأنماط الموسيقيّة، أفضل الموسيقى الصّامتة من كلّ العالم Musique du monde . مولعة كثيرا بموسيقى أنور براهم، ظافر يوسف، أستمع للموسيقى الإيرانية، الهندية، التركيّة، أحبّ الجاز كثيرا "Jazz" كما أني أعزف على آلة الكمنجة الى حد ما. وفي الوقت الحالي، أحاول التركيز على عملي، أظنّ أنني في مرحلة إنتقال شبيهة بالمخاض، وهي تتطلّب مني الكثير من العمل والجهد. مدرسة تونس مدرسة كبيرة، سي زبيّر التّركي يعتبر قدوتي. السّاحة الفنٍيّة التّونسيّة تعج بالفنّانين الموهوبين...".
هكذا هي الفنانة في هذا الدأب الفني ترى في الفن مجالا لبث البهجة والأمل تتغمد القماشة بشيء من الموسيقى الباذخة لتنجز بالألوان جانبا من أمانيها ورغباتها. الفن عندها حياة أخرى في ثنايا التلوين والسفر.