'سيرك' الأسدي ومناضلات تونس و'ماكبث' الحسيني

مؤتمرات صحفية تقديمية في مهرجان المسرح العربي لكنها لم تكتف بالتعريف والتقديم وامتدت لتقرأ أفكار المخرجين والمؤلفين والفنانين من صناع العرض.

على الرغم من كونها مؤتمرات صحفية تقديمية، أو لنقل بطاقة تعريفية خاصة للعروض المسرحية التي ستقدم في اليوم التالي لها، وليست جلسات نقدية للعروض ذاتها، إلا أن المناقشات لم تكتف بالتعريف والتقديم وامتدت لتقرأ أفكار المخرجين والمؤلفين والفنانين من صناع العرض، وهنا نتحدث عن مسرحية "سيرك" للمخرج العراقي جواد الأسدي، ومسرحية هاجة "بوابة 52" للمخرجة التونسية دليلة مفتاحي، وأخيرًا مسرحية "ماكبث المصنع" للمخرج محمود الحسيني المصري.

المؤتمرات الثلاثة التي أقيمت في اليوم الثاني لانطلاق مهرجان المسرح العربي في دورته الـ 15 التي تستضيفها سلطنة عمان، وأدارها المغربي أحمد طنيش، بدأت بمسرحية "سيرك" للمخرج جواد الأسدي الذي تحدث بالمشاركة مع الفنانة شذى سالم، حيث أكد الأسدي بأن مسرحية "سيرك" تقوم على فكرة أزلية وقديمة تأسست على جمالية فنية، وتعبر عن كيفية تأسيس إنسان من مستوى لآخر من الجمالية والفن، ابتعدت في كتاباتي عن البروباغندا، حيث أذهب للمسرح لكي أعطي نفسي إحساس بأني موجود في هذا العالم، ولا أنظر لهذا العالم بشكل بارد أو جامد، فالكتابة بالنسبة لي إخراجية ولا أذهب للكتابة للكتابة، وإنما لأدافع عن تلك المنطقة الإنسانية المعقدة، لأن فكرة المسرح هي كيف ترى تلك المنطقة بالزاوية التي تعتقدها. فأما عن ما يخص مسرحية "سيرك" فهي مأخوذه من إحساس شخصي وهو التعبير عن ما تُعانيه مجتمعاتنا من القسوة والعنف، وبالجانب الآخر ما تمتاز به مجتمعاتنا من الرحمة والعطف.

وأشار إلى أن الممثل بالنسبة له كمخرج هو مقدس للغاية، لأنه له علاقة قوية بالنص فهو الذي يجسد النص في العرض، بل يمكنني القول بأن الممثل هو النافذة الحقيقية للكتابة الجديدة.

وقال إن كون المؤلف هو مخرج النص فإنه يجد لذة في فكرة عملية الهدم ويبني ويحذف، هذه متعة لذوية في داخل البروفة، في حين مع كتابة أخرى ونص آخر يكون مترددا من باب أن ذلك قد يشكل تعديا أو مسح النص الآخر وتدميره، وأيضا يجد صعوبة في اللعب مع الممثلين على مناطق عالية فيما يخص الرؤية الإخراجية التي يعمل عليها، لذا أغلب المخرجين العرب يفضلون العمل على نصوصهم الشخصية، وهذا لا يعني أن هناك مخرجون يشتغلون على نصوص آخرى بدافع الإعداد ولكن نادرا ما يحافظ المخرجون في النصوص الآخرى على ماهية النص الأصلي.

ورأت الفنانة شذى سالم أن الفن هو الأساس بالنسبة لي، وهو من دفعني لاستكمال دراسته حتى نلت درجة الدكتوراة، كما أنني من عائلة فنية ووالدي مسرحي معروف ككاتب ومخرج، لذا فإنني تربيت منذ الصغر على حب المسرح، وهذا الحب ما جعلني أمشي في طريقي بشكل صحيح، أحب عمل الممثل، وأحب المخرج الذي يهتم بالممثل والذي يوجهه أثناء التمثيل، وهذا ما يمثله الأسدي كمخرج، فهو يصر على فترات طويلة قراءة الطاولة، لقد أمضينا كفريق عمل أربعة أشهر في جلسات قراءة طاولة في هذا العمل، ونؤدي الشخصية ونحن جالسين.

وأضافت أن العمل يحمل لغة بديعة، وأشعر أننا الآن بحاجة إلى أن نعيد جمال الكلمة العربية ومكانتها في المسرح العربي، لأن المسرح العربي مسرح كلمة تقف وتتحدث بها وتعطي تعبيراتك وطاقاتك الشعورية من خلالها.

مسرحية هاجة "بوابة 52" تونس

قالت دليلة مفتاحي مخرجة مسرحية هاجة (بوابة 52): أن العمل نتيجة بحث ميداني دام لثلاثة سنوات، أردنا فيه تسليط الضوء على المُناضلات الميدانيات اللاتي وقفن جنبا إلى جنب المناضلين من الرجال في دحر الاستعمار، ولكن غاب ذكرهن عن التاريخ النظالي الوطني وطوهن النسيان، لكن عملنا الميداني توصل عائلاتهن وتعرف على أحفادهن، الذين قدموا لنا وثائق ومخطوطات فهذه المسرحية تجسد التضحيات والجهود التي بذلتها المرأة التونسية خلال تلك الفترة من عام 1940 مرورا بالاستقلال وحتى ثورة 2011، مما يجعل من المسرحية عملاً فنيًا ذا قيمة تاريخية وثقافية، يعكس جوانب مهمة من تاريخ تونس ونضال شعبها.

 وأكدت أنها تركز على بطولات المرأة التونسية في مرحلة النضال الوطني حيث لعبت دورا حيويا في حمل السلاح والقنابل كجزء لا يتجزأ من المقاومة ضد الاحتلال، فالبوابة رقم 52 ليست مجرد موقع في المسرحية، بل ترمز إلى نقطة العبور بين الماضي والحاضر، حيث يتم استحضار الذكريات والتضحيات التي قدمتها المرأة من أجل الحرية والاستقلال.

"ماكبث المصنع"

يقول محمود الحسيني مخرج مسرحية "ماكبث المصنع": نحن فريق مسرح طب الفم والأسنان بجامعة القاهرة، قدمنا مسرحية ماكبث المسرح من خلال مهرجان الجامعة للعروض الطويلة 2024 وحصلنا على المركز الأول، بعد ذلك تم تصعيد المسرحية للمهرجان القومي المصري 2024 وكذلك حصلنا على المركز الأول، بعدها شاركنا في المهرجان التجريبي للمسرح بالقاهرة، وحصلنا على جائزة السينوغرافيا، ثم تم تصعيد المسرحية للمشاركة في المهرجان العربي هنا في مسقط، ونحن مستعدين لتقديم مسرحية تليق بحجم مهرجان المسرح العربي. وأما بالحديث عن المسرحية فهي تستلهم أحداثها من النص الأصلي لشكسبير، الذي يدور حول الجشع وسرقة أموال الغير والطموح المفرط والخيانة والدموية. ومع ذلك، فإن (ماكبث المصنع) تنقل هذه الأفكار إلى رؤية عصرية، من هنا غيرنا فكرة الحكم والمملكة إلى فكرة المصنع من خلال تحويل شخصية ماكبث إلى عامل أو مدير في مصنع، لتجسد مشكلة صراعه على السلطة داخل منظومة صناعية تتحكم فيها المصالح الاقتصادية والآلات.