سوريا في طريقها إلى التخلص من النفوذ الإيراني

ما اتفقت عليه روسيا مع إسرائيل ليس مجهولا بالنسبة للحكومة السورية.

تحترم روسيا اتفاقها المبرم مع إسرائيل في ما يتعلق في الشأن السوري. وبالتأكيد فإن ما تفعله إسرائيل من قصف لمواقع عسكرية إيرانية داخل الأراضي السورية يقع ضمن ذلك الاتفاق ولا يخرج عن نطاقه.

روسيا أيضا ليست معنية بمحور المقاومة الذي تتزعمه إيران. ذلك أمر يقع خارج اختصاصها بعد أن صارت طرفا رئيسا في الحرب السورية التي ساهمت إيران وميليشياتها فيها. غير أن ما يعني روسيا بشكل مؤكد أن لا يكون هناك تهديد لإسرائيل من داخل الأراضي السورية.

في الوقت نفسه فإن روسيا تحترم اتفاقها مع الحكومة السورية وهي تعلمها بتطورات الموقف العسكري. لذلك يمكن القول بيقين إن كل ضربة توجه إلى المعسكرات ومخازن الأسلحة الإيرانية داخل الأراضي السورية لن تكون مفاجئة للحكومة السورية. ذلك لأن روسيا تعلمها بالحدث قبل وقوعه.  

ما اتفقت عليه روسيا مع إسرائيل ليس مجهولا بالنسبة للحكومة السورية.

لذلك ليس من المستبعد أن تكون الحكومة السورية موافقة على أن تقوم إسرائيل بما تعجز هي عن القيام به من أجل التخلص من الوجود العسكري الإيراني الذي لم يعد ضروريا.

لقد انتهى دور إيران وآن لها أن تنهي وجودها على الأراضي السورية.

طبعا المشكلة هي أكبر من أن يقوى النظام الحاكم في دمشق على حلها بشكل مباشر. غير أن كل المعطيات تشير إلى رغبته في أن يتخلص من ميلشيات إيران التي لم يعد هناك مسوغ لوجودها على الأراضي السورية.

كانت "شيعية" النظام مجرد كذبة. كذبة اتخذ منها النظام وسيلة لإغواء الإيرانيين من أجل التورط في حرب، يعرف أنها صارت محسومة للروس بحكم إصرارهم على الحفاظ على نفوذهم في سوريا. وهم علاوة على ذلك يمثلون الطرف الذي لا يشكل وجوده على الأراضي السورية استفزازا لإسرائيل، في حين يشكل الوجود الإيراني عامل ازعاج على المدى المستقبلي.

كان النظام السوري ماكرا حين لجأ إلى خدمات إيران وهو يدرك جيدا أن إيران، غير مرحب بها على الأراضي السورية من قبل إسرائيل بعد أن صار معلوما بالنسبة له أنه لا يملك حرية أن يستقبل من يشاء.

بالنسبة للنظام السوري فإن الوجود الإيراني سيكون ثقيلا في مرحلة لن يكون وجوده مهددا من قبل معارضيه الذين سحقتهم الجماعات الدينية المتشددة في مرحلة مبكرة من الحرب.

المؤكد أن إيران لا تقدم خدمات مجانية كما قد يكون النظام السوري قد توهم. فهي تخطط للبقاء على الاراضي السورية في مرحلة ما بعد الحرب وهو أمر فيه الكثير من الاحراج بالنسبة للدولة السورية. ذلك لأنه يضعف من سيادتها على أراضيها كما أنه يشكل عامل تحريض لإسرائيل لتوجه ضربات متقنة لسوريا بين حين وآخر.

وهكذا يشكل الوجود الإيراني في سوريا عنصر تهديد مزدوج، لن تقوى الدولة السورية الضعيفة على مواجهته والتخلص من اعبائه الثقيلة بنفسها.

لذلك تلقى الضربات الإسرائيلية التي توجه إلى المعسكرات ومخازن الأسلحة الإيرانية داخل الأراضي السورية ترحيبا صامتا من قبل الحكومة السورية التي صارت لا تعلق على تلك الضربات ولا تشير إلى إمكانية الرد عليها في الوقت المناسب كما كانت تفعل في السابق.

من مصلحة الحكومة السورية أن تترك إيران لقدرها. وهو قدر ينطوي على الكثير من التكهنات المأساوية. وإذا ما كنت إيران ترغب في استمرار وجودها على الأراضي السورية رغبة منها في التلويح بتمددها في المنطقة ونحولها إلى دولة "عظمى" فإن تلك الرغبة تصطدم بمسعى الدولة السورية إلى أن تستعيد جزءا من سيادتها المفقودة.

ولأن الحكومة السورية عاجزة عن التصدي المباشر لأطماع إيران كما أن روسيا لا ترغب في تحويل نفوذها على الأراضي السورية مناسبة للنزاع مع دولة الملالي فقد وجد الاثنان عن طريق الصدفة في الضربات الإسرائيلية ما يحقق هدفهما المشترك.