شعراء أردنيون يؤثثون أمسيات مهرجان المفرق الشعرية

مهرجان المفرق للشعر العربي يواصل فعالياته في المكتبة الوطنية وسط حضور لافت من المثقفين والإعلاميين والمهتمين.

تواصلت في المكتبة الوطنية فعاليات مهرجان المفرق للشعر العربي بدورته الثامنة، حيث أقيمت الأمسية الشعرية لمجموعة من الشعراء الأردنيين أدارت مفرداتها الأديبة عنان محروس، بحضور مدير المكتبة الوطنية الدكتور نضال العياصرة وعبدالله العويس مدير الدائرة الثقافية في حكومة الشارقة ومحمد القصير مدير الشؤون الثقافية بالشارفة وفيصل السرحان مدير بيت الشعر بالمفرق، مهرجان واصل النجاح تلو النجاح الكبير وبحضور لافت من المثقفين والإعلاميين والمهتمين.

القراءة الأولى استهلها الشاعر غازي الذيبة الذي قرأ غير قصيدة عاين فيها الشأن الفلسطيني وما يجري بغزة هاشم، وتأمل الستين من عمره، شاعر يأخذك إلى فضاءات اللغة ودهشة القول الشعري ممسكا بخيط قصيدته الذي يوصلنا إلى تجليات الروح وعذاباته.

من قصيدته "حرية.. غزة" نختار منها:

"فوق سمائك يا غزة/فوق عيون الأطفال الرضع في أحيائك/فوق الجثث المحروقة بالفسفور الأبيض في أرجائك/فوق الموت/فوق أغاني الصيادين على بحرك/فوق الصمت/فوق الليل المنتشر على الأرجاء فوق الأشلاء/فوق أهازيج النسوة في حقل الزيتون/فوق جنازير الدبابات المسعورة/فوق رقاب القتلة/صوتك يتزنر بأغاني البحر/وعلى كتفيك نجوم المُحترقين/فوق صواري سفن التواقين إلى الحرية/نشتعل زهورا من حب في أوراق التاريخ/ونكتب فوق الأسوار المحروسة بالألغام حرية".

أما الشاعر رشاد رداد شارك بمجموعة من القصائد التي عاين فيها قضايا إنسانية بلغة عبرت إرهاصات الواقع، لغة لا تحتمل التعقيد قريبة من المتلقي.

ومن قصيدته "الرمل" حيث يقول فيها:

"لا تترك شيئا يدل عليك/وواصلْ صعودكَ/سوف تنير دروبَك/مآذنُ وقريشٌ وراءك ترسل فتيانها/والفتية كمآنُ/في مكة ما زال القوم صرعى الطفلُ والطاعنُ/في البيداء/لا تطمئن لطيرٍ أو حجرٍ/أنت المنفيّ بذاكرة الرمل/والرملُ يا سيدي خائنُ".

من جهتها الشاعرة أميمة يوسف قرأت غير قصيدة لا تخلو من عنصر الدهشة حيث أمنعت في الشأن الأنثوي راسمة صورة مشرقة للمرأة الأم والمرأة المناضلة، شاعرة تفيض دهشة فتسكب علينا ماء القصيدة لنبقى مبللين برائحة الشعر الشفيف.

نختار مما قرأت هذا المقطع من قصيدة لها حيث تقول فيها:

"تُوَاتِينِي عَلَى مَضَضٍ سُطُورِي/تُراوِغُ في الغِيَابِ وَفِي الحُضُورِ/ولَمْ أَطْرَبْ لِأنْغَامِ القَوافِي/نَشَازٌ في نَشَاطِيَ أَوْ فُتُورِي/تُلاحِقُني اختناقاتي طويلًا/ويخذلني التردّدُ في شُعُورِي/كأنَّ تشابُكَ الأغصانِ أحيا/مواعيدَ التخاذُلِ في الجُذُورِ/فلم تُزهِرْ ببهجتها الليالي/لا ازدانت بخُضْرتها بكورِي/ولولا بسمة من ثغر طفلٍ/لما أشرقْتُ في صَحْوِ السُّرُورِ/ولولا رفة من زهر فُلٍّ/لما باحت بأسراري عُطُورِي/تُعذِّبُني الدقيقةُ كلَّ صُبحٍ/وتَخذُلُني بهاءاتُ العُصُورِ".

فيما قرأ الشاعر الدكتور عطا الله الحجايا مجموعة من القصائد القصيرة التي امتازت بعنصر السخرية اللاذع والذي يعبر حالات الشاعر التي يعايشها في الواقع، شاعر يمضي بنا إلى مساحات من التأمل في الشأن الإنساني فيبوح بما تختزنه الذاكرة في ثناياه.

من قصيدة له يقول فيها:

"لا تنكـــــروا منه الحنينَ وبــــوحَـه/هــشٌ ورمـــلُ الدّرب يجــرحُ روحَـه/يبــكي إذا مـرّت ريـاحُ حنـينِه/نحـوَ الجنوبِ وإنْ تنـسّمَ فـوحَـه/كم عاركَ الصحــراء ينزع شــوكَــها/من إصبعيه فمن سيفـهمُ نَــوحَه/في الصبح يُحـــرق دمعتين لذكرها/ فإذا تجــــافى القلبُ كـــسّر لوحَـه/الليل في عمّــــــان أثــــــقل قلــــــبه/من ذا يعيد إلى الغريب سفوحَه/والليل في عـــــمان بعض سبـــيله/حتى يلاقي في الجنوب صـبوحَه/يا غافـلا عنــــــها وأنت خدينـــــها/بُح سرّها الغافي وكن أنت بوحَـه".

واختتم القراءات الشعرية الشاعر حسام شديفات فقرأ مجموعة من قصائده التي يعتمل فيها الفكر واللغة العالية الموحية والمعبرة عن شؤون الذات الشاعرة والتي تشتبك مع المحيط المعاش، شاعر يمتلك حضورا لافتا من خلال نصوصه الشعرية وطريقة الإلقاء المدهش.

من قصيدته "بيتهوفن" نختار منها:

"جَسدٌ عَلى نوتاتِهِ يتراقى/ولذلكَ اتَّخذَ الحَمامَ رِفاقا/الأُغنياتُ البكرُ في صلصالِهِ كَبُرتْ فَشقَّت طينَهُ وأطاقا/كَمُسافِرٍ في الرِّيحِ/منذُ ركوبِهِ مُتشبِّثٌ حتَّى استحالَ فِراقا/ومَضى ولم يعثُر على البيتِ الّذي/صارَتْ تسمّيهِ الحياةُ زُقاقَا/متأمِّلاً بابَ الإلهِ مُحدِّقاً بالكونِ/يفتحُ للجِّهاتِ عِناقَا".