صواريخ حماس أم الكارثة الفلسطينية

كل ما تفعله حماس وتقوله انما يعبر عن اخلاصها للروح الاخوانية التي لم تعد تميل إلى اعتبار القضية الفلسطينية قضية مركزية.

الولايات المتحدة ودول أوروبا ودول أخرى في العالم خائفون على إسرائيل من صواريخ حماس التي لم تقتل حتى الآن مواطنا اسرائيليا واحدا.

في المقابل فإن تلك الصواريخ كانت مسوغا لشن حملات عسكرية إسرائيلية عديدة كانت نتائجها على الجانب الفلسطيني كارثية على الصعيدين البشري والمادي. وهو ما أدى إلى أن يكون الوضع الإنساني المزري في غزة سؤالا محرجا بالنسبة للمنظمات الدولية.

طبعا لا أحد حمل إسرائيل مسؤولية ما جرى ويجري لسكان غزة.

هناك مَن يقول إذا كانت حركة حماس التي خطفت غزة من حكم السلطة الفلسطينية وعزلتها بعد أن هيمنت عليها غير معنية بمصير سكانها المدنيين      

فهل يُعقل أن تكترث إسرائيل بذلك المصير وهي التي تسعى إلى "حماية مواطنيها" وهي كذبة زودتها حماس بكل عناصر ومقومات التصديق.

إسرائيل تكذب حين تبرر حروبها الوحشية ضد سكان غزة بحماية مدنييها غير أن حماس هي التي صنعت تلك الكذبة من خلال ما تحدثه صواريخها بدائية الصنع من إزعاج شبيه بالإزعاج الذي أحدثته مسيرات العودة.

سيُقال إن حماس لا تملك سوى أن تقوم بذلك مضطرة من أجل أن تلفت انتباه العالم إلى "الأزمة الإنسانية" التي يعيشها قطاع غزة المهمل والمنسي والغارق في مشكلات بنيوية لن تجدي المساعدات الدولية في حلها أو على الأقل تزيينها.

وفي ذلك القول كلمة حق يُراد بها باطل.

لقد انفردت حماس بغزة وجعلت منها مشكلة مستعصية على الحل في حين أن غزة هي جزء من كل هو فلسطين كما ينبغي أن يتم التعامل معها سياسيا وقانونيا. فالحل في غزة ينبغي أن يكون جزءا من الحل الفلسطيني الشامل في إطار تسوية عادلة.

وإذا ما كانت سلطة رام الله عاجزة عن استعادة القطاع تحت إدارتها فإن ذلك لا يحتم على الإسرائيليين أن يدخلوا في مفاوضات مع حماس ليقرروا مصير ذلك الجزء المنفصل بطريقة غير شرعية.

ثم أن حماس نفسها في الإطار التاريخي هي ليست جزءا من حركة التحرر الفلسطيني فهي نتوء نشأ برعاية دول إقليمية لأسباب عقائدية لا علاقة لها بالنضال الوطني الفلسطيني.

حماس كما هو معروف تنظيم حزبي أخواني.

كل ما تفعله تلك الحركة وتقوله انما يعبر عن اخلاصها للروح الاخوانية التي لم تعد تميل إلى اعتبار القضية الفلسطينية قضية مركزية بسبب انتقال التنظيم العالمي إلى مرحلة الأممية.

تلك مرحلة تفرض على فروع التنظيم ومن ضمنها حماس مهمات جديدة في سياق ما يُسمى بالأراضي المحررة وغزة هي واحدة من تلك الأراضي التي تعتبر محميات اخوانية.

لذلك فإن الفصل بين ما هو فلسطيني وما هو اخواني ضروري لمعرفة السر الذي يقف وراء الدعم المالي غير المحدود الذي تتلقاه حركة حماس من قبل دول وقوى دولية تتبنى الخط الاخواني في الوقت الذي تتاجر فيه حماس بحرمان فلسطينيي غزة وفقرهم وعوزهم ومرضهم واهمال العالم لهم وعجزهم عن مجابهة الهمجية الإسرائيلية.

في حقيقة الأمر فإن حماس هي واحدة من أكثر حركات التمرد ثراء في العالم. وهو ما تعرفه إسرائيل جيدا وتغض النظر عنه لأنها تجد ما يخدمها في الوضع الشاذ الذي خلقته حماس في غزة.

ما هو متداول عالميا أن إسرائيل تحارب الإرهاب مجسدا بحماس.

وهو ما يدفع الولايات المتحدة ودول أوروبية ودول أخرى في العالم إلى أن تقف مع إسرائيل من غير أن تتأمل عميقا المأساة التي يتعرض لها سكان غزة في ظل هيمنة تلك الجماعة الإرهابية على مصائرهم.

يكتفي العالم في النظر إلى غزة من جهة الإزعاج الذي تسببه صواريخ حماس للإسرائيليين، في حين كان عليه أن ينتبه إلى حجم الكارثة التي تمثلها حركة حماس بالنسبة لفلسطينيي غزة وللمسألة الفلسطينية برمتها.