سيصبرون عليهم أيضا

لدى النظام الإيراني تصور بأنه سيلقى معاملة مختلفة عن معاملة نظام البعث والقذافي.

مع تعالي نبرة التحدي من جانب القادة والمسٶولين الايرانيين وإيحائهم بأنهم لا يكترثون بالعقوبات والضغوط الاميركية والدولية، فإن هناك البعض ممن صاروا متأثرين مع هذه النبرة الى الحد الذي يعتقدون فيه إن إيران لو دخلت الحرب مع أميركا فإنها ستقف بوجهها ولن تسمح لها بأن تعيد وحلفاؤها سيناريو العراق وليبيا بإسقاط النظام في إيران.

هذه النبرة التي تتصاعد من طهران في وقت يعلم فيه معظم المراقبين والمحللين السياسيين المختصين بالشأن الايراني، من إنه ليس هناك من أي جديد يسند الموقف الايراني حتى يدفع بالنظام لإلتزام هكذا نبرة والقيام بحجز ناقلة نفط بريطانية، بل إن هناك تصريحات ومواقف روسية وصينية "تحذيرية" واضحة لطهران من خطورة المضي في الاتجاه المعاكس وتصعيد نبرة التحدي ولاسيما بعد إجراءاتهم الاخيرة بشأن رفع مستوى التخصيب أكثر من الحد المقرر، بمعنى إن روسيا والصين لا يزالان نفس موقفهما السابق وليس لديهم أية نية للإنحياز أكثر من ذلك.

ما هو سر هذا التصعيد الايراني إذن؟ إنه يرتبط بعاملين مهمين. الاول، يتعلق بالاوضاع المختلفة في إيران والتي يبدو واضحا إنها تتفاقم سوءا وإن النظام لا يوجد بيده من أي خيار لمعالجة هذه الاوضاع والتصدي لها بصورة تمنح طهران شيئا من الراحة والاطمئنان، خصوصا وإن حالة الاحتقان والغضب التي يعيشها الشعب الايراني وتصاعد دور المقاومة الايرانية داخليا وخارجيا وتزايد التصريحات والمواقف بإعتبارها بديلا للنظام. أما العامل الثاني فإنه يتجسد في خوف النظام من التعرض لناقلاته وزيادة التشديد والضغط عليه في مجال تصدير النفط وهو ما يعني إن الاوضاع المالية للنظام ستسير نحو الاسوأ وبالتالي فإنه سيكون لذلك المزيد من التأثيرات والتداعيات السلبية على مختلف الامور.

تصور النظام الايراني من إنه سيكون حالة مختلفة عن نظام البعث ونظام القذافي عندما تحديا الارادة الدولية وسارا في درب محفوف بالمخاطر والتهديدات، وعندما نستذكر ما قد جرى للنظامين الآنفين فإننا نجد إن المجتمع الدولي قد صبر عليهما كثيرا وأرخى لهما الحبل عسى ولعل أن يتراجعا عن تعنتهما ويستسلمان للأمر الواقعي ولكنها رفضا ذلك وأصرا على موقفيها ورفضا كل الحلول والخيارات المطروحة أمامهم تماما كما هو الحال مع النظام الايراني الذي يصر على موقفه ويرفض الاستماع والانصياع لكل الدعوات والمطالب التي تدعوه لعدم الانجراف وراء مواقف سوف يندم عليها لاحقا وإن تصوره بأنه يختلف عن النظامين آنفي الذكر، فإنه ذلك مجرد تصور فارغ وواه لا يمكن الاعتماد عليه خصوصا وإن العالم يعلم بأن المجتمع الدولي سيصبر على هذا النظام الى إشعار محدد كما صبر على غيره!