سنية لخوة تنخرط في لعبة الفن الجميلة

الفنانة التشكيلية التونسية وجدت في الفن ملاذها فغاصت في أعماق التلوين.
عوالم تجريدية تلتقي فيها الألوان لتمتزج بحالاتها الفنانة الوجدانية
الفنانة نهلت من عوالم أمها الفنانة فائزة

درب الفن والتلوين تحديدا مجال سفر وحلم حيث الرغبات الجامحة في جعل العالم علبة تلوين وقول بالإبداع الجمالي في استحقاق الكائن تجاه ذاته والعالم. إنها فسحة الذات في وقوفها أمام المرايا تعكس أحوال الأيام والزمن وما حف بالنفس من شجن وأحزان وآلام. إنه الوقوف ذاته أمام حضرة القماشة في بياضها قبيل الرسم والتلوين لتأثيث اللوحة بما هو جميل في دلالاته وعناوينه.
نعم .. الفن التشكيلي حالة من حالات التذكر والنسيان.. تذكر الأشياء والعناصر وكل ما يدعو للابتكار الملون في ضروب من تجليات الخطاب الجمالي والنسيان تجاه المحزن والمؤلم والمؤثر عميقا في الدواخل.
هي لعبة الفن قبالة ذواتنا الأخرى المفعمة بأثقال الحياة ومآسيها وجمالها أيضا، فالإبداع يكبر ويتجلى بمنسوب الصدق الدافع باتجاهه ومهما كانت الأحوال الحافة بالإنسان خيرها وشرها سعادتها وبؤسها أفراحها وأحزانها. يظل الإبداع الفني في قوة مرجه الناهض على الابداع واستحقاقاته فنيا ووجدانيا وإنسانيا. إنها فكرة الصدق الفني التي تشير إلى تجليها الإبداعي في شتى اعتمالاته.
هكذا نلج عوالم الفنانة التشكيلية سنية لخوة التي عانقت الرسم والتلوين منذ طفولة أولى وهي تلهو ناظرة إلى النبع. فائزة الأم والمدرسة والحياة . الأم التي تفننت بأناملها لتنجز لوحات وأعمالا فنية عميقة في فكرة جمالها وهي تثبت الأزهار والورود في اللوحات في لمسات فنية عاشقة للفن ومستلهمة من جماله وممكناته الجميلة. من فائزة الأم العالية كشجرة قديمة في شموخها. من هذا النبع وإليه لجأت الفنانة سنية جاعلة من التلوين ملاذا للنسيان وطي صفحات مشاعر اللوعة والأسى لرحيل الأحبة. نعم بالرسم تستعيد سنية كيانها في توازنه وتجليه. تفعل كل ذلك وهي تسافر بنا إلى عالمها الفني في لمساته التجريدية وبتلويناته المتعددة حيث اللوحة جمال تراه في بهاء حالاته.
وفي معرض نشاطها الفني وعن تجربتها يقول الفنان التشكيلي علي الزنايدي: "...تتسم أعمال سنية لخوة بالخيال والتلقائية والعفوية التي تنبع من أعماق وجدانها ولاشعورها. لها إمكانيات كبيرة للخوض في مغامرة الرسم ..".
ويقول عنها الفنان ابراهيم البهلول: ".. فسحة العيون في قراءات بين الألوان وانفعالات الفنان الموجعة .. تحلو المزارات لصدقها وشفافيتها وتنوع ألوانها المتناغمة.."

fine arts
الرسم عالمنا الجميل 

وعن تجربتها هذه تقول الفنانة سنية لخوة: الرسم عالمنا الجميل .. وبعد فقد عائلي محزن انخرطت في لعبة الفن هذه وهي لعبة جميلة ونبيلة وجدت فيها ملاذي وغصت في أعماق التلوين ومع كل لوحة أشعر بالراحة فالفن ملاذ وخلاص وشفاء من أمراض الزمن والحياة  وتنوعت لوحاتي ونزلتها في الفضاء الافتراضي لألمس حب الناس لها وتقديرهم لعملي الفني وبالتالي كان معرضي الأول بفضاء "كارمن" لكوثر الضاوي. ثم كان معرضي بفضاءات النادي الثقافي الطاهر الحداد. وكبر شغفي بالرسم وتطور نسق عملي بورشتي ببيتي. الفن بالنسبة لي تحقيق لنوع من التوازن في حياتي. وعندما ينتابني قلق ما أقف بورشتي أحاور القماشة لتنهمر عبارات الألوان في بياض اللوحة وهذا يجعلني أشعر بالارتياح ويمنحني جرعات أوكسيجين أحتاجها. وقد جاءت بعض لوحاتي بعد استماع للصراخ والجدل العقيم والضجيج في حصص تلفازية عن السياسة وشؤونها وفي هذا الخضم كانت لوحتي بعنوان "جوجمة". نعم الرسم ملاذ جميل أمام الفوضى والأحزان. لقد نهلت في حبي للرسم من تجربة أمي "فائزة" التي كانت تنجز لوحات وقد تعلمت منها شيئا من التعاطي مع الفن. 
أحب الموسيقى بشتى أنواعها خاصة حين أرسم وهذا يسعدني ويغير مزاجي للأحسن. التجريد الفني يمنحني الكثير من الأحاسيس والمشاعر ومع كل لوحة يتطور هذا الشعور الذي أنتشي به. أحلم بتشجيع الشبان والأطفال على ممارسة الرسم وهو عمل مهم في الحياة وبه يتربى الذوق السليم والوعي ...".
في لوحات الرسامة سنية لخوة عوالم تجريدية تلتقي فيها الألوان لتمتزج بحالاتها الوجدانية في تناغم يشي بعوالم التجريد المفتوحة على شتى القراءات والتأويلات. ومن لوحة إلى أخرى تبرز الرسامة لخوة تلوينات من مشاعرها وعوالمها وهي تبث فيها شيئا من موسيقاها وشجنها ومزاجها. الفن عندها وفي لوحاتها ملاذ غاية في الأمان والجمال.
وقد تعددت مشاركات الفنانة التشكيلية سنية لخوة ومنها الجماعية لنذكر مشاركتها حاليا في معرض جماعي يقيمه رواق الفنان محمد علي السعدي للفنون بضاحية قرطاج وهي تعد لمعرضها الخاص الذي ينتظمه رواق فني بالعاصمة في الفترة اللاحقة.