شاهد كابور يقلب موازين البطولة في 'ديفا'
الرباط - تدور أحداث فيلم "ديفا" للمخرج روشان أندروز في إطار أكشن هندي، حيث يتتبع القصة لضابط شرطة لامع ومتمرد يكشف الستار عن شبكة من الخداع والخيانة أثناء تحقيقه في قضية رفيعة المستوى. العمل من تأليف سوميت أورورا، وبطولة كل من شاهيد كابور، بوجا هيغدي، بافيل جولاتي، برافيسش رانا، كبرا سايت، وأبهيلاش شودهاري.
يقدم فيلم "ديفا" تجربة سينمائية هندية مختلفة من حيث السرد السينمائي الغامض الذي يعتمد على فقدان الذاكرة كعنصر محوري. عندما يجد البطل نفسه أمام لغز معقد متعلق بمقتل صديقه المقرب، يجعله يواجه صراعًا مع المجرمين وبين ما يعتقده عن نفسه كضابط شريف وما تكشفه الحقائق تدريجيًا. الحبكة مصممة بعناية، إذ يتم الكشف عن المعلومات بإيقاع محكم يبقي المشاهد في حالة من الترقب. رغم وجود بعض التشابه مع فيلم "مومباي بوليس" لروهيت شيتي، إلا أن "ديفا" يتميز بمعالجة مختلفة وبأسلوب سردي أكثر حدة وديناميكية.
يبني الفيلم شخصياته بأسلوب اللغز الغامض الذي يجعل فريقًا من الشرطة يعملون ضد أنفسهم وليس صد المجرمين. يجسد شاهد كابور شخصية الشرطي التائه بين ماضيه المفقود وحاضره المليء بالعقد، فتطور الشخصيات يتم بطريقة تدريجية وواقعية، وتنكشف طبقاتها المختلفة مع تقدم الأحداث. كما أن الشخصيات الثانوية تلعب دورًا مهمًا في دفع القصة إلى الأمام، وتقديم أدلة متفرقة تربط المشاهد بمسار التحقيق في مقتل ضابط شرطة رفيع المستوى وتضيف طبقات جديدة من التعقيد للحبكة من خلال نزاهة الشرطة نفسها.
ينجح السيناريو في الحفاظ على إيقاع متوازن بين التوقع والترقب، ويعتمد على حبكة غير متوقعة وصادمة.
أسلوب السرد يعتمد على الفلاش باك بشكل مدروس، ويساعد في خلق رابط نفسي بين المشاهد والبطل، ويجعل عملية استرجاع الذكريات جزءًا من رحلة الاكتشاف داخل القصة البوليسية الملغومة. تبادلية الحوار كانت ماكرة وذكية في التلاعب بالجمهور، إذ يجعل ما توقعوا حدوثه لن يحدث أو العكس تمامًا. فهو يخلق التوتر النفسي للشخصيات وللجمهور أيضًا، وهذا المزج بين القصة القوية والسرد السينمائي القوي يجعل متابعة الأحداث تجربة غنية.
يثبت فيلم "ديفا" أن السينما الهندية قادرة على تقديم أفلام جريمة وغموض بمستوى عالٍ من الجودة، بعيدًا عن القوالب النمطية المعتادة التي تميز العديد من الأفلام التجارية الهندية. ينهج هذا التوجه نحو تقديم قصص أكثر تعقيدًا ونضجًا، تبتعد عن النمط المعتاد من الأغاني والرقصات التي تشتهر بها أفلام بوليوود. بينما نلاحظ أن العمل يعتمد على أغنية واحدة فقط ترويجيًا، وهذا يعد محتوى سينمائيًا أقل تشويشًا وأكثر عمقًا.
ومن الجدير بالذكر أن الممثل الهندي شاهد كابور يعد من بين الفنانين الذين اعتادوا مؤخرًا اختيار أفلام ذات جودة عالية بعيدة عن الأطر التقليدية التي تتسم بكثرة الأغاني والرقصات. رغم كونه مصمم رقصات بارع، ظل شاهد كابور لفترة طويلة يختار أفلامًا تتمتع بمحتوى غني ومتنوع، تتميز بقصص ذات طابع خاص ونفس طويل، مثل فيلم "كبير سينغ"، الذي جسد فيه دور جراح وشخصية سريعة الغضب تعاني من مشاكل في إدارة عواطفه، مما يجعله يتعاطى المخدرات والكحول، فتنقلب حياته رأسًا على عقب عندما تجبره حبيبته، بريتي سيكا، على الابتعاد عنها والزواج من رجل آخر رغم حبه العميق لها.
وفيلم "جيرسي"، الذي يحكي قصة واقعية للاعب الكريكيت أرجون تاولر، الذي يقرر العودة لأجواء اللعبة من جديد في سن السادسة والثلاثين من عمره بعدما اعتزل، حينما يبدأ في رعاية ابنه الشغوف باللعبة. وفيلم "حيدر"، وهو اقتباس عن مسرحية ويليام شكسبير "هاملت"، إذ يعود "حيدر" إلى مسقط رأسه في كشمير بعد تلقيه الأنباء عن اختفاء والده. ومع مرور الأيام يكتشف العلاقة التي تجمع بين والدته وعمه، وتتوارد الأنباء حول كون الأب قد مات ضحية لجريمة قتل، ويعلم "حيدر" مع الوقت أن عمه هو المسئول الأول عن هذه الجريمة.
يستخدم المخرج الهندي روشان أندروز تقنية الفلاش باك في مشاهد محورية مثل مشهد قتل الضابط الذي اكتشف خيانة صديقه، وأوضح تفاصيل الأحداث بشكل أكثر تفصيلًا، ليسمح للمشاهد بالتعرف على خيانة الصديق من خلال استرجاع اللقطات المفقودة.
ويضيف هذا العنصر طبقات من الكشف عن تلك المشاهد التي لا تبدو مكتملة، فيتحول كل لحظة من الفلاش باك إلى إيضاح حلقة غامضة في سلسلة التحقيقات التي يخوضها البطل.
ويكشف تفسير فقدان الذاكرة للبطل، الذي كان في البداية يظن أنه هو "ديفا"، ليتكشف تدريجيًا أن البطل كان جزءًا من لعبة نفسية محبوكة بين قول الحقيقة والصداقة وفقدان المهنة.