'سيكلوجيا الاستخبارات' تحت الضوء

كتاب الدكتورة أماني عبدالله يشرح كيف يعمل كبار مستشاري علم النفس منذ الحرب العالمية الأولى في الإشراف على الدراسات والبحوث وتنفيذ التجارب النفسية المتقدمة في معامل سرية خاصة أو في مراكز بحوث متقدمة في الجامعات للاستفادة منها في تطوير آليات للتحكم في عقول وسلوك الأفراد أو الجماعات.

عمان - صدر عن دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع كتاب "مطالعات في سيكلوجيا الإستخبارات" للدكتورة أماني عبد الله علي رئيس قسم الدارسات النفسية والاجتماعية في جامعة الرباط الوطني في السودان.

والكتاب يتكون من 11 فصلا يبدأ بتقديم مختصر لمدارس علم النفس الأساسية حتى ظهور مدرسة علم النفس العسكري في عام (1914) حيث يشرح تاريخ تطور هذه المدرسة مع توضيح مجالاتها الأساسية الثلاث: علم نفس القوات المسلحة/علم النفس الشرطي/علم النفس في الإستخباراتي.

يشرح الكتاب كيف يعمل كبار مستشاري علم النفس منذ الحرب العالمية الأولى في الإشراف على الدراسات والبحوث وتنفيذ التجارب النفسية المتقدمة التي تمولها الاستخبارات والقوات المسلحة، في معامل سرية خاصة أو في مراكز بحوث متقدمة في الجامعات للاستفادة منها في تطوير آليات للتحكم في عقول وسلوك الأفراد أو الجماعات من أجل صياغة تشكيل الطبيعة والإرادة البشرية أو ما  يعرف بالهندسة ‏السلوكية.

من خلال دور علماء النفس في الأتى:

علم النفس الاجتماعي:

يستخدم في الإشكاليات التي تنتج عن التعصب والتطرف والتلاعب بالحشود من أجل ضبط وتوجيه سلوك الجماعات في اتجاه محدد السيطرة لمنعها من القيام بأعمال غير مشروعة مثل أعمال الشغب والنهب أو في حالات الإعتصام أو الإضراب وفي ضبط سلوك العصابات طلب مكتب المعلومات الحربية الأميركية من الباحثة روث بندكت إعداد دراسة عن إمكانية استسلام اليابان بدون غزو شامل لها.

علم النفس الموازي:

أصدر الكرملين مرسوما يوجه بإنشاء مختبر خاص لدراسات القدرات الخارقة وإستخدام التخاطر، ونشر الكونغرس تقريراً يوضح كيف نجحت السي اي اي في إتمام عملية تخاطر بين شخصين احدهما على الأرض والآخر داخل أول غواصة نووية تبعد آلاف الأميال تحت الغطاء الجليدي القطبي. بالإضافة الى دراسات القدرات الخارقة والسحر في عقول وسلوك ممارسيها أو مشاهديها، وأصدر قائد عمليات الحرب النفسية في الجيش الأميركي كتاب بعنوان "من عمليات الحرب النفسية إلى الحرب الذهنية سيكولوجية النصر" دعا الى الإهتمام بالحرب الذهنية الاستراتيجية حالما تعتبر الحرب أمرا واقعا لا محالة قبل أن يلبس العسكريين بزاتهم العسكرية مما زاد من فاعلية أجهزة الاستخبارات العالمية.

القدرة على  الجلاء البصري تم إستخدامها عندما عين مجلس الاستخبارات العسكرية، رئيسا لإدارة وحدة المشاهدة عن بعد التي قامت بأول عملية تجسس ذهنية موثقة ضد الاتحاد السوفييتي ومعرفة أماكن الصواريخ الموجهة من مناطق عميقة تحت الأرض، وقام كارتر بأستخدام أكثر من 200 اختصاصي في علم النفس الموازي لرؤية مكان رهائن السفارة الأميركية في طهران، ومعرفة حالتهم الجسدية والنفسية عبر طريقة المشاهدة عن بعد.

قامت الاستخبارات الإسرائيلية بتجارب مكثفة على ذوي القدرات الخارقة الذين يهاجروا إليها بهدف رفع قدراتهم ويتم استقدامهم بتعاون مشترك بين أجهزة الاستخبارات العالمية، وكشف مجلس البحوث القومي في الولايات المتحدة أن في هذا المجال أعمق بكثير مما يتوقعونه، وإن روسيا وألمانيا استخدامنا تقنيات السحر عسكريا واستخباراتيا منذ الحرب العالمية الأولى وقد ناقش جورج بوش ذلك عندما كان رئيس وكالة الاستخبارات المركزية.

علم النفس المعرفي:

كان لدراسات الإدراك الحسي دوراً بالغ الأهمية في مسار المعارك الميدانية وكيفية إخفاء الجنود واستخدام الالوان في تمويه المباني والمعدات الى الدرجة التى تبدو فيها غير واضحة للأعداء، أهم التجارب كانت تجري في مركز بحوث الجيش الأحمر في مدينة لينينغراد وفي قسم خاص لابحاث الإدراك الحسي والاجتماعي والذكاء الاصطناعي في عملت قوات الدفاع الإسرائيلية.

علم نفس التعلم:

ظهرت كثير من الأبحاث العسكرية التي تستند على نظرية التعلم وتهتم باللياقة البدنية والنفسية وكفاءة اختبارات الشخصية والقياس النفسي في القوات المسلحة.

علم النفس الفسيولجي:

يعرف بـ"الأسلحة السايكوترونية" عمل علماء النفس على تصويب حزمة إشعاعية معينه الموجات الكهرومغناطيسية من مسافات جغرافية بعيدة جدا، على دماغ إنسان يعيش في منطقة تبعد مئات الكيلومترات للسيطرة على تفكيره وشخصيته وتغيير إنفعالآته ومزاجه ليحدث له إضطراب في السلوك أو في التفكير يدفعه الى القيام بأفعال متنوعة قد تصل الى الانتحار، كما يمكن استهداف أعضاء الجسم الحيوية لشخص بعيد بهذه الموجات فتظهر عليه أعراضا مرضية مختلفة مثل أزمة قلبية حادة أو فشل كلوي، كما يمكن أن تضرب هذه الموجات خلايا الجهاز العصبي بطريقة منتظمة، لتحدث تأثير حراري مهم في أنسجة مجموعة بعيدة من الناس فيتولد لديهم إحساس بأن أجسادهم تحترق بالنار فيبتعدون الى الهواء وتستخدم هذه الطريقة في السيطرة على التجمعات والاحتجاجات. كما يمكن القتل أيضا بدقة وصمت بتركيز موجات ضعيفة نسبيا تكفي لاحداث تأثيرات مميتة على مساحات صغيرة من الجسم مثل قاعدة الدماغ.

عمل الجيش البريطاني عمل بالتنسيق مع الاستخبارات الأميركية على إعداد نسخة متطورة من تقنيات أشعة الميكروويف لاستخدامها في زمن واحد للسيطرة علي مجموعات كبيرة مستهدفة من الناس مثل النساء المحتجات على استخدام السلاح النووي خارج قاعدة جرينهام الجوية وفي مناطق المتشردين في مدينة برايتون الإنكليزية التى ظهر فيها إرتفاع في حالات الوفيات بين الكاثوليك الذين كانوا مستهدفين في هذه المدينة أما بقية السكان فقد أصابهم شعور بالتوتر والقلق وعدم القدرة على النوم.

من أشهر تطبيقات الأشعة الكهرومغناطيسية التخفي الراداري حيث إختفت السفينة الحربية"USS Eldridge"  بعد توجيه أشعة معينة عليها في ميناء فيلادلفيا الحربي لتظهر فجأة في سواحل نورث فولك في فرجينيا، وبعد إطفاء الجهاز الكهرومغناطيسي عادت السفينة إلى الظهور في موقعها الأصلي واختفت من فرجينيا في نفس اللحظة، ولكن معظم طاقم السفينة كان قد اختفى ووجدت أجساد بعضهم متداخلة مع حديد السفينة، أما الذين وجدوا احياء فقد كانو يعانون من اضطراب وتشويش عقلى حاد وتم احتجازهم في مصحات عقلية لفترات طويله.

تحدثت  الدكتورة ديفيد كريش الأستاذة في علم النفس بجامعة كاليفورنياعن تقدم يفوق الخيال في البحوث العسكرية التى تمولها الحكومة سرا ويشرف عليها مدير الاستخبارات شخصيا.

في عام 1962 إشارة موسكو كانت من أشهر المواقف التى تورط فيها علماء النفس مع الإستخبارات، بدأت عندما اكتشف ضباط الاستخبارات في السفارة الأميركية في موسكو إشارات كهرومغناطيسية يوجهها السوفيت على مكتب السفير وكبار الإداريين ومكتب الاستخبارات، ولكن وزارة الدفاع الأميركية أمرتهم بالصمت لمعرفة نتيجة مايحدث.

بعد عامين بدأ العاملين في السفارة يفقدون التركيز العقلي والاستقرار النفسي ويثرثرون دون وعي، ثم يدخلون في حالة غيبوبة.

عندها تم إبلاغ  وزارة الخارجية الأميركية بما يحدث التي رفعت بدورها شكوى الى القضاء ضد الاستخبارات وكسبت القضية، وتمت إدانة العلماء المشاركين خاصة العالم جاكوبسون الذي أتهم بالاحتيال العلمي وألغي ترخيصه الطبي وحكم عليه بالسجن مع أنه  نال جائزة نوبل للعلوم  في نفس العام وتم إخضاع جميع موظفي السفارة للعلاج من قبل فريق طبي من جامعة جون هوبكنز.

اشتهرت دراسات علم النفس في الاستخبارات عن استخدام أجهزة التحفيز الكهربائي الآمن في الأعصاب العصبية للسيطرة على أعمال الشغب والغضب الجماعي وتغذية المعلومات ومعالجتها ومن ثم يتم صياغة استجابة والعمل عليها بعد تغيير معتقداته بسرعة كبيرة، وعدم ترك أي أدلة تثبت ذلك.

وقد تم استخدام هذه التقنية في التجسس وفي متابعة العملاء المزدوجين من الجواسيس لضبط تفكيرهم وسلوكهم ومزاجهم عن طريق التحكم عن بعد. كما تم توظيف أجهزة التحفيز الكهربائي للدماغ في إنتاج أحلام معينة لدى العملاء والجواسيس يتم التحكم فيها وتغيير مسارها في إتجاهات معينة.

علم نفس المرأة:

في بداية هذا القرن دخلت المرأة مرحلة المهنية المتقدمة والاحتراف في أعمال الاستخبارات، وأثبتت نجاحها بتخصصية وكفاءة عالية في الرصد والتحليل والتدريب وتقنية المعلومات والمجالات الهندسية والادارية المرتبطة بأعمال الإستخبارات، اعتمادا على مؤهلاتها العلمية ومقدراتها العقلية والنفسية وليس على مظهرها ولا على قدراتها الجسدية كما يعتقد الكثيرين.

القائد الفرنسي نابليون بونابارت كان من أوائل الذين اعتمدوا على نساء محترفات في استخبارات الجيش الفرنسي (1809)، باعتبارهم من أهم العوامل التي تساعد على تحقيق الأهداف القومية.

الرئيس باراك أوباما في مستهل ولايته الثانية، في 2013 أصبحت المرأة رئيسا لوكالة الاستخبارات الأميركية ومديرا لجهاز الاستخبارات البريطانية ونائب لمدير الموساد ونائب رئيس الأركان لشؤون الاستخبارات في وزارة الدفاع الأميركية.

أشهر النساء في هذا المجال مايا وهو الاسم السرى لألفريدا فرانسز بيكوسكي المحلّلة الثلاثينية في وكالة الاستخبارات الأميركية والتي كانت تعيش في إسلام أباد، وأمضت سنين تقتفي بإصرارٍ أثرَ أسامة بن لادن ومتابعة شركات البريد التي قد تؤدي إلى أسامه بن لادن حتى استطاعت فى الكشف عن مخبأه في أبوت آباد في باكستان.

في الدول الإسلامية والعربية، نجحت المرأة في أعمال الاستخبارات وذكر الأمير مقرن بن عبد العزيز الذي كان مديرا للاستخبارات السعودية إن النساء العاملات معه في هذا المجال يفتخر بهن، وتمت الإستفادة من تقاريرهن وتحليلاتهن واقتراحاتهن أفضل من الرجال بعشرات المرات (عبد العزيز، 2013).